مجلس حقوق الإنسان وآلياته
خالد الردعان
يعدّ مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة أحد أبرز الهيئات الدولية التي تُعنى بحماية وتعزيز حقوق الإنسان على المستوى العالمي من خلال آلياته المختلفة، ويؤدي المجلس دوراً حيوياً في متابعة الالتزامات الدولية للدول الأعضاء وإحداث تقدم ملموس في مجال حقوق الإنسان من بين هذه الآليات، ويأتي الاستعراض الدوري الشامل (UPR) كأداة رئيسة تهدف إلى مراجعة سجلات حقوق الإنسان في جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بشكل دوري، مما يتيح فرصة فريدة للمجتمع المدني والدول على حد سواء لتعزيز الحوار والتعاون في هذا المجال الحيوي.
تتحمل الدول مسؤولية كبيرة في الاستعراض الدوري الشامل، حيث يتم تقديم تقارير وطنية تدون بها التقدم في حالة حقوق الإنسان، بالإضافة إلى التحديات التي تواجهها في تنفيذ التزاماتها الدولية، ويعد هذا الاستعراض فرصة مهمة لكل دولة لتسليط الضوء على جهودها في تحسين أوضاع حقوق الإنسان على الصعيد الوطني، كما يتيح لها الاستفادة من توصيات الدول الأخرى والخبراء بهدف تعزيز الإصلاحات القانونية والمؤسسية اللازمة. علاوة على ذلك، يُعد الاستعراض الدوري الشامل آلية حوار وتفاعل إيجابي بين الدول، حيث يمكن لكل دولة تقديم توصيات إلى الدول الأخرى حول كيفية تحسين أوضاع حقوق الإنسان، هذه التوصيات ليست نقداً بناءً فقط، بل هي تعبير عن التزام المجتمع الدولي بالعمل المشترك لتعزيز حقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم.
أهمية مشاركة المجتمع المدني
لا يقتصر دور الاستعراض الدوري الشامل على الدول فقط، بل يؤدي المجتمع المدني دوراً جوهرياً في هذه العملية، حيث تُعد منظمات المجتمع المدني ركيزة أساسية في تقديم المعلومات والبيانات المستقلة حول أوضاع حقوق الإنسان في الدول المختلفة، فهي تعمل على تسليط الضوء على الانتهاكات التي قد لا تكون مذكورة في التقارير الرسمية، وتقدم مقترحات عملية للحلول.
وتتيح عملية الاستعراض الدوري الشامل للمجتمع المدني الفرصة للتعبير عن صوت الشعوب والمجتمعات التي قد تكون متأثرة بانتهاكات حقوق الإنسان أو التي تجد قصوراً ولم تجد آذاناً صاغية من الجهات المختصة، وهذه المشاركة تعزز الشفافية، وتدفع الدول إلى اتخاذ خطوات ملموسة لتحسين أوضاع حقوق الإنسان.
المشاركة الفعالة في مجلس حقوق الإنسان والاستعراض الدوري الشامل كلها تعود بفوائد عديدة على الدول والمجتمع المدني:
أولاً: تمنح الدول فرصة لتحسين سمعتها الدولية من خلال إثبات التزامها بحقوق الإنسان واستعدادها للتعاون مع المجتمع الدولي، كما تتيح لها تلقي المساعدة التقنية والدعم من الأمم المتحدة والدول الأخرى لتحسين قدراتها على الوفاء بالتزاماتها.
ثانياً: تسهم مشاركة المجتمع المدني في تعزيز مصداقية العملية وتحقيق تأثير ملموس على الأرض ولدورها في مراقبة الأوضاع وتقديم المعلومات المستقلة وبشكل حيادي، يُمكن للمجتمع المدني أن يضمن أن تكون التوصيات المقدمة خلال الاستعراض شاملة، وتعكس الواقع الحقيقي، وقد أثبتت المشاركات السابقة في أهمية المشاركة ومدى تحسن الأوضاع بعد ذلك.
ختاماً
ختاماً إن المشاركة في مجلس حقوق الإنسان وآلياته فرصة ذهبية للمجتمع المدني في إحداث إصلاحات وتعزيز حقوق الإنسان على المستويين الوطني والدولي، ومن خلال تعاون وحوار راق، ووفق آليات دولية بين الدول والمجتمع المدني مما ينعكس بشكل إيجابي على المجتمع وتطوره.
المصدر: جريدة الجريدة