بيان يوم السلام العالمي

الأربعاء،20 أيلول(سبتمبر)،2023

بيان
يوم السلام العالمي

يحتفل العالم يوم ٢١ أيلول/سبتمبر من كل عام، بيوم السلام العالمي. فقد أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة، عام ١٩٨١ بموجب القرار (٣٦/٦٧) تحديد هذا اليوم، ليكون مكرساً لتعزيز السلام بين الشعوب والأفراد، يتزامن الاحتفال بـ”اليوم العالمي للسلام ٢٠٢٣” مع مؤتمر القمة المعني بأهداف التنمية المستدامة، والذي يهدف إلى تقييم التقدم المحرز في تحقيق هذه الأهداف. ويحمل شعار هذا العام هو “العمل من أجل السلام: طموحنا لتحقيق الأهداف العالمية”، وهو يسلط الضوء على أهمية السلام لتحقيق التنمية المستدامة.
إن ثقافة السلام وقيمه، هي فعل تراكمي، وخلاصة الوعي بالحقوق والحريات، وتطور الإنسانية، وشرطه الأساسي وجوب التعاون بين الشعوب والمصالحة الوطنية في البلد المعني، وهي تعني التعددية، وتداول السلطة بالطرق السلمية، والمؤسساتية المدنية، والحذر من السقوط في الشمولية، وإتاحة الحرية للجميع للتعبير عن آرائهم في أمور السياسة والمجتمع، واحترام الحوار والرأي الآخر، وفصل الدين عن الدولة، والحل الديمقراطي للقضايا الوطنية..إلخ.
تمر الذكرى السنوية ليوم السلام العالمي على الشعب السوري هذا العام، وهو لا يزال يعاني من غياب السلام والأمان والاستقرار والطمأنينة، بسبب استمرار الأزمة، التي فرضتها السلطات السورية الحاكمة على الشعب السوري، منذ أكثر من سبع سنوات، لمطالبته بالحرية والديمقراطية والكرامة الشخصية، وكذلك انتشار المجموعات الإرهابية في طول البلاد وعرضها، حيث بلغت عدد ضحايا هذه الحرب التي استخدمت فيها الحكومة السورية جميع أنواع الأسلحة، بما فيها الأسلحة الكيميائية، التي وثقت تقارير المنظمات الحقوقية استخدامها أكثر من مرة، أكثر من نصف مليون شخص، ثلثهم من المدنيين، وأكثر من مليون جريح، والآلاف من المعتقلين والمختطفين والمختفين قسرياً، الذين تعرضوا ويتعرضون للتعامل اللاإنساني والتعذيب القاسي المفضي في كثير من الأحيان إلى الموت ومفارقة الحياة، وأيضاً الملايين من المشردين والمهجرين واللاجئين في داخل البلاد وخارجها، إضافة إلى الدمار والتخريب، الذي لحق بالمدن والبلدات والقرى السورية المختلفة، دون أن تلوح في الآفق بوادر واضحة لنهاية هذه المأساة الإنسانية السورية، في ظل تحولها – الأزمة – إلى صراع إقليمي ودولي، وفشل المجتمع الدولي في وقفها وإيجاد الحلول المناسبة لها. كما لا يمكن أبداً تجاهل الآثار السلبية لتغييب الديمقراطية عن الحياة العامة في سوريا بشكل عام، وإقامة النظم الديكتاتورية والعسكرية والاستبدادية، القائمة على فرض حالة الطوارىء والأحكام العرفية والقوانين الاستثنائية، التي أهدرت حقوق المواطنين وحرياتهم العامة، من حكوماتها المتعاقبة، ولجوئها إلى سياسة الظلم والاضطهاد، الناجمة عن التمييز وعدم المساواة بين المواطنين – بسبب الاختلاف القومي – وخاصة في المناطق المتميزة بالتعددية، وبالأخص منطقة “الجزيرة” – فيها كل مكونات سوريا تقريباً، القومية، الدينية، المذهبية، الطائفية، السياسية،.. – ومحاولة تغيير تركيبتها الديمغرافية، بتطبيق مشاريع العنصرية :الحزام العربي نموذجاً”، وتأليب مكوناتها ضد بعضها البعض، والتي خلقت بيئة غير صحية فيها، عرضت الأمن والسلم الأهليين والتعايش المشترك بين مكوناتها المختلفة لمخاطر جدية، ظهرت أكثر من مرة، وخاصة أبان الانتفاضة الكردية، احتجاجاً على سياسة الاضطهاد القومي المطبقة بحقه، في ١٢ آذار ٢٠٠٤ ما يفرض على المؤسسات السياسية والمدنية، التعامل معها بحذر وحرص شديدين، وتوفير العوامل التي تؤدي إلى تحقيق الأمان والاستقرار وصيانة السلام والعيش المشترك فيها، وتساهم في تطورها ونموها وازدهارها.
إننا في مركز عدل لحقوق الإنسان، إذ نحتفل فيه مع جميع شعوب العالم، بمناسبة يوم السلام العالمي، وتعزيز ثقافة السلام وقيمه، فإننا وفي الوقت نفسه نناشد كافة أبناء المجتمع السوري، بالدفاع عن السلم الأهلي والوقوف ضد الحرب والعنف، وضد ثقافة الكراهية والتمييز بكل أشكالها، ودعم مبادرات السلام وترسيخ مفاهيم المحبة والتآخي وأسس الشراكة في الوطن. وإننا نجد في هذه المناسبة فرصة جيدة لجميع الشعوب للانفتاح على بعضها، والتلاقي فيما بينها، حول الأفكار التي تمهد لعودة السلام الغائب عن عدد كبير من بلدان العالم – من بينها بلدنا سوريا – التي تعاني من الحرمان والتشرد والتهجير والاختطاف والاعتقال والتعذيب والقتل، بسبب الحروب وسياسات الأنظمة الديكتاتورية الفاشية والشمولية وانتشار الإرهاب بشكل مخيف ومرعب، وإننا ندعوا المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته ((جاء في ديباجة ميثاق الأمم المتحدة تجاه الكارثة السورية المستمرة منذ بداية عام ٢٠١١ وحتى الآن، بممارسة الضغط على الحكومة السورية، من أجل وقف العمليات القتالية، والبدء بالحل السياسي المستند للقرارات الدولية ذات الصلة، ووقف انتهاكات حقوق الإنسان، ومحاسبة مرتكبي جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، وإطلاق سراح كافة المعتقلين على خلفية آرائهم ونشاطاتهم السياسية والجماهيرية المدنية والحقوقية، والكشف عن مصير المختطفين والمفقودين والمختفين قسرياً، ورفع الحصار المفروض على المدنيين في المدن والبلدات السورية، وإطلاق الحريات الديمقراطية، وحل القضايا القومية للشعب الكردي، على أساس الاعتراف بحقوقه وفق القوانين والعهود والمواثيق الدولية.

٢٠ أيلول/سبتمبر ٢٠٢٣

مركز عدل لحقوق الإنسان

ايميل المركز:  adelhrc1@gmail.com
الموقع الألكتروني:  www.adelhr.org