سلام من عفرين يا برلين

الخميس،30 نيسان(أبريل)،2020

سلام من عفرين يا برلين

بشار جرار*

في غفلة من كوفيد التاسع عشر الذي ينهش الآن بلاده دون أن يوفر حليب الحمير وبول البعير له مناعة ولا لقاحا، أطلق سفاح العثمانيين الجدد كلابه الضالة على أيقونة الزيتون في سوريانا، عفرين الوادعة.
لم يكفه الغزو والتوغل والاحتلال، بل أمعن في الكشف عن وجهه القبيح هو وحفنة من الحرابيّ والأفاعي الذين يتلطون تارة بمعاداة “النظام” وتارة بالولاء للسلطان العثماني الجديد ولي نعمتهم إردوغان.
قبل أيام وجهت في مقالة عبر “سوريا الديمقراطية تايمز” الصادرة باللغة الإنجليزية عن بعثة إدارة منطقة الحكم الذاتي في العاصمة الأمريكية واشنطن، ناشدت فيها إدارة ترامب الذي انتخبته كعضو في الحزب الجمهوري وحلف الناتو والاتحاد الأوروبي ناشدتهم بالكف عن سياسة التسويف والإرجاء كونها في كثير من الحالات ومنها الوضع في “الشمال السوري” أشبه ما تكون بتمكين الطاغية العثماني الجديد من المباشرة في تنفيذ أطماعه الشريرة ومخططاته الشيطانية.
في مقالة اليوم عبر – قناة اليوم – وقد سررت بتصدرها القائمة في ثقة السوريين والمهتمين بالقضايا السورية، أخص في مناشدتي هذه برلين.
فكم يسعدني في هذه الأيام تنامي الأصوات الأمريكية التشريعية من الحزبين الديمقراطي والجمهوري في الدعوة إلى الاعتراف بإبادة الأرمن والتنديد بجرائم العثمانيين القدامى، لكن في الفرحة غصة عدم ربطها بشكل واضح بما يقترفه العثمانيون الجدد من فظائع بحق سوريا وليبيا عموما وأقليات أخرى، وما هي في حقيقة الأمر أقليات إلا نتاج الفاشية والنازية “القومجية” العربية و”القطبية الإخوانية” والتي لا تختلف في بذورها وثمارها عن القاعدة وطالبان والنصرة وداعش وبوكو حرام إلى آخره من سلسلة الإرهابيين التي ما كان لها لتطول لولا رابطها من الخونة والعملاء من محترفي الباطنية والتقية.
فسلام من عفرين يا برلين يصلك في هذه الأيام على هيئة أخبار عاجلة على شاشات التلفزة العالمية. لست أدري إن كانت “دوتشي فيله” قد تابعت فاجعتي الإنسانية كلها بفاطمة وعلي المسنين اللذين تمت سرقتهما والتمثيل بالجسد السوري الكردي الطاهر في إحدى أيقونات السلام في مشرقنا العظيم وسوريانا الحبيبة، عفرين.
أرجو زملائي القادرين على الترجمة أو إعادة النشر باللغة الألمانية أن يخبروا برلين وسيدتها وافرة الاحترام أنجيلا ميركل والشعب الألماني العظيم الذي يحزنه ما أقدم عليه الطاغية هتلر من جرائم بحق الإنسانية، أن يخبروهم بأن قتلة فاطمة وعلي كانوا “جيران” الشهيدين.
وما سلسلة الجرائم التي يقترفها هتلر هذا العصر ومرتزقته إلا تكرارا للخطيئة ذاتها. فليس كاتم الشهادة شيطان أخرس فحسب وإنما يداه اللتان خنقتا الشهيدة فاطمة وعلقتها فيما بعد على شجرة زيتون زرعها أجدادها الغر الميامين قبل قرون من سايكس وبيكو!
أولى الناس في التصدي للمجرم إردوغان هي ميركل، ففي بلادها ملايين المهاجرين القدامى والجدد العابرين بطرق شرعية وغير شرعية عبر الأراضي والمياه التركية. العبور الآن ليس من الشرق بل من الجنوب أيضا وقد طالت يد الغدر التركي وامتدت عبر طائرات ذات مقاعد “خضراء” ليبيا المنكوبة.
يا لسخرية القدر، سوريا وليبيا العضوان فيما كان يعرف قبل عقود ب”جبهة الصمود والتصدي” تنزفان الآن من الخنجر العثماني الغادر وبيد من؟ بيد حفنة من الغادرين الخونة.
هؤلاء يا سيدتي (ميركل) لا يؤتمن غدرهم أبدا، والواجب الإنساني كمحب لألمانيا يفرض علي النصح بتوخي الحذر من الغادرين وأسيادهم.
خير الدفاع في كل المعارك الهجوم، وأكثرها نجاعة ما تتطلبه معركة محاربة الإرهاب التي لم ولن يكتب لها النجاح ما لم تكن استباقية واستئصالية..

  • كاتب ومحلل سياسي
    المصدر: قناة اليوم