مجلس الأمن يتبنى قراراً حول مكافحة تمويل الإرهاب

متابعة مركز “عدل” لحقوق الإنسان

اعتمد مجلس الأمن الدولي يوم الخميس 28 آذار/مارس 2019، بالإجماع القرار (2462) حول مكافحة تمويل الإرهاب، شدد فيه على ضرورة الالتزام بالقضاء على تمويل الأعمال الإرهابية ومنعه، ودعا جميع الدول إلى الانضمام إلى الاتفاقيات والبروتوكولات الدولية لمكافحة الإرهاب في أقرب وقت ممكن.
وأكد القرار، الذي قدمت مشروعه فرنسا، أن المسؤولية الرئيسية في مكافحة الأعمال الإرهابية تقع على عاتق الدول الأعضاء، وقال إن: “الإرهاب بجميع أشكاله ومظاهره يمثل أحد أشد الأخطار التي تهدد السلم والأمن الدوليين وأن أي عمل إرهابي هو عمل إجرامي لا يمكن تبريره أيا كانت دوافعه أو توقيته أو مكانه أو هوية مرتكبيه”.
وخلال حديثه أمام جلسة مجلس الأمن حول مكافحة تمويل الإرهاب، قال “فلاديمير فورونكوف” وكيل الأمين العام للأمم المتحدة لمـكتب مكافحة الإرهاب إن اعتماد القرار يأتي في وقت حرج، حيث بينت الهجمات الأخيرة في جميع أنحاء العالم أن التدفقات المالية تستمر في الوصول إلى الجماعات الإرهابية بواسطة الوسائل القانونية وغير القانونية على حد سواء، مشيرا إلى أهمية تضافر الجهود لجذب انتباه العالم بشأن وقف تمويل الإرهاب.
وذكّر القرار “جميع الدول بالتزامها بكفالة تقديم أي شخص يشارك في تمويل أعمال إرهابية أو التخطيط أو الإعداد لها أو ارتكابها أو دعمها إلى العدالة، وضمان أن تعتبر هذه الأعمال الإرهابية جرائم جنائية خطيرة في القوانين واللوائح المحلية بالإضافة إلى أي تدابير أخرى ضدها وبأن تعكس العقوبات المتخذة بحق مرتكبيها على النحو الواجب خطورة هذه الأعمال الإرهابية”.
وبرغم تركيز العديد من قرارات مجلس الأمن على مكافحة تمويل الإرهاب، لكن هذا القرار بحسب “فورونكوف”، يساعد على توحيد المتطلبات المختلفة في مشروع واحد، ويوسع التركيز على القضايا الرئيسية الناشئة، بما في ذلك أنماط التمويل الإرهابي المبتكرة، معربا عن استعداد مكتب مكافحة الإرهاب لدعم الدول الأعضاء في تنفيذ هذا القرار.
ولاحظ القرار، مع بالغ القلق، أن الإرهابيين والجماعات الإرهابية يقومون بجمع الأموال عن طريق مجموعة متنوعة من الوسائل تشمل، على سبيل المثال لا الحصر، إساءة استخدام المؤسسات التجارية المشروعة، واستغلال الموارد الطبيعية، وإساءة استخدام المنظمات غير الربحية، والتبرعات، والتمويل الجماعي، والعائدات المتأتية من الأنشطة الإجرامية.
وأعرب القرار عن القلق من أن الإرهابيين قد يستفيدون من الجريمة المنظمة عبر الوطنية باعتبارها مصدرا للتمويل أو الدعم اللوجستي، مشددا على ضرورة تنسيق الجهود على كل الأصعدة المحلية والوطنية والإقليمية ودون الإقليمية والدولية بهدف التصدي لهذا التحدي.
وركز السيد “فورونكوف” في كلمته على ثلاث نقاط أساسية قال إنها تمثل أولوية في مجال مكافحة تمويل الإرهاب “أولاً – توسيع التركيز ليشمل عدة مجالات منها التبادل في مجال الاستخبارات، ثانياً – النظر إلى مسألة مكافحة تمويل الإرهاب باعتبارها حزمة تضم مجموعة متنوعة من الموضوعات ذات الصلة، ثالثاً – أهمية العمل عن كثب مع فرقة العمل المعنية بالإجراءات المالية بشأن المساعدة في بناء القدرات”.

وأعرب القرار كذلك عن القلق إزاء استمرار الإرهابيين ومؤيديهم في استعمال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، ولاسيما شبكة الإنترنت، من أجل تيسير الأعمال الإرهابية وكذلك استعمالها في التحريض على ارتكاب أعمال إرهابية أو تجنيد مرتكبيها أو تمويلها أو التخطيط لها.
المصدر: مركز أنباء الأمم المتحدة

بيان رداً على دراسة: “خطاب الكراهية والتحريض على العنف في الإعلام السوري”

صدرت في الفترة الأخيرة دراسة عن “المركز السوري للإعلام وحرية التعبير”، بعنوان “خطاب الكراهية والتحريض على العنف في الإعلام السوري”، ووفق ما جاء في ملخصها فأنها: (اعتمدت على المنهج الوصفي التحليلي والمنهج المقارن للوصول إلى النتائج باستخدام أسلوب العينة الحصصية لاختيار “24” وسيلة إعلام تمثل مجتمع البحث المكون من وسائل الإعلام السورية بمختلف أنماطها “المقروءة، المرئية، المسموعة”، وعلى اختلاف توجهاتها السياسية “موالية، معارضة، كردية”). مضيفاً: (أن أداة البحث فيها تمثلت في استمارة الكترونية للرصد تم تصميمها وفقاً لمتطلباته، ومعالجتها برنامجياً بناء على طبيعة وسائل الإعلام بمختلف أنماطها.. ). وأنها توصلت بالنتيجة إلى أن: (متوسط الاستخدام الأكثر لخطاب الكراهية والتحريض على العنف كان لدى وسائل الإعلام الموالية بنسبة “27,4%”، يليها وسائل الإعلام الكردية بنسبة “25,7%”، وجاءت وسائل الإعلام المعارضة في المرتبة الثالثة بنسبة “14,1%” من إجمالي المحتوى الإعلامي الذي تقدمه هذه الوسائل الإعلامية). وفسرت النتائج التي توصلت إليها بأنها: (ناجمة عن مركزية القرار الإعلامي بالنسبة لوسائل الإعلام الموالية الكردية، وبهامش الحرية بالنسبة لوسائل إعلام المعارضة لعدم خضوعها لأي سلطة مركزية تحدد اتجاهها العام أو سياستها التحريرية، إضافة إلى رقابة “الداعم/المانح”، الذي يفرض عليها إتباع المعايير الدولية للمهنية الصحفية، وعلى رأسها الالتزام بعدم استخدام خطاب الكراهية والتحريض على العنف.. ).
أننا في مركز “عدل” لحقوق الإنسان، نرى أن هذه الدراسة غير موضوعية ولا تعكس مطلقاً واقع وحقيقية الإعلام السوري، وفيها الكثير من التجني وعدم الحيادية والمواقف المسبقة سواء لناحية التصنيف أو المنهجية والأداة المعتمدة أو اختيار الكلمات والمصطلحات التي تدخل في سياق “خطاب الكراهية والتحريض على العنف”. وقد لا نستطيع في مثل هذا البيان المقتضب الدخول في تفاصيل جميع المغالطات العلمية والقانونية والاجتماعية..، التي وقع فيها القائمين على إعداد هذه الدراسة، مكتفين ببعض الإشارات التي لا بد منها، وهي: أين المنهجية العلمية منتصنيف وسائل الإعلام السورية على أساس ثلاث توجهات سياسية “موالية، معارضة، كردية”؟! وهل الغرض منه هو محاولة عزل الكرد السوريين عن محيطهم الوطني واتهامهم باللاوطنية؟ أم أن غرضه نفي التعدد القومي في سوريا؟ خاصة وأن التصنيف المذكور جاء على أساس سياسي وليس قومي، بمعنى أنها تحاول أن تقول أن الكرد في سوريا هم فئة سياسية ليس إلا، وأنها عندما تطرقت إلى اعتماد وسائل الإعلام الكردية النهج القومي، تناولت ذلك بشكل سلبي جداً وبناءً على مواقف مقولبة في الفكر، في الوقت الذي يفترض فيه أن كل من يتصدى لـ “خطاب الكراهية والتحريض على العنف” ويدعو إلى نبذه، يجب أن يقر بالأخر المختلف وينادي بالاعتراف بوجوده واحترام خصوصيته، وفق ما تنص علية القوانين والمواثيق والشرائع القانونية الدولية.
وما يؤكد أيضاً عدم حيادية الدراسة وتجنيها على الواقع ومزاجيتها واستنادها للولاءات المختلفة، أنها تحاول الإيهام بوجود هوامش للحرية يحيط بوسائل إعلام المعارضة؟! يقابلها قمع الحريات الإعلامية واعتقال الصحفيين في المناطق الكردية، وأن وسائل إعلام المعارضة تتقيد بمعايير المهنية الصحفية التي يفرضها (المانحين/الداعمين)، وتصوير وسائل الإعلام الكردية وكأنها من كوكب أخر لا يصل إليه الجهات المذكورة ولا يطبق عليها القوانين والمعايير الصحفية؟!
ومن جهة أخرى فقد أكدت – الدراسة – على أنه: (على المستوى السياسي تعتبر الفترة التي تمت فيها الرصد هادئة نسبياً من الناحية العسكرية والسياسية، حيث لم تشهد الساحة السورية خلال فترة الرصد معارك شرسة أو مجازر ضخمة بحق المدنيين أو سيطر لأحد أطراف الصراع على مناطق جديدة). علماً أنها قالت أنه: (تم بدء التحضير للمشروع في شهر كانون الأول 2017 وحتى التقرير النهائي الأول حول جولة الرصد الأولى في 29 حزيران 2018). وكلنا يعرف أنه في الفترة المذكورة وقع “العدوان” – توصيف قانوني دولي مثبت في القوانين الدولية، ولا يعكس أبداً خطاب الكراهية – التركي بالتعاون مع بعض “الفصائل المسلحة السورية” على منطقة عفرين الكردية السورية، ومن ثم “احتلالها” – وهو أيضاً توصيف قانوني مثبت في القوانين الدولية، ولا يعكس أبداً خطاب الكراهية – مع ما رافق ذلك ارتكاب مجازر كبيرة وتهجير وتدمير وتغيير ديمغرافي..، ولكن يبدو أن المعايير الصحفية والمهنية المفروضة على الجهة الصادرة للدراسة تفرض عليها تجاهل كل ذلك وتعتبره حدثاً عادياً وطبيعياً؟!
كنا نأمل في مركز “عدل” لحقوق الإنسان، أن تكون الدراسة الصادرة عن “المركز السوري للإعلام وحرية التعبير”، والتي تناولت “خطاب الكراهية والتحريض على العنف في الإعلام السوري”، دراسة علمية وموضوعية كما أدعت في مقدمتها، كونها بالفعل من أوائل الدراسات التي تتناول هذا الموضوع الهام والحيوي جداً..، وأن تساهم بشكل

جدي في الحد من هذا الخطاب المدمر، الذي لا يستطيع أحد أن ينكر وجوده وتغلغله بشكل خطير في المجتمع السوري، ولكنها للأسف الشديد وبدل أن تعالجه، أضافت إليه وزادته طينة وبلة.

26 آذار/مارس 2019 مركز “عدل” لحقوق الإنسان
أيميل المركز:adelhrc1@gmail.com
الموقع الإلكتروني: www.adelhr.org

ألمانيا: سورية ألمانية تحصل على “جائزة الثقافة والسلام”

متابعة مركز “عدل” لحقوق الإنسان

كرم مجلس “فيلا أيشون” في مدينة بريمن – ألمانيا، السيدة “ياسمينة حريتاني” ومنحها جائزة “الثقافة والسلام”، لهذا العام 2019. و “حريتاني” ألمانية من أم ألمانية وأب سوري، وهي من مواليد 1982. وبحسب صحيفة “النهار” اللبنانية، فقد حضر حفل التكريم جمع كبير من الألمان والمهاجرين السوريين والعرب.

وعدد محافظ ولاية بريمن، “كارستن سيلينغ”، معظم المحطات العلمية والثقافية والتطوعية لـ “حريتاني”، التي تشغل موقع رئيس جمعية الثقافة السورية في المهجر.

والجمعية هي غير ربحية تعمل منذ سنوات في حقل الاندماج بين المهاجرين والمجتمع الألماني، كما عملت على إدماج المدرسين المهاجرين السوريين في العمل التعليمي الألماني.

وعملت “حريتاني” تطوعياً في حقل خدمة اللاجئين، وأسست في عام 2016، مهرجاناً سنوياً للفنون في بريمن، حيث يتم فيه التواصل بين الفنانين والمثقفين السوريين والألمان، وتعرض فيه أهم النشاطات الفنية والثقافية السورية والألمانية.

يذكر أن “ياسمينة حريتاني” درست الأدب العربي والألماني والاقتصاد في ألمانيا، وتعد حالياً لنيل شهادة الدكتوراه في جامعة “أولدنبرغ”.

ثقافة السلام ومكافحة الإرهاب بالأمم المتحدة!

مركز “عدل” لحقوق الإنسان

تتضمن ثقافة السلام مجموعة من القيم ونماذج السلوك والمبادئ وأنماط الحياة, وذلك وفق تعريف منظمة الأمم المتحدة, و تستند ثقافة السلام على أسس أهمها:

أولاً: نبذ العنف وإنهاء مظاهره وتجلياته في مختلف مجالات الحياة, والترويج لعلاقات أساسها السلام واحترام الحياة, واللاعنف, وتبني أساليب التعايش والحوار السلمي والإقناع.

ثانياً: استراتيجيات التنمية السياسية التي تقوم على تخفيف مظاهر الفقر والأمية والجهل, وتحقيق مستويات معقولة من العدالة الاجتماعية, وتعزيز المشاركة والممارسة الديمقراطية, والوفاء بالاحتياجات الإنمائية والبيئية للأجيال الحاضرة والقادمة.

ثالثاً: حقوق الإنسان و حرياته الأساسية, فمن خلال تعزيز هذه الحقوق والحريات – وفق إعلان الأمم المتحدة لثقافة السلام – يتحقق مضمون هذه الثقافة.

تهنئة بمناسبة “عيد نوروز” العيد القومي للشعب الكردي

في الحادي والعشرين من شهر آذار/مارس، من كل عام، يحتفل الشعب الكردي في جميع أماكن تواجده التاريخي وفي الشتات والمنافي، بعيده القومي “نوروز”، والذي يرمز للحرية والسلام والعدالة والمساواة والخلاص من القمع والظلم والاضطهاد والاستبداد…

وبهذه المناسبة يتقدم مركز “عدل” لحقوق الإنسان، بأجمل التهاني والتبريكات، للشعب الكردي، متمنياً له تحقيق طموحاته وآماله القومية والوطنية الديمقراطية، وأن يعيش حراً سعيداً، أسوة ببقية شعوب وأمم العالم.

ومع حلول عيد “نوروز” هذا العام 2019، يكون قد مر عام كامل على العدوان التركي على منطقة “عفرين” الكردية، واحتلالها بالتعاون مع بعض ما تسمى بـ “المعارضة المسلحة السورية”، التي تعيش مأساة حقيقية بسبب جرائم القتل والتدمير والتهجير القسري والنهب والسلب..، التي ترتكب فيها من قبل تركيا وأدواتها المرتبطة بها، حيث أنها ترتقي إلى مستوى “جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية”.

مركز “عدل” لحقوق الإنسان، يعلن تضامنه الكامل مع منطقة عفرين وأهلها، معاهداً إياهم، العمل بكل الإمكانيات والطاقات للوقوف إلى جانبهم في محنتهم، والعمل على تعرية وفضح الجرائم والانتهاكات المرتكبة بحقهم، وإيصالها للجهات الحقوقية الدولية والإقليمية. كما ويطالب “المركز”، الجهات الدولية، بالعمل على حماية سكان حماية سكان عفرين ومنع تهجيرهم، وتأمين عودتهم إلى قراهم وبلداتهم، والإسراع في تقديم المساعدات الإنسانية لهم، وحمايتهم من حالات القتل والتعذيب والإهانة والاعتقال الممنهجة، التي يتعرضون لها، والعمل على منع عمليات التطهير العرقي والإبادة الجماعية والتغيير الديمغرافي للمنطقة.

 

20 آذار/مارس 2019                                       مركز “عدل” لحقوق الإنسان        

 

أيميل المركز:adelhrc1@gmail.com

الصّورة النمطية تؤطرها محاذير مقدّسة

صبري رسول

تُعَدّ منطقة الشرق الأوسط ومنها سوريا ضمن أسوأ المناطق التي يمكن أن تعيش فيها المرأة في العالم من حيث توفّر الحقوق والمشاركة والمساواة بين الجنسين، في محيطٍ مصحوبٍ بالمشاحنات والصّراعات المسلحة، قد يكون من المُنجَزات المستحيلة أن نجد المرأة تكسّر صورتها الضعيفة لتشقّ طريقاً خاصة بها.

هناك أسوارٌ قوية تمنع الأمنيات الفردية والجماعية من التحوّل إلى مشاريع تنموية قابلة للتحقيق، ليس غياب الإرادة القوية والرؤية السليمة أوّلها.

مع انفجار الإرادة الشّعبية المكبوتة في «تابوهات» الاستبداد الذكوري تزامناً ونتيجةً للثورة السّورية «المُختَطفة» بدأت المرأة تنفض عن نفسها صفاتٍ رسختْها ثقافةُ الاستلاب، والمفاهيم المترسّبة في وجدان المجتمع خلال مسيرة طويلة، وتطرحُ رؤية أكثر بلاغة وقوة من الخطابات الإنشائية المُلقى في مناسبات نسوية تتحايل بمعانيها على عواطفها، يُتقِنُ صياغتها كتّابٌ السّلطة.

وحدَه العمل النّسائي في الميدان يمزّق الصّورة النّمطية المحاطة بإطارٍ تراثيٍّ، معلّقةً في جدار الذّاكرة. فالرّجل لن يقبل بـ«النزال» مع المرأة في الميادين إذا لم تطرح نفسها كلاعبةٍ تنافسه في كلّ زاوية، ولن يكتمل مشهد الحياة من دونها، كما يبقى دفء السّرير ناقصاً بغيابها.

نقشَت ثقافةُ المجتمع المُستَلَبة صورةَ المرأة على سطح ذاكرة الزّمن ضعيفةً، تابعةً، لاتملك إرادة اتّخاذ القرار. فبدءاً من صورة النّساء المصاحبات للأمراء والسّلاطين في ليالي السّهر ومروراً بالإعلانات التّجارية كفراشات ناعمة تفضُّ بكارةَ السّلعة لتعيدَها ثانية إلى المستهلك عذراء، كما تفضُّ عذريتَها النظرةُ الاستهلاكية

للمجتمع الذكوري وانتهاءً بصورتها في المناهج الدّراسية، وفي التّاريخ المُتخيّل والصّراع القائم عليها في القصص والمرويات. يندهشُ المرءُ لجسدها البضّ المتماهي مع السّلعة؛ تلك مكيدةُ التّاجر مع مكيدة الجسد لخلق جاذبية لدى الطرائد «المستهلكين».

ثمّة عوامل قوية أنتجت هذه الصّورة العصية على المسح:

أولاً: التعليم والمجتمع: قد يكون هذا العامل من التّحديات الكبرى التي تواجه كسر الصّورة النّمطية، فلم تشهد الحياةُ عمليةَ تغييرٍ في واقع المرأة العربية والسورية عامة والكردية خاصة، كي تتغيّر تلك الصّورةالمُصَاغة من نظرة الفرد إلى الأنثى منذ أيام التّعليم الأولى، وفصل الإناث عن الذكور على أساس «الجندرة» وتشكيل الرّؤية عن تلك الأنثى في المناهج التّعليمية الابتدائية كتوزيع المهام التي ستصاحب الرّجل والمرأة طوال الحياة ((بابا يقرأ الصحيفة، وماما تغسل وتكوي)). وقد ارتبط واقع المرأة إلى حدٍّ كبير بهذه الصّورة «تغسل وتكوي» واكتمل رسمُها في ذهنية المجتمع ورسّختها وسائل الإعلام وما يُطرح فيها من برامج تحطُّ من قدرتها، وكأنّ القدرات العقلية لهما قد توزّعت بناء على تقسيم العمل بينهما في ذلك الكتاب «القراءة والغسيل». وهذه النّظرة تُصبحُ جزءاً من الثّقافة الشّعبية، وتأخذُ شيئاً من القداسة مع الزّمن، فتفكير

المجتمع قد يغرس حتى في ذهن النّساء أنّهن مخلوقات ضعيفة ولا يحميها غير الرجل، وتتحوّل الصّورة من الثقافة إلى سلوك مُمارَس، وتدفع المرأةَ نفسهَا إلى الوقوف ضد انعتاقها من هذه الذّهنية.

ثانياً: العامل الثّاني عدم استغلال الوسائل الإعلامية وخاصة وسائل التّواصل الاجتماعي: حيث لم تجرِ الاستفادة من الإعلام عامة، ووسائل التواصل الاجتماعي خاصةً لطرح قضايا أساسية للمرأة كالحريات والحقوق ودورها في بناء مشاريع تنموية للمجتمع، ومشاركتها في صنع القرار، ويتمّ الاكتفاء بقضايا ثانوية

عنها تتعلق بفنيات المطبخ وصالونات التّجميل والأزياء والعناية بالأسرة والأطفال كأقصى حدود رغباتها وطموحاتها. فتلعب هذه الوسائل دوراً كبيراً في تثبيت الصّورة النّمطية عن المرأة.

ثالثاً: قوة تأثير التيارات الدينية المتشدّدة: التي لا ترى المرأة سوى عورة، وتعطّل دورها وتأثيرها في الحياة، بوصفها كائنات تتبع الرّجل كظلّه، وتصدر تلك التّيارات أحكاماً قاسية بحقّها. ويبقى تأثيرها على واقع المرأة طرداً مع تأثيرها على المجتمع، إذ تلتزم أخيراً بالحدود التي يرسمها لها المجتمع، وتتحوّل مع الزّمن قناعة فلا تتخطاها.لا يمكن للنّساء تجاوز الصّورة النّمطية المُتشكّلة لدى المجتمع وقد أصبحت جزءاً من ثقافته بفعل عوامل كثيرة أسهمَت في تشكيلها وتثبيتها، إلا بتغيير تلك العوامل. إنّ الصّورة الطّاغية في أذهان النّاس عن المرأة وفي ثقافتهم وفي معظم وسائل الإعلام مازالت تنمّ عن ضعفها وعدم قدرتها على المساهمة في الشّأن العام، فهي صورة سلبية.

وعلى الرغم أنّ المرأة أصبحت جزءاً من برامج إعلامية كثيرة في الإذاعات والقنوات الفضائية والمواقع الالكترونية وبطرق عديدة إلا أنها لا تخرج عن الشّكل النمطي لها، وتبقى أسيرة الصّورة السّائدة، وغالباً تجعل منها جزءاً من السّلعة التّجارية.

كل أنواع الوسائل الإعلامية تساهم بترسيخ صورتها النّمطية عن طريق نشر المفهوم السّلبي عن دورها وتابعيتها سواء في أذهان الرجال الذين نهلوا من ثقافة «الرجل أقوى» أو في أذهان النّساء اللواتي يعتقدن

بصحة تلك الثقافة ويستسلمن إلى السكون وقبول الأمر الواقع  كنساء تابعات. وتكرارُ طرح الصّورة النمطية لها يخلق الانتاجَ نفسَه وبشكل أكثر سلبية.

وقد يندر أن نجدَ في الإعلام العربي أو الكردي صورةً للمرأة التي تجمع بين وظيفتها كأم، وطموحها كإنسان، علماً أنّ هناك نساء كثيراتٍ كسرنَ زجاج الخوف وخلعنَ عباءة التبعية للرّجل وإن كانت نسبتهن قليلة مقارنة بالمرأة النّمطية، ومعظم البرامج الإعلامية تستضيف الرجل ليحكي عن هموم المرأة، وتُغيّبها، وتغيب

عن المتلقي معرفةُ التحديات التي تواجه المرأة وتشعر بها. فما يتمّ استعراضه من قبل الرجال في الإعلام ليس سوى رؤية أحادية للمسألة، ويكون ذلك بعيداً عن الموضوعية.

ومنذ بداية عام 2012 انبثقت عشرات المنظمات والجمعيات والاتحادات والشبكات النسوية في سوريا، وكأنّ الثورة السورية كسّرت القمقم، منها «شبكة الصحافيات السوريات»، ومبادرة «شابات سوريات» بغية إشراك النساء في المناصب الحكومية، ومبادرة «لاجئات لا سبايا» لمناصرة قضايا النساء اللاجئات وكشف الانتهاكات الممارسة ضدهن في دول اللجوء، وشبكة «أنا هي» التي انبثقت عن حلقة سلام

عنتاب، و«اتحاد نساء كردستان» في الجزيرة وانخراط عشرات النّساء في المنظمات والجمعيات والمراكز النسائية والإعلامية للوقوف مع المجلس الوطني الكردي ضمن الائتلاف، وغيرها. وقد يكونُ المؤتمرُ التّأسيسي للحركة السياسية النسوية السورية في باريس 22-24 تشرين الأول 2017آخرَ جهدٍ لهنّ قبل هذا التّاريخ.

حاولت المرأةُ من خلال تلك المؤسسات رغم حداثة تجربتها إثبات شخصيتها وقدرتها في مواجهة التحديات والمشاركة في الشّأن العام وفي مراكز صنع القرار.اشتركت عشرات النّساء بجسارة في مظاهراتٍ تناشد الحرية والكرامة في شوارع المدن السّورية، واجهْنَ آلة النّظام في معتقلاتٍ، أخفُّ ساعة عليهن فيها هي وجبة التّعذيب، عشراتُ نساءٍ أخريات لمْلمنَ جراحَهن، وضعن ذكرياتهن في صررٍ، حملنَ أطفالهن، زحفنَ إلى بلادٍ أخرى متجاوزاتٍ أسلاك الحدود المُرعبة. عشراتٌ أخرى حطمْنَ ضروب الأسيجة الاجتماعية والعشائرية، وأسّسنَ جميعاتٍ واتحادات ومنظمات للبدء ببناء جديدٍ فكرياً وسياسياً وتنظيمياً، أضفْنَ على الحياة المهشّمة تحت جنازر الدبابات بارقاتِ أملٍ ذهبية. عشراتٌ حملْنَ الكاميرا والقلم نقلْنَ صورَ المعاناة إلى أصقاع جهات الرّيح، مناشداتٍ الضّمير الإنساني

لإنقاذ أشلاء بلادهن. عشراتٌ منهن تطوعْنَ في مراكز صحية ميدانية وفي مخيمات اللّجوء لتخفيف الألم عن الجرحى أو المرضى بعد إن جارت عليهن الزّمن.  عشراتٌ حملنَ البندقية حاربْنَ هنا وهناك.

لكن كلّ هذه المحاولات تبقى محدودة أمام «التابوهات» التي تؤطّر صورتها النّمطية، كإطار يحيط بصورةٍ ما معلقة في جدارٍ المجتمع؛ والحرّاسُ الأقوياءُ على صورتها ينتمون إلى أعرافٍ اجتماعية ومفاهيم خاطئة، تشجّعُهم في مهامهم الأوهامُ المتوارثة من قدسية قيمٍ قديمة، وبعض القوانين الحامية لتلك القيم.

أيمكن أنْ تستسلم المرأة لقفصٍ وهميّ صنعَه لها الرّجلُ مذ حلّت العورةُ في صوتِها، وفي جيدها ومشيتها. وأن تستسلمَ لمزاج الرّجل في المطبخ. هل عشقَتْ أصابعُها التطريزَ، واستعارَت «صبرَ أيوب» في تربية الأطفال.

أتستمرّ في فضّ ظلم السنين لتنافس الرجلَ في المبادرات الخلاقة في السّياسة والاقتصاد والإدارة، وتحتلّ مواقع متقدمة في مراكز صنع القرار أم سيخنقُها الخنوع وتصدُّها قوى المجتمع بعد تكلُّسِ فكرِه وعجزه عن تجديد نفسه؟

وقد تراهنُ المرأة على الثّورة السّورية لتمزّق مفاهيم عن الأنثى باتت من «التابوهات» واكتسبت مع الزمن عباءة القداسة. وبات الخروجُ عليها تمرّداً. 

———————– 

مداخل محفزة لـ “بناء السلام” في مناطق الصراعات

(الحلقة الأولى)

 

د. خالد حنفي علي

باحث في الشئون الإفريقية

 

تشكل قضية “بناء السلام” إحدي أبرز المعضلات التي تواجه الدول المأزومة بالصراعات، خاصة في مرحلة ما بعد الحرب. ذلك أن السلام -كمعني يستهدف أمن ورخاء وسكينة المجتمعات- ليس خيارا يسيرا كما إشعال الحرب، لأنه

يتطلب إحداث تغييرات عميقة في سلوك الأطراف المتنازعة، وأبنيتهم الاجتماعية المنتجة للعنف، بما يدفعهم إلي التعايش والتفاعل السلمي مع آخرين يختلفون عنهم في الأهداف والمصالح.

وبرغم أن ثمة اتفاقا في الأدبيات والممارسات العملياتية في مناطق الصراع حول أن “بناء السلام” Peacebuilding يستهدف بالأساس إقامة علاقات سلمية بين أطراف الصراع، بما يمنع أي ارتداد في المستقبل عن اتفاقات  وقف العنف، فإن ثمة اتجاهين أساسيين في هذا الشأن، هما:

1-  الاتجاه الأول، وهو الأكثر ذيوعا، ويحصر “بناء السلام” زمنيا وبرامجيا في ترتيبات ما بعد وقف الصراع المسلح، ويعني تشييد الهياكل والمؤسسات التي تساعد المجتمعات الخارجة من الحروب علي إزالة عوامل العنف. وفي هذا  الإطار، تظهر جملة من القضايا، والبرامج، والأنشطة، مثل إعادة بناء مؤسسات الدولة، وإصلاح البني التحتية المدمرة، وتسريح المقاتلين، وإعادة إدماجهم، وبناء المؤسسات القضائية والعدالة الانتقالية، وغيرها. وغالبا ما تتبني المنظمات  الأممية والإقليمية هذا الاتجاه لتمييزه عن مفاهيم أخري، كالدبلوماسية الوقائية، وحفظ السلام، وصنع السلام، كما تقضي “أجندة من أجل السلام” التي طرحها الدكتور بطرس بطرس غالي الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة في عام  .1992

2- الاتجاه الثاني والأخير، ويري بناء السلام من منظور أكثر شمولا وامتدادا في مراحل ومستويات الصراع المختلفة. إذ قد يسهم في جهود الإنذار المبكر، أو تهيئة وتأهيل المتنازعين لتقبل السلام، كما قد يستمر بعد توصل المتنازعين إلي  اتفاق لوقف العنف، عبر بناء الأطر والبرامج المختلفة لمنع الارتداد للصراع المسلح، كما يشملها الاتجاه الأول. وبهذا المعني الواسع، فعملية بناء السلام تشكل مسارا رابطا بين الأبنية القاعدية والفوقية في الصراعات من أسفل إلي أعلي  والعكس. أي بمعني أوضح، تخلق حواضن متدرجة دافعة للسلام في مراحل ومستويات الصراع المختلفة.

هنا، يتداخل بناء السلام مع مقاربات أخري، مثل منع الصراع، بل تسويته وتحويله، وإن كان يركز أيضا علي معالجة جذور العنف، ولعل ظهور الاتجاه الثاني جاء انعكاسا لتصاعد دور منظمات المجتمع المدني، سواء أكانت محلية أم  أجنبية، في مناطق الصراع، خاصة في مرحلة ما بعد الحرب الباردة.

وتعزي أهمية هذا الفهم لبناء السلام إلي أن الصراعات الداخلية صارت من التعقيد، والتمدد، والتقلب في دينامياتها داخل أبنية المجتمع وقضاياه (العدالة، الثروة، الهوية)، بما يصعب من تصور أن الاتفاقات السلمية لوقف العنف قد تكون  نقطة

بدء زمنية لمرحلة بناء السلام. فتلك الأخيرة قد تظل “عالقة”، أو حتي تبدأ برامجها وأنشطتها دون فعالية، لأن اتفاقات وقف العنف ذاتها قد تعاني تعطيلا عند إنفاذها، إذا ما نالت رفضا من بعض أطراف الصراع.

ويمكن الجمع بين اتجاهات فهم بناء السلام في مناطق الصراعات، والتي تقوم عليها فواعل رسمية وغير رسمية، عبر أكثر من منظور، الأول: ذو طبيعة بنائية، وتتعلق بإعادة بناء الدولة ومؤسساتها الأمنية، والسياسية، والقضائية،  والاقتصادية المدمرة في مرحلة ما بعد الحرب. الثاني: ذو طبيعة وقائية مستمرة تعمل علي بناء آليات للإنذار المبكر، تمنع تفجر العنف مجددا، كتدفق الأسلحة الصغيرة، وندرة الموارد، والهجرة، والنازحين وغيرها. الثالث: ذو طبيعة  تحفيزية وتأهيلية للسلام، وتتعلق أكثر بحفز وإعادة تأهيل البني المجتمعية قيميا، ونفسيا، وثقافيا باتجاه تكريس علاقات تعايش واستيعاب للآخر، وهو أمر يمتد في مراحل الصراع، وليس مقصورا علي لحظة وقف العنف.

كيف يمكن مواجهة التعصّب ؟

1)  مكافحة التعصّب تستدعي قانوناً :

إن كل حكومة مسؤولة عن إنفاذ قوانين حقوق الإنسان وعن حظر جرائم الحقد والتمييز بحق الأقليات ومعاقبتها، سواء ارتكبت على يد مسؤولين في الدولة أو منظمات خاصة أو أفراد. كما يجب على الدولة أن تضمن تساوي الجميع في الاحتكام إلى القضاء ومفوضي حقوق الإنسان أو أمناء المظالم، لتفادي قيام الأفراد بإحقاق العدالة بأنفسهم واللجوء إلى العنف لتسوية خلافاتهم.

2)  مكافحة التعصّب تستدعي التعليم :

إن القوانين ضرورية لكنها ليست كافية لمواجهة التعصب في المواقف الفردية. فغالباً ما يكون التعصب متجذراً في الجهل والخوف: الخوف من المجهول، من الآخر، من الثقافات والأمم والديانات الأخرى. كما يرتبط التعصب إرتباطاً وثيقاً

بشعور مفرط بالثقة بالنفس والغرور، سواء كان شخصياً أو وطنياً أو دينياً. وهي مفاهيم تدرس وتعلم في سن مبكرة. لذلك، لا بد من التشديد أكثر من قبل على توفير المزيد من التعليم والتعليم الأفضل وعلى بذل جهود إضافية لتعليم الأطفال التسامح وحقوق الإنسان وسبل العيش الأخرى. ويجب تشجيع الأطفال، سواء في المنزل أم في المدرسة، على التمتع بالانفتاح والفضول.

لذلك، فإن التعليم لا يبدأ أو ينتهي في المدرسة بل هو تجربة تستمر مدى الحياة. ولن تتكلل مساعي بناء التسامح عبر التعليم بالنجاح ما لم تصل إلى مجمل الشرائح العمرية وتحصل في كل مكان: من المنزل والمدارس وومكان العمل وصولاً إلى مجال تطبيق القانون والتدريب القانوني، وأخيراً وليس آخراً إلى ميدان التسلية وعلى الطرق السريعة للمعلومات.

3)  مكافحة التعصّب تستدعي النفاذ إلى المعلومات :

يصبح التعصب خطيراً فعلاً عندما يتم استغلاله لتحقيق الطموحات السياسية والأطماع بالأرض التي تنتاب أحد الأفراد أو مجموعات الأفراد. وغالباً ما يبدأ المحرضون على الكراهية بتحديد عتبة التسامح لدى العامة. ثم يطورون حججاً واهية ويتلاعبون بالإحصائيات وبالرأي العام من خلال نشر معلومات مغلوطة وأحكام مسبقة. ولعل الوسيلة الأنجع للحدّ من

نفوذ هؤلاء المحرضين تكمن في تطوير سياسات تولد حرية الصحافة وتعددها وتعززها من أجل السماح للجمهور بالتمييز بين الوقائع والآراء.

4)  مكافحة التعصّب تستدعي الوعي الفردي :

إن التعصب المتفشي في مجتمع ما هو الا حصيلة التعصب الموجود في أفراده. ويعتبر التزمت والتنميط والوصم والإهانات والدعابات العنصرية خير أمثلة على التعابير الفردية عن التعصب الذي يتعرض له الأشخاص يومياً. فالتعصب يولّد التعصب ويترك ضحاياه متعطشين للثأر. ولا يمكن مكافحة هذه الآفة إلا بوعي الأفراد للرابط القائم بين أنماط سلوكهم والحلقة المفرغة لانعدام الثقة والعنف في المجتمع. ويجب على كل فرد في المجتمع أن يسأل نفسه: هل أنا متسامح ؟ هل أميل الى تنميط الأشخاص ؟ هل أنبذ الأشخاص المختلفين عني ؟ هل ألومهم على المشاكل التي أواجهها ؟

5)  مكافحة التعصّب تستدعي الحلول المحلية :

يدرك معظم الناس أن مشاكل الغد ستأخذ طابعاً عالمياً يوماً بعد يوم لكن قلة تعي أن الحلول للمشاكل العالمية تبدأ بشكل أساسي على الصعيد المحلي، لا بل الفردي. فعندما نواجه تصعيداً في التعصب، لا يمكننا الوقوف مكتوفي الأيدي بانتظار

الحكومات والمؤسسات لتتحرك بمفردها. فجميعنا جزء من الحل ويجب ألا نشعر بالعجز لأننا نملك، في الواقع، قدرة هائلة لممارسة نفوذنا. ويعتبر العمل السلمي إحدى الوسائل المؤاتية لاستخدام هذا النفوذ، أي نفوذ الشعب، إذ أن أدوات العمل السلمي كثيرة تتراوح بين رص صفوف مجموعة ما لمواجهة مشكلة مطروحة وتنظيم شبكة شعبية وإبداء التضامن مع ضحايا التعصب وتكذيب الدعاية المغرضة، وهي في متناول كل من يرغب في وضع حد للتعصب والعنف والحقد.

—————————————–

منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة

البرلمان الأوربي: الهجمات التركية على عفرين تضيف بعداً جديداً للصراع في سوريا

متابعة مركز “عدل” لحقوق الإنسان

صادق البرلمان الأوربي يوم 15 آذار/مارس 2019، بأغلبية الأصوات على مشروع القرار الذي أعده تحالف “المجموعات الديمقراطية المسيحية والديمقراطيون الاجتماعيون والمحافظون والليبراليون والمنتمون إلى أحزاب الخضر” في البرلمان الأوربي.

ونص البيان على أن: “الاتحاد الأوربي قلق من تدخل تركيا في المناطق التي يديرها الكرد”. كما ويشير إلى أن “الهجمات التركية على عفرين تضيف بعداً جديداً للصراع في سوريا وتؤثر بشكل سلبي على الجهود المبذولة للتوصل إلى حل في سوريا وتؤثر على التوازنات الداخلية الدقيقة وتفتح الطريق أمام تزايد القلق”. وقد أشار القرار أيضاً إلى “قتل المدنيين” ودعا أنقرة إلى إيقاف هجماتها على عفرين.

ويوضح مشروع القرار المذكور، “أن البرلمان الأوربي يعبر عن تزايد قلقه من الحرب في سوريا ويدعو تركيا إلى سحب قواتها من عفرين”. ومن جهة أخرى يطالب القرار الأوربي بـ “محاكمة المسؤولين” عن “جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية” في سوريا، ويدعو الاتحاد الأوربي إلى اعتماد “إستراتيجية المحاسبة”.

 

بناء السلام وأهميته

 مركز عدل لحقوق الإنسان بناء السلام؛

عبارة عن مفهوم يحدد البُنى ويدعمها، وهي بُنى من شأنها تمتين السلام وترسيخه في سبيل تفادي العودة إلى الصراع. ومثلما ترمي الدبلوماسية الوقائية إلى الحؤول دون نشوب صراع معين، تبدأ عملية بناء السلام في أثناء سياق هذا الصراع لتفادي تكراره. وحده العمل المتعاون والدائم لحل المشكلات الإنسانية، والثقافية، والاجتماعية، والاقتصاديةالكامنة يمكنه تحقيق السلام على أسس ثابتة. وإذا لم تبدأ عملية إعادة البناء والتنمية بعدالصراع، فالمتوقع ألا يعمر هذا السلام طويلاً. إن بناء السلام قضية تعني كل البلدان في كل مراحل النمو. وبالنسبة إلى البلدان التي تخرج من حالة صراع، يمنح مفهوم بناء السلام فرصة إنشاء مؤسسات اجتماعية، وسياسية، وقضائية جديدة هي بمثابة القوة الدافعة نحو التطور. فيتم القيام بإصلاح الأرض، واتخاذ تدابير أخرىُ تعنى بالعدل الاجتماعي. ويمكن للبلدان التي تمر في مرحلة انتقالية اعتماد تدابير بناء السلام بصفتها فرصة لوضع أنظمتها الوطنية على طريق النمو المستدام. تكمن المهمة الفورية لبناء السلام بتلطيف تأثيرات الحرب في السكان. وتتمثل مهماتها الأولى في المساعدات الغذائية، ودعم الأنظمة في مجالي الصحة والنظافة، وإزالة الألغام، ودعم المنظمات الرئيسة على الصعيد اللوجستي. وفي هذه المرحلة أيضاً ، من الأهمية بمكان أنُ تبذل الجهود الرامية إلى تلبية الحاجات الفورية بطرق تعزز أهداف التطور الطويلة الأجل عوضاً عن المجازفة بها. وفيما يجري توفير الغداء، يجب التركيز على إعادة قدرات إنتاجه. وبالتزامن مع تسليم إمدادات الإغاثة، يجب إيلاء الاهتمام لتشييد الطرقات، وترميم منشآت الموانئ وتحسينها، وإقامة مخازن في المنطقة ومراكز للتوزيع. يمكن لعملية بناء السلام أن تطرأ في أي مرحلة من مراحل الدورة المتصاعدة. فإذا لم تأخذ الدبلوماسية الوقائية مجراها عند أول مؤشر إلى الاضطراب، وبقيت المشكلات من دون تقويم، يمكن حينئذ لعمليات التحول، في مراحل النزاع المتطور الأولى، أن تتخذ شكل إنذار مبكر يستدعي تطبيق تدابير وقائية مناسبة. وفيما تتصاعد وتيرة النزاع ) ولا سيما إذا استحال عنفاً(، قد تتوقف عملية التحول على نوع معين من إدارة الأزمات أو التدخل، الأمر الذي قد يتطلب لاحقاً المصالحة، والوساطة، والمفاوضة، والتحكيم، وخطوات مشتركة لحل المشكلة. وفي النهاية، طبعاً، تشتمل عملية التحول على إعادة الإعمار والمصالحة. تتلخص استراتيجيات بناء السلام في كامل العمليات التي تسعى إلى التعاطي مع أسباب النزاعات والأزمات العنيفة الكامنة في سبيل ضمان عدم تكرارها، وهي تهدف إلى تلبية الحاجات الأساسية للأمن والنظام، والحماية، والطعام، واللباس. فما تقوم به معظم المجتمعات بصورة عفوية هو بناء السلام – أي تطوير الأنظمة الوطنية والدولية الفاعلة الصانعة للقرار، وآليات حل النزاعات وتدابير التعاون لتلبية الحاجات الإنسانية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية الأساسية، وتسهيل المواطنة الفاعلة. تجري عملية بناء السلام على الأصعدة كافة في الموطن في الجماعة، على المستويين الوطني والدولي. ومنها على سبيل المثال، وضع أنظمة ضبط التسلح في مكانها، وزيادة أعداد آليات بناء الثقة كمحاولات تضمن التعاون والسلام في الصفقات الوطنية والدولية. كذلك هي الحال مع المبادرات في داخل البلاد التي ترمي إلى تقليص الفجوات بين الغني والفقير، ونشر مبادئ حقوق الإنسان الأساسية بين الشعوب كافة، وبناء عمليات التنمية المستدامة. تتضمن استراتيجية بناء السلام في فترة ما بعد النزاع ستة عناصر رئيسة: – إعادة إطلاق الاقتصاد الوطني؛ – استثمارات لامركزية مؤسسة على الجماعة؛ – إصلاح شبكات الاتصالات والمواصلات الرئيسة . – نزع الألغام ( من المواقع المناسبة والمرتبطة باستثمارات أولية أخرى ) . – تسريح المقاتلين السابقين وإعادة تأهيلهم . – إعادة دمج السكان المهجرين . تعتبر عملية بناء السلام متممة لعملية حفظ السلام. إذ يتطلب فض النزاع بذل الجهود على مستويات عدة. ففي حين يقتصر حفظ السلام على قوات عسكرية تمثل طرفاً ثالثاً في محاولة لاحتواء العنف أو الحؤول دونه، يشتمل بناء السلام على مبادرات مادية، واجتماعية وبنيوية من شأنها أن تساعد على إعادة الإعمار وإعادة التأهيل. فمعظم عمليات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة تستتبع عملية بناء السلام إلى حد معين.