مفهوم ومؤشرات التنمية البشرية المستدامة

حسين أحمد دخيل السرحان

تمهيد:

عٌدت موضوعة التنمية البشرية من الموضوعات المهمة عل الصعيد العالمي والتي اكتسبت اهتماماً كبيرا من قبل الباحثين سيما في العقود الأخيرة من القرن العشرين، وتطور مفهوم التنمية البشرية مع تطورات نظريات التنمية نفسها ونظريات النمو الاقتصادي . وهناك اعتراف اليوم بهذه التنمية البشرية على اعتبار أنها حاسمة بالنسبة للتنمية الاقتصادية وبالنسبة للتثبيت المبكر للسكان.

وفي كل مرحلة زمنية كان مفهوم التنمية البشرية يعكس حالة جديدة بحسب التطور والتقدم التي تمر بها المجتمعات . وتطور مضمون التنمية البشرية مع تطور التسميات، فخلال عقد الخمسينات من القرن الماضي أرتبط المضمون بمسائل الرفاه الاجتماعي، ثم تطور ليركز على مسائل التدريب والتعليم ومن ثم إشباع الحاجات الإنسانية إلى إن وصل إلى تسعينيات القرن الماضي ليحمل تشكيل القدرات البشرية وتمتع البشر بقدرتهم المكتسبة. ولقد أكتسب مفهوم التنمية البشرية اهتماماً خاصاً ومتزايداً منذ عام 1990 عندما قام البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة بتكوين فريق من الخبراء للبحث في مفهوم التنمية البشرية وتقديم تقرير سنوي عنهُ.

أولاً: مفهوم التنمية البشرية:

نتيجة للأزمات الاقتصادية والتي سادت دول نامية عدة وما رافقها من تكاليف اجتماعية باهضة عادت بالأثر السيء على البشر ونشاطهم وضعف إنتاجيتهم نتيجة تبني معظم هذه الدول لوصفات جاهزة أجبرتها على إتباع سياسات اقتصادية تحررية لا تتلاءم معها من قبل صندوق النقد والبنك الدوليين سميت (بسياسات الاصلاح الاقتصادي والتكييف الهيكلي). لذا كرّست برنامج الأمم المتحدة الإنمائي على الجوانب الإنسانية للتنمية وزيادة الرفاهية الإنسانية وتوسيع خيارات الإنسان ومهاراته.

عرف تقرير التنمية البشرية الصادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في عام 1990 التنمية البشرية على أنها ” عملية توسيع اختيارات الشعوب ” ([1]) . وطبقا للاقتصادي الهندي (أمارتيا صن Amartia Sen) فأن حرية الاختيار هي صلب الرفاهية الإنسانية، والتي تتم من خلال تعزيز قدرات الناس لتحقيق مستويات اعلى من الصحة والمعرفة وأحترام الذات والقدرة على المشاركة في الحياة الاجتماعية بشكل نشيط، وكذلك تأكيده بأن مستوى المعيشة لا يُقاس بالدخل الفردي واستهلاك السلع بل يُقاس بالقدرات البشرية، أي ما يستطيع الفرد عمله وان توسيع هذه القدرات يعني حرية الاختيار. والخيارات التي يؤكد عليها مفهوم التنمية البشرية هي: ([2])

العيش حياة طويلة وصحية.

الحصول على المعارف.

الحصول على الموارد الضرورية لتوفير مستوى المعيشة المناسب.

ولا يقتصر مفهوم التنمية البشرية على هذه الخيارات فحسب بل يتعداها الى خيارات اوسع، ومن بين هذه الخيارات، الحريات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية والتمتع باحترام الذات والتمكين وفرص الإبداع والإنتاج، وضمان حقوق الإنسان وغيرها. ([3])

وللتنمية البشرية جانبان: الأول، بناء القدرات البشرية لتحسين مستوى الصحة والمعرفة والمهارات. والثاني، انتفاع الناس من قدراتهم المكتسبة في وقت الفراغ ولأغراض الإنتاج والنشاط في مجال الثقافة والمجتمع والسياسة . لذا فأن الدخل ليس الا واحداً من الخيارات وان الزيادة السنوية في الناتج القومي هي شرط ضروري للتنمية البشرية ولكنها ليست شرطاً كافياً. والمهم أن تخدم التنمية الناس. ([4])

ثانياً: مفهوم التنمية المستدامة:

في عام 1987 استخدم المجلس العالمـي للبيئـة والتنميـة مفهـوماً جديداً هو التنمية المستدامة .

وبدأت هذه الدعوة بعدما لوحظ بأن عملية التنمية الاقتصادية وفي اغلب مراحلها تعمل على تدمير البيئة وتلويثها وتستهلك المواد الناضبة، وأن الفقراء هم الذين يعانون من ذلك بشكل كبير من خلال التلوث والمستوى الصحي المتدني ومياه الشرب الملوثة وغياب أو قلة الخدمات الأخرى الأساسية وذلك بسبب التصنيع والتحضر. فالبيئة الملوثة لا تهدد حياة الناس الفقراء فحسب بل وأطفالهم كذلك. ولهذا فان مواجهة حاجات الفقراء في الجيل الحالي ضرورية من اجل الحفاظ على حاجات الجيل القادم . ([5])

لذا يمكن تعريفها بأنها: عملية يتناغم فيها استغلال الموارد وتوجيهات الاستثمار ومناحي التنمية التكنولوجية وتغير المؤسسات على نحو يعزز كلاً من إمكانيات الحاضر والمستقبل للوفاء بحاجات الإنسان وتطلعاته. كما تعرف أيضا بأنها التنمية الحقيقية ذات القدرة على الاستمرار و التواصل من منظور استخدامها للموارد الطبيعية والتي يمكن أن تحدث من خلال إستراتيجية تتخذ التوازن البيئي كمحور ضابط لها  لذلك التوازن الذي يمكن أن يتحقق من خلال الإطار الاجتماعي والبيئي والذي يهدف إلى رفع معيشة الأفراد من خلال النظم السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي تحافظ على تكامل الإطار البيئي . ([6])

وقد اكتسب تعريف هيئة (براند تلاند) للتنمية المستدامة شهرة دولية في الوسط الاقتصادي منذ بداية الحوار حول ذلك المفهوم, حيث ظهرت في تقرير تلك الهيئة المعروف بعنوان (مستقبلنا المشترك في عام 1987) محاولة لتعريف التنمية المستدامة” بأنها عملية التأكد أن قدراتنا لتلبية احتياجاتنا في الحاضر لا تؤثر سلبياً في قدرات أجيال المستقبل لتلبية احتياجاتهم”. وقد عرفها أيضاً “بأنها عملية التفاعل بين ثلاثة أنظمة: نظام حيوي, نظام اقتصادي, نظام اجتماعي” . كما تركز الاستراتيجيات الحديثة المرتبطة بقياس الاستدامة على قياس الترابط بين مجموعة العلاقات والتي تشمل الاقتصاد واستخدام الطاقة والعوامل البيئية والاجتماعية في هيكل إستدامي طويل المدى. ([7])

ويركز مفهوم التنمية المستدامة على المواءمة بين التوازنات البيئية والسكانية والطبيعية، لذا تُعرف بأنها التنمية التي تسعى إلى الاستخدام الامثل وبشكل منصف للموارد بحيث تعيش الأجيال الحالية دون إلحاق الضرر بالأجيال المستقبلية. كما تعالج التنمية المستدامة مشكلة الفقر المتعلق بالسكان، لأن العيش في بيئة من الفقر والعوز والحرمان يؤدي الى استنزاف الموارد وتلوث البيئة. عليه فان التنمية المستدامة جوهرها الإنسان كما هو الحال مع المفهوم الأساسي للتنمية البشرية. وعليه فقد أضيف مفهوم التنمية المستدامة الى مفهوم التنمية البشرية ليصبح مفهوم التنمية البشرية المستدامة.

وهذه الرؤية الجديدة للتنمية التي أطلقها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في تقرير التنمية البشرية  لعام 1993والتي تضع الإنسان في أولوية أهدافها وتصنع التنمية من أجله. قد عرف التنمية البشرية هي تنمية الناس من اجل الناس بواسطة الناس . وتنمية الناس معناها الاستثمار في قدرات البشر، سواء في التعليم أو الصحة أو المهارات حتى يمكنهم العمل بشكل منتج وخلاق. والتنمية من اجل الناس معناها ضمان عدالة التوزيع لثمار النمو الاقتصادي الذي حققوه توزيعاً عادلاً . وأما التنمية بواسطة الناس، أي إعطاء كل امرئ فرصة المشاركة فيها. ([8])

في هذا الإطار يعد مفهوم التنمية البشرية مفهوماً أكثر شمولاً وعمومية من مفاهيم أخرى ترتبط بها ومنها مفهوم “إدارة الموارد البشرية” الذي يُعنى أساساً بتعظيم إستغلال طاقات الأفراد العاملين في مؤسسات بعينها، والسياسات والممارسات المتبعة في هذا الإطار. كذلك، مفهوم “تخطيط الموارد البشرية” الذي يشير إلى وضع تصور لأهداف المجتمع أو المؤسسة مع العمل على خلق شبكة من العلاقات الارتباطية بين هذه الأهداف من ناحية، والموارد البشرية المتاحة وتلك المطلوبة لتحقيقها عددياً ونوعياً من حيث التخصصات والمهارات. ([9])

رغم تعدد التعريفات لمفهوم التنمية البشرية المستدامة فإنها جميعاً تتضمن مفهوم أساسي وهو إتاحة أفضل الفرص الممكنة لاستغلال الطاقات البشرية المتاحة من أجل تحقيق مستوى رفاهة أفضل للأفراد. فالبشر هم الهدف الأساسي للتنمية البشرية، وهم أيضاً الأداة الأساسية لتحقيق هذه التنمية. كما أن التنمية بهذا المعنى لا تعنى فقط زيادة الثروة أو الدخل للمجتمع أو حتى الأفراد وإنما النهوض بأوضاعهم الثقافية والاجتماعية والصحية والتعليمية وتمكينهم سياسياً وتفعيل مشاركتهم في المجتمع وحسن توظيف طاقاتهم وقدراتهم لخدمة أنفسهم ومجتمعاتهم.

———————————————-

المصدر: جامعة أهل البيت.

[1]- الأمم المتحدة، برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، تقرير التنمية البشرية، 1992، ص 12.
 [2]-   د. مدحت محمد كاظم القريشي، التنمية الاقتصادية (نظريات وسياسات موضوعية)، عمان، دار وائل للنشر والتوزيع، ط1، 2007، ص ص 178-179.
 [3]-   نقلاً عن: رعد سامي عبد الرزاق، العولمة والتنمية البشرية المستدامة في الوطن العربي، أطروحة دكتوراه (غير منشورة)، كلية العلوم السياسية،جامعة النهرين، 2006، ص 31.
 [4]-  د. مدحت محمد كاظم القريشي، المصدر السابق، ص 180 .
 [5]-  د. مدحت محمد كاظم القريشي، مصدر سبق ذكره، ص 180 .
 [6]-  بوزيان الرحماني هاجر، التنمية المستدامة في الجزائر بين حتمية التطور وواقع التيسير، جامعة محمد خيضر، شبكة المعلومات الدولية الانترنت، على الموقع:   www.univ-chlef.dz/topic/doc/mdm
 [7]-   عمراني كربوسة، الحكم الراشد ومستقبل التنمية المستدامة  في الجزائر، جامعة محمد خيضر، شبكة المعلومات الدولية (الانترنت) عل الموقع:www.univ-chlf.dz/topic/doc/mdm
 [8]-  رعد سامي عبد الرزاق، مصدر سبق ذكره، ص 32.
 [9]-   محمد كامل التابعي سليم، التنمية البشرية المستدامة، سلسلة قضايا، القاهرة، مركز الاهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، العدد(20)، أب 2006، ص5.

 

التونسي خالد خيري أمينا عاما مساعدا في إدارتي الشؤون السياسية وبناء السلام، وعمليات السلام

متابعة مركز “عدل” لحقوق الإنسان

 عيـّن أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش السيد خالد محمد خيري من تونس، أمينا عاما مساعدا للشرق الأوسط وآسيا والمحيط الهادئ في إدارتي الشؤون السياسية وبناء السلام، وعمليات السلام.

ويشغل السيد خيري حاليا منصب المدير العام للأمريكتين وآسيا وأوقيانوسيا في وزارة الشؤون الخارجية التونسية.

ويتمتع بخبرة تزيد عن 35 عاما في مجال الدبلوماسية والشؤون الخارجية متنقلا بين تونس ومواقع بعثاتها الخارجية. وقد عمل في جملة أمور بما في ذلك سفير وممثل دائم لتونس لدى الأمم المتحدة في نيويورك (2012-2018)، ومدير حقوق الإنسان في إدارة المنظمات والمؤتمرات الدولية بوزارة الخارجية التونسية (2011-2012)، والقائم بأعمال البعثة في وزارة الشباب والرياضة (2009-2010)، ونائب مدير بالأوروميد، في وزارة الشؤون الخارجية بمديرية أوروبا (2007-2009)، ونائب رئيس البعثة (2003-2006) ومسؤول الشؤون الخارجية في البعثة الدائمة لتونس لدى مكتب الأمم المتحدة في جنيف (1987-1993) وفي إدارة الوزارة لبلدان المغرب العربي (1984).

وشارك السيد خيري في العديد من الأنشطة الإقليمية ومتعددة الأطراف خلال حياته المهنية في وزارة الشؤون الخارجية، ولا سيما في منصب رئيس مشارك للمفاوضات الحكومية الدولية بشأن إصلاح مجلس الأمن، ورئيس المجلس التنفيذي لمنظمة الأمم المتحدة للمرأة، ونائب رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة، ومنسق حركة عدم الانحياز في لجنة بناء السلام في نيويورك، ورئيس مجموعة الخبراء الأفارقة في القمة العالمية لمجتمع المعلومات في جنيف ومنسق المجموعة العربية المعنية بقضايا البرلمان الأوروبي في بروكسل. 

————————————

أخبار الأمم المتحدة

اليوم الدولي لحفظة السلام “حماية المدنيين وحماية السلام”

اليوم الدولي لحفظة السلام

“حماية المدنيين وحماية السلام”

متابعة مركز “عدل” لحقوق الإنسان

يوفر اليوم العالمي لحفظة السلام التابعين للأمم المتحدة، الذي يوافق 29 أيار/مايو، فرصة للإشادة بمساهمات الأفراد النظاميين والمدنيين في أعمال المنظمة، ولتكريم أكثر من (3800) فرد من حفظة السلام الذين فقدوا أرواحهم أثناء الخدمة تحت علم الأمم المتحدة منذ عام 1948. وموضوع هذا العام للمناسبة هو “حماية المدنيين وحفظ السلام”.

بدأت أولى بعثات حفظ السلام من الأمم المتحدة في 29 أيار/مايو عام 1948، عندما صرح مجلس الأمن بنشر مجموعة صغيرة من المراقبين العسكريين التابعين للأمم المتحدة في الشرق الأوسط لتكوين هيئة الأمم المتحدة من أجل مراقبة اتفاق الهدنة بين الدول العربية وإسرائيل.

ومنذ ذلك الوقت، خدم أكثر من مليون رجل وسيدة تحت علم الأمم المتحدة في (72) عملية حفظ سلام، وهو الأمر الذي كان له التأثير المباشر في حماية أرواح الملايين من الأفراد، وحماية عدد لا يُحصى من الأرواح الأكثر عرضة للخطر في العالم. ساعدت قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة على تحول الكثير من البلدان، من كمبوديا إلى السلفادور وليبيريا وسيراليون وتيمور الشرقية وأماكن أخرى، من الحرب إلى السلام.

اليوم، تنشر قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة أكثر من (88000) عسكري وشرطي، من (124) دولة عضوًا، وما يقرب من (13000) موظف مدني، و (1300) متطوع تابع للأمم المتحدة في (14) عملية حفظ سلام في أربع قارات.

في العام الماضي، أطلق الأمين العام مبادرة جديدة وهي “العمل من أجل حفظ السلام”، والتي تدعو إلى إعادة تركيز قوات حفظ السلام على التوقعات الواقعية، وتقوية بعثات حفظ السلام وزيادة تأمينها، وحشد دعم أكبر للحلول السياسية، ونشر القوات ذات التجهيز والتدريب والتنظيم الجيد. وصدَّقت أكثر من (150) دولة من الدول الأعضاء والمنظمات الإقليمية على “إعلان الالتزامات المشتركة” الخاص بمبادرة “العمل من أجل حفظ السلام”، مما يُظهر قدرًا كبيرًا من الدعم للمبادرة.

المصدر: مركز أنباء الأمم المتحدة

اليونسكو تدعو إلى تغيير قواعد لعبة كرة قدم السيدات

اليونسكو تدعو إلى تغيير قواعد لعبة كرة قدم السيدات

متابعة مركز “عدل” لحقوق الإنسان        

مع قرب انطلاق منافسات كأس العالم لكرة القدم للسيدات، في فرنسا في السابع من شهر حزيران/يونيو القادم، ستعقد منظمة اليونسكو حلقة نقاش، تدعو إلى “تغيير قواعد هذه اللعبة”.

وتفتتح هذه الحلقة في الرابع من شهر حزيران/يونيو في مقر اليونسكو بباريس، السيّدة “أودري أزولاي” المديرة العامة للمنظمة الأممية المسؤولة عن تعزيز التربية البدنية والرياضة، التي ستستضيف عددا من لاعبات كرة القدم الأشهر في العالم، وشخصيات بارزة في عالم كرة القدم.

وتقول اليونسكو إنها تسعى عبر الترويج لكرة القدم للسيدات، وللحدث الرياضي القادم في باريس، إلى تعزيز القيم الرياضية وتغيير المفاهيم بخصوص دور النساء و “تعزيز تمكين النساء والفتيات وجعل مجتمعاتنا أكثر شمولاً”.

وستدير حلقة النقاش الخاصة الصحفية الرياضية المعروفة “آن لور بونيه”، كما تشارك فيها أول مدربة كرة قدم محترفة في منطقة الخليج العربية “حورية الطاهري”، مديرة منتخب الإمارات العربية المتحدة الوطني، برفقة الأوغندية “إيفلين لاروني” مديرة مبادرة “ويتاكر” للسلام والتنمية في أوغندا، والمشرفة على برنامج “السلام من خلال الرياضة”.

هذا وحظيت رياضة كرة القدم النسائية بتقدير كبير في الآونة الأخيرة، وازداد الحماس بشكل خاص لمتابعة مباريات كأس العالم للنساء.

وتعد هذه الفعالية بمثابة فرصة مهمة للتكاتف مع لاعبات كرة القدم والهواة والمحترفين، للتصدي لأشكال التمييز والتحيز القائم على نوع الجنس، والتحرش، والتغلب على الحاجز الخفي وغيره من العقبات التي تعترض طريق النساء في هذا المجال.

المصدر: مركز أنباء الأمم المتحدة

دول تعمل لحماية المدارس في زمن الحرب

دول تعمل لحماية المدارس في زمن الحرب

(87) دولة تنظم إلى “إعلان المدارس الآمنة”

متابعة مركز “عدل” لحقوق الإنسان

قالت منظمة “هيومن رايتس ووتش” في تقرير أصدرته يوم 26 أيار/مايو، إن دولا إضافية تحمي الطلاب والمعلمين والمدارس من الآثار الضارة للاستخدام العسكري للمدارس أثناء الحرب. وقد جاء التقرير قبيل انعقاد “المؤتمر الدولي الثالث حول المدارس الآمنة” في بالما دي مايوركا في إسبانيا في 28 و29 أيار/مايو 2019.

يتضمن تقرير “حماية المدارس من الاستخدام العسكري: القانون والسياسات والعقيدة العسكرية”، أمثلة عن القانون والممارسات في (50) دولة، التي تقدم مستوى معين من الحماية للمدارس أو الجامعات من الاستخدام العسكري. أغلب الأمثلة هي من بلدان شاركت أو تشارك حاليا في نزاع مسلح.

يتضمن التقرير سبل حماية للمدارس والجامعات مدرجة في التشريعات، وقضايا المحاكم، والأدلة العسكرية، والسياسات العسكرية، وبيانات السياسة الأخرى.

قالت “هيومن رايتس ووتش” إن الحكومات والقوات المسلحة ذات الخبرة العملية بالمشاكل الناجمة عن الاستخدام العسكري للمدارس، وجدت حلولا عملية لردع مثل هذا الاستخدام. على جميع الحكومات أخذ العبرة من هذه الأمثلة لضمان تجنب استخدام جيوشها للمدارس أو الجامعات لأغراض عسكرية. منذ 2007، وُثّق الاستخدام العسكري للمدارس أو الجامعات في (30) دولة على الأقل تتعامل مع النزاعات المسلحة أو انعدام الأمن، بحسب “التحالف العالمي لحماية التعليم من الهجمات”. يمثل هذا العدد غالبية الدول التي كانت تعاني من النزاعات المسلحة في تلك الفترة. تستولي القوات المسلحة على المدارس والجامعات إما جزئيا أو كليا لتحويلها إلى قواعد وثكنات عسكرية. تُستخدم المدارس كمرافق احتجاز واستجواب لتدريب المقاتلين، أو لتخزين أو إخفاء الأسلحة والذخائر، أو لدعم الجهود العسكرية.

وقالت “هيومن رايتس ووتش” إن هذه الممارسة تعرض الطلاب والمعلمين للخطر، ويمكنها التسبب في الإضرار بالبنية التحتية الهامة للتعليم وتدميرها، وتؤثّر على حق الطلاب في التعليم.

ستستضيف إسبانيا، إلى جانب النرويج والأرجنتين، المؤتمر الدولي الثالث للمدارس الآمنة، والذي سيجمع ممثلين حكوميين من جميع أنحاء العالم لمناقشة المشكلة العالمية المتمثلة في الهجمات على الطلاب والمعلمين والمدارس وقضايا الاستخدام العسكري للمدارس ذات الصلة.

العديد من الدول المشاركة في المؤتمر صادقت بالفعل على إعلان المدارس الآمنة، وهو التزام سياسي للدول كي تتخذ خطوات ملموسة لجعل الطلاب والمعلمين والمدارس أكثر أمنا خلال النزاعات المسلحة، بما في ذلك عبر الموافقة على الامتناع عن استخدام المدارس والجامعات في أغراض عسكرية . قادت النرويج والأرجنتين في 2015 صياغة الإعلان الذي أيدته (87) دولة حتى الآن، من المتوقع أن تنضم إليه دول أخرى في المؤتمر القادم.

على الحكومات التي لم تصادق بعد على إعلان المدارس الآمنة، الاستفادة من المؤتمر المقبل كفرصة للتعبير عن التزامها بحماية الأطفال والمعلمين والمدارس أثناء الحرب.

دعت لجان الأمم المتحدة المعنية بحقوق الطفل وحقوق المرأة والحقوق الاقتصادية والاجتماعية و“مجلس السلام والأمن التابع للاتحاد الأفريقي” و“البرلمان الأوروبي”، البلدان إلى اعتماد إعلان المدارس الآمنة. شجع “مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة” جميع البلدان على اتخاذ تدابير ملموسة لردع استخدام القوات المسلحة والجماعات المسلحة للمدارس.

حققت “هيومن رايتس ووتش” منذ 2009 في الاستخدام العسكري للمدارس في العراق، والصومال، وأفغانستان، والفيليبين، والكاميرون، والهند، واليمن، وأوكرانيا، وباكستان، وتايلاند، وجمهورية أفريقيا الوسطى، وجمهورية الكونغو الديمقراطية، وجنوب السودان، وسوريا،  وفلسطين، وكولومبيا، وموزمبيق، وميانمار ونيجيريا.

المصدر: الوقع الالكتروني لـ “هيومن رايتس ووتش”

الأمين العام للأمم المتحدة: تنوع المجتمعات ثراء وليس تهديدا

الأمين العام للأمم المتحدة: تنوع المجتمعات ثراء وليس تهديدا

متابعة مركز “عدل” لحقوق الإنسان

زار الأمين العام للأمم المتحدة ورشة عمل جمعت مجموعة من الموسيقيين والمطربين اللاجئين مختلف أنحاء العالم في العاصمة النمساوية “فيينا”، يوم أمس 27 أيار/أمايو 2019.

نظم الورشة رسول الأمم المتحدة للسلام عازف التشيلو العالمي الشهير “يو يو ما”بالتعاون مع مفوضية شؤون اللاجئين ومركز “برونونباسيج” المجتمعي النمساوي.

الأمين العام قال إن الموسيقى تمثل شيئين مهمين للغاية لعمل الأمم المتحدة:

“أولا الموسيقى لغة عالمية، تجمعنا معا وهي رمز للسلام. وفي نفس الوقت تمثل الموسيقى التنوع. في كل بلد ومنطقة وكل إقليم في كل دولة نجد في مواهب الناس المختلفين كل أشكال التعبير الموسيقي. هذا التنوع يعد ثراء هائلا وليس تهديدا، وهذا بالضبط ما نحتاجه في عالم اليوم”.

ويتطلب التنوع استثمارا، كما قال الأمين العام، في المجالات الاجتماعية والثقافية والسياسية والدينية وأحيانا في التناغم الاجتماعي لضمان أن يشعر كل مجتمع متنوع باحترام هويته.

هذا أمر مهم في النقاش الدائر في أوروبا الآن. المجتمعات متعددة الأعراق والأديان والثقافات، تمثل ثراء لا تهديدا. ولكن، مثلما يحدث في الأوركسترا التي يوجد بها موسيقيون من مختلف أنحاء العالم، إذا وضعوا معا ليعزفوا على الفور فستكون النتيجة المحتملة كارثية، إذ عليهم أن يتدربوا معا في البداية، وهذا هو الحال مع المجتمع”

وينظم رسول الأمم المتحدة للسلام “يو يو ما” (36) حفلا موسيقيا في مختلف دول العالم، يصاحبها ما يسميها بـ “أيام العمل”، أحد هذه الأيام خصص لتنظيم ورشة العمل التي زارها الأمين العام.

المصدر: مركز أنباء الأمم المتحدة

متحدون من أجل الإصلاح – نتائج أفضل للجميع، وفي كل مكان

متحدون من أجل الإصلاح – نتائج أفضل للجميع، وفي كل مكان

متابعة مركز “عدل” لحقوق الإنسان

قدم الأمين العام أنطونيو غوتيريش مقترحات لإصلاح الأمم المتحدة منذ بداية ولايته في كانون الثاني/يناير 2017. وتقوم الأمم المتحدة بتنفيذ تغيرات أساسية في المجالات التالية:

*التنمية

*الإدارة

*السلام والأمن

ستتطلب خطة 2030، إدخال تغييرات جزئية على منظومة الأمم المتحدة الإنمائية لينشأ جيل جديد من الأفرقة القطرية التي يتمحور عملها حول إطار الأمم المتحدة الاستراتيجي للمساعدة الإنمائية ويقودها منسقون مقيمون يتسمون بالاستقلال والحياد ويتمتعون بالصلاحيات اللازمة.

الإدارة نموذج إداري جديد في الأمانة العامة، وأمم متحدة تمكّن المديرين والموظفين، وتبسّط العمليات، وتزيد الشفافية، وتحسن إنجاز الولاية.

السلام والأمن

تتمثل الأهداف الرئيسية للإصلاح في إعطاء الأولوية للوقاية والحفاظ على السلام؛ وتعزيز فعالية واتساق عمليات حفظ السلام والبعثات السياسية الخاصة، والانتقال إلى ركيزة واحدة متكاملة للسلام والأمن.

المصدر: الصفحة الرسمية للأمم المتحدة

 

القانون الدولي والجدار التركي العازل في منطقة عفرين

القانون الدولي والجدار التركي العازل في منطقة عفرين

مصطفى أوسو

تواصل تركيا منذ عدوانها على منطقة عفرين الكردية السورية واحتلالها في 18 آذار/مارس 2018، سياساتها وممارساتها المنافية للمبادئ وقواعد القانون الدولي التي وضعها المجتمع الدولي، ومنها ما يجري من هدم وجرف لعدد من منازل المدنيين فيها وبناء جدار أسمنتي يعزلها ويفصلها عن محيطها السوري، بدءً من قرية كيمار – جنوب عفرين، وصولاً إلى قرية باصوفان – جنوب غرب المدينة، وذلك وفق العديد من المصادر المحلية.

ومن شأن الاستمرار في هذا الإجراء الغير قانوني وإتمامه، ترك آثار وأبعاد وتداعيات كارثية ومدمرة على سكان المنطقة في العديد من مجالات الحياة السياسية والإنسانية والاجتماعية والقانونية والاقتصادية..، وسنتناول في هذا المقال بعض الجوانب والأبعاد والتداعيات القانونية المتعلقة بهذه القضية التي قد تؤدي مستقبلاً إلى فصل أراضي هذه المنطقة عن سوريا وضمها إلى تركيا.

وهنا لا بد من الإشارة إلى أن اكتساب دولة وضمها أراضي دولة أخرى يقع إما بطريق سن القوانين بشأنها، كما فعلت تركيا عندما أصدرت القوانين المتعلقة بضم وإخضاع لواء اسكندرون السوري عام 1939، وإعلانها أنه جزء من الأراضي التركية تحت اسم “هاتاي” بعد انسحاب فرنسا منها، رغم مخالفة هذا التصرف الصريحة والواضحة لصك الانتداب الذي يلزم الدولة المنتدبة بالحفاظ على أراضي الدولة المنتدب عليها، وإما باستخدام القوة العسكرية أو الحرب، وهو الذي من خلاله تعاملت تركيا مع منطقة عفرين، حيث يتخوف من أن يكون بناء الجدار العازل المذكور مقدمة لسيناريو مماثل لما جرى في لواء اسكندرون.

لقد عالج لقانون الدولي هذه القضية – ضم أراضي الغير بالقوة أو الاستيلاء عليها – واعتبرها جريمة مخلة بسلم الإنسانية وأمنها وفقاً لما ورد ضمن مبادئ هذا القانون المعترف بها في ميثاق محكمة نورنبرع التي تشكلت في أعقاب الحرب العالمية الثانية لمحاكمة مجرمي الحرب الذين ارتكبوا فضائع بحق الإنسانية في أوربا، وكذلك في الأحكام الصادرة عن هذه المحكمة. وعالجت أيضاً المادة (53) من اتفاقية جنيف الرابعة هذه الجريمة من زاوية التدمير للممتلكات الثابتة والمنقولة الخاصة والعامة التي يتسبب فيها إقامة جدران الفصل محذراً سلطات الاحتلال من تداعياته وانعكاساته الخطيرة. كما وأكدت لجنة القانون الدولي التابعة للأمم المتحدة في تعريفها للجرائم المخلة بسلم الإنسانية وأمنها “أن قيام سلطات دولة ما بضم أراضي دولة أخرى يشكل انتهاكاً للقانون الدولي”. وجاءت المادة الثانية من ميثاق الأمم المتحدة لتتكامل مع مبادئ القانون الدولي، حيث طلبت من أعضاء هيئة الأمم المتحدة جميعاً الامتناع في علاقاتهم الدولية عن التهديد باستعمال القوة أو استخدامها ضد سيادة الأراضي أو الاستقلال السياسي لأية دولة أو على أي وجه أخر لا يتفق مع مقاصد الأمم المتحدة.

وقد أصدر مجلس الأمن الدولي في العديد من الوقائع المماثلة لما تقوم به تركيا الآن في منطقة عفرين، قرارات بعدم جواز عمليات الاستيلاء على الأراضي عن طريق القوة العسكرية والحرب، رافضاً ذلك ومؤكداً على أنها تشكل انتهاكات خطيرة لمبادئ القانون الدولي، معتبراً إياها باطلة وفاقدة للشرعية القانونية وتقتضي منح مقاومتها قوة القاعدة الآمرة في القانون الدولي، نظراً لما يشكلها من عدوان وجريمة بحق سلم البشرية وأمنها.

أن من شأن تراخي المجتمع الدولي وتجاهل القوانين والمبادئ والأسس والضوابط.. المتعلقة بمسألة استيلاء دولة على أراضي الغير وضمها إليها بأية طريقة كانت، ومنها القوة العسكرية أو الحرب كما المحاولة التركية التي تجري في منطقة عفرين الآن، خلق توترات وصراعات جديدة في العالم تعرض السلم والأمن الدوليين، اللتين اعتبرتا عند تأسيس الأمم المتحدة بعد الدمار الهائل الذي خلفته الحرب العالمية الثانية إحدى أهم أهدافها، لمخاطر كبيرة لا يمكن لأحد التكهن بنتائجها.

دور الديبلوماسية والإعلام والإشاعة في العلاقات الدولية

دور الديبلوماسية والإعلام والإشاعة في العلاقات الدولية

جورج منصور*

أثبتت الديبلوماسية أنها الطريقة المثلى والصيغة الأكثر عقلانية وعملية للتعامل في مختلف الأوقات وفي أكثر المجالات، بما في ذلك إدارة الحوار أو التفاوض بين أشخاص منفردين أو مجموعات، أو بين شعوب أو دول. وهي تشكل، من حيث المبدأ، تراكماً معرفياً مبنياً على خبرة طويلة في العلاقات بين الدول.

وتعتبر الديبلوماسية التقليدية، الصيغة الأنجع لإدارة العلاقات الدولية التي تقودها هيئات وشخصيات سياسية، في حين تعتبر الإشاعة صيغة منظمة لنشر أخبار أو معلومات، يراد منها الحصول على نتائج وردود فعل تتناسب مع الأهداف المرسومة لها.

تم العمل بأسلوب الشائعات (الترويج) منذ أزمان بعيدة، علماً أن تطور وسائل الإعلام المقروءة منها أو المسموعة أو المرئية، وتوسعها الهائل، جعل من السهولة نشر الشائعات في أوساط واسعة من المتلقين، حتى بات يطلق البعض على الشائعة تسمية “الديبلوماسية الشعبية”.

أربكت الثورة المعلوماتية في المجتمعات المفتوحة، وحتى المغلقة منها، بعض الحكومات، فأصبح من الصعب السيطرة على مصادر المعلومات، وبالتالي الحؤول دون وصولها إلى المتلقي. حتى أن محاولاتها أحيانا لتحريف الحقائق وتشويهها، بدأت تنكشف لتتدنى بذلك صدقية تلك الحكومات لدى شعوبها والرأي العام المحلي والدولي.

وإذا كانت لغة الحرب هي التي سادت في فترات معينة، فإن لغة الديبلوماسية السياسية وحكمة الإنسان، أصبحت لغة التعامل الدولي في زمن العولمة، إذ يعيش العالم كله في قرية صغيرة، تتفاعل ثقافات شعوبها وتتبادل وتتعاطى سلمياً مع الأحداث. لذا، تم توظيف الديبلوماسية لبناء العلاقات السليمة وتحجيم الصراعات، عبر إدراك طبيعة البلدان الأخرى وحاجتها وثقافاتها وخصوصية شعوبها، وبالتالي البحث عن نقاط مشتركة لجهة خلق وشائج وعلاقات إنسانية. وكلما تعززت مثل هذه العلاقات، تنجح الديبلوماسية في تحقيق الأهداف المرجوة منها.

الوصول إلى تلك الأهداف، يتطلب من الدول والمؤسسات المعنية العمل على اتقان فن العمل الديبلوماسي واحترافه، والذي يعمل وفق مبادئ ثلاثة: التواصل عبر الاحتكاك والتماس اليومي وخلق الانسجام والانسيابية بين العمل الديبلوماسي ودائرة الأخبار والمعلوماتية، وتكثيف الاتصالات الاستراتيجية، ونسج علاقات طويلة الأمد مع شخصيات ووجوه سياسية وثقافية واجتماعية. وتتفاوت الخبرة المتراكمة لدى الدول والأفراد من حيث العمل والتعامل الديبلوماسي مع مستوى التطور في علاقات الإنتاج والمجتمع المدني ووعي الفرد والمجتمع.

إن طريقة مخاطبة الجماهير، هي من أولويات الاتصال المؤثر والناجح. فالإشاعة والترويج، يؤثران على عقل المتلقي المستهدف من خلال التعرض لثقافته، وإشراك شرائح من المجتمع لإثبات صدقيتها وإزالة الشكوك حولها. وتلعب الإشاعة دوراً في نشر الفوضى والتشتت، وتقوم بتأجيج سلوك الناس وتصعيد مواقفهم، بدلاً من جرهم إلى لغة حضارية وحوار هادئ ومفتوح.

وتشترك الإشاعة مع الدعاية في العديد من الأمور، حتى يقال أن العملية الدعائية لا تتعدى كونها إشاعة توظف لناتج تجاري.

وتعمل الإشاعة على حشو أدمغة المتلقين بالأفكار والمعلومات لجهة تحييد مواقفهم وعدم اعتراضهم أو رفضهم الأفكار والمفاهيم المروجة.

والإشاعة، وفقاً للعالم البريطاني إف. إم. كورنفورد، هي ذلك الفن من الكذب، الذي يركز على تضليل الأصدقاء، من دون أن يتحمل عناء تضليل الأعداء.

وفي وقت استخدمت الشائعات كأدوات لإشعال تمردات وحالات رفض، وتأجيج نزاعات عدوانية في العالم، فإن وسائل الإعلام الحيادية، التي تتمتع بالاستقلالية، تلعب دوراً بالغ الأهمية في حياة بعض المجتمعات، من خلال نزع فتيل النزاعات العدائية وتبديلها بصراعات مدنية وحضارية.

أبدت ديبلوماسية “عصبة الأمم” في العشرينات والثلاثينات من القرن الماضي، ومن ثم “الأمم المتحدة” بدءاً من العام 1945، قدرة على معالجة المشكلات المحلية والإقليمية والدولية، نتيجة ما تكدس لديها من معارف وخبرات وأدوات وآليات لمعالجة المشكلات الدولية الثنائية أو المتعددة الاطراف. ولا تكمن أهمية الديبلوماسية في مواجهة المشكلة حين تتأزم وتتحول إلى نزاع يصعب حله، بل في معالجتها حال ظهورها، وقبل استفحالها وتحولها إلى صراع ونزاع سياسي وعسكري.

إن الديبلوماسية قادرة على معالجة المشكلات المعقدة بين الدول وتلك القائمة في البلد الواحد. وهي مسألة ذات أهمية فائقة، خصوصاً عندما ترتبط القضية بالصراعات القومية، وبروز مظاهر “الشوفينية” والعنصرية في التعامل مع هذه القضايا من جانب الأنظمة الحاكمة في البلدان المختلفة.

وعلى رغم بروز اتجاهات إرهابية جديدة لدى الحركات المتطرفة في العالم، إلا أن الديبلوماسية قادرة على تعبئة الرأي العام العالمي والمجتمع الدولي لمواجهة هذه الظاهرة.

أما الإعلام، فيعبر عن علاقة أخرى في المجتمع الواحد وعلى الصعيد الدولي، فهو يجسد نبض الشارع والناس والدولة في أن واحد. وهو، في علاقته المباشرة مع الناس، خاصة في ظل التقنيات الأكثر حداثة وتقدماً، قادر على الوصول إليها والتأثير فيها وفي الأحداث الجارية سلباً أو إيجاباً. وهو يجسد الخبرة التاريخية الطويلة، لكنه ليس بعمر الديبلوماسية السياسية وخبرتها.

وإذا كانت الديبلوماسية تشمل مختلف جوانب العلاقات الدولية، فإن مجال الإعلام أوسع من ذلك بكثير. ويمكن للإعلام الواعي والمسؤول، أن يسهم في معالجة مختلف مشكلات العالم من خلال دراستها من مختلف جوانبها وفهم تعقيداتها وتقديم تصورات وحلول عملية، وبالتالي الدفع باتجاه التزامها لصالح الطرفين المتنازعين، بعيداً من إثارة الصراعات وتشديد النزاعات.

وللإعلام دور أكثر تعقيداً، فهو سلاح ذو حدين يعتمد على سبل التعامل به ومدى نضوج الوعي السياسي والاجتماعي في الهيئات الإعلامية وفي المجتمع كذلك، لأن وعي المجتمع يلعب دوراً في التأثير المباشر على الإعلام، والعكس صحيح.

لا يمكن للديبلوماسية أن تستغني عن الإعلام في توضيح المواقف للرأي العام، ولا يمكن للإعلام أن يلعب دوره الفعال من دون التفاعل مع الديبلوماسية ومعرفة المواقف والحجج وتحليل المشكلات القائمة. وهما يشكلان ركنان أساسيان في العلاقة بين الشعوب والدول ويتبادلان الفعل والتأثير.

ويمتلك الإعلام قدرة على التفاعل مع مختلف الفئات الاجتماعية، ويوفر المعلومات الضرورية للمشاكل المطروحة على بساط البحث، ويستطلع آراء الناس حولها ويبدأ بتشكيل رأي عام وفق الوجهة التي يلتزم بها، سواء أكانت محلية أم إقليمية أم دولية، وسواء أكانت سياسية أم اقتصادية أم اجتماعية أم ثقافية أم عسكرية أم بيئية أم مرتبطة بحقوق الإنسان.

كما يمكن للإعلام أن يمارس دوراً ضاغطاً على العمل الديبلوماسي في معالجة المشكلات إما تعقيداً وتشديداً في المواقف، أو تخفيفاَ وتسهيلاً. ولا تخضع المسألة لطبيعة المشكلات المطروحة فحسب، بل لمستوى الإعلام ذاته، ومدى استقلاليته وحياده، والوعي الإعلامي والمجتمعي.

وغالباً ما يحصل تصادم بين الإعلام والديبلوماسية في مواجهة العديد من المشكلات، إذ ليس سهلاً إيجاد لغة مشتركة باستمرار بينهما، فالديبلوماسية غالباً ما تكون بيد الدولة، في حين يتوزع الإعلام بينها وبين جماعات في البلدان التي لا تسودها النظم الشمولية.

وهنا، يمكن القول أن الديبلوماسية تختلف بين بلد وآخر بحكم خمسة عوامل مهمة تتلخص في:

1-طبيعة النظام السياسي ومدى توفر الحرية والديمقراطية للفرد والمجتمع.

2-مدى تمتع وسائل الإعلام بالحرية واستقلالية التعبير، ومدى خضوعها لاحتكار الدولة أو احتكار شركات عالمية تفرض رقابة على العمل الإعلامي والنشر ووصول المعلومة.

3-وعي المجتمع من النواحي السياسية والاجتماعية بشكل خاص، ومدى قدرته على الوصول إلى المعلومة.

4-مستوى تطور وعي الإعلاميين وقدرتهم على التعبير عن القضايا المطروحة، ومدى إخلاصهم للمهنة التي يعملون فيها.

5-دور الدولة في المجاهرة بالمعلومات الضرورية المطلوبة ونشرها للتعريف بجوانب المشكلات المثارة.

تقدم لنا تجارب السنوات الماضية، صورة واضحة عن الدور الذي يمكن أن تلعبه الديبلوماسية ووسائل الإعلام غير المرتبطة بأجندات سياسية أو عقائدية أو دينية، في حل المشاكل بالطرق السلمية والحد من الصراعات المحلية والإقليمية، وتوعية الناس وتأهيلهم، على عكس الإشاعة، التي تقوم بتأجيج الصراعات وتعقيدها وتصعيدها إلى درجة إشعال حروب محلية وإقليمية.

ويمكن لمنطقة الشرق الأوسط أن تقدم صورة أكثر واقعية عن دور الديبلوماسية والإعلام الهادف وعلاقتهما المتبادلة في الموقف من المشكلات القائمة اليوم في العالم، إضافة إلى الدور الذي تلعبه الإشاعة في المجتمعات التي تزداد فيها نسبة الأمية وتنعدم الحصانة الفكرية.

*جورج منصورر، هو كاتب عراقي والمادة منشورة في جريدة الحياة 26 أيار/مايو 2019

مؤتمر لمكافحة العنف الجنسي في الأزمات الإنسانية

تستضيف النرويج أول مؤتمر إنساني من نوعه لمكافحة العنف الجنسي والقائم على نوع الجنس أثناء الأزمات الإنسانية، إذ تواجه جهود الحماية من هذا العنف نقصا شديدا في التمويل فلا تتلقى سوى أقل من 1 في المئة من الأموال الموجهة للمساعدات الإنسانية.

يعقد المؤتمر بالتعاون بين حكومات النرويج والإمارات العربية المتحدة والعراق والصومال والأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر للتصدي لذلك العنف الذي أصبح تحديا دوليا.

وأشار بيان صحفي صادر عن المنظمين أن واحدة من بين كل 3 نساء تتعرض للعنف الجنسي أو القائم على نوع الجنس، في وقت ما خلال حياتها. ويتفاقم هذا الخطر في الأزمات الإنسانية الناجمة عن النزاعات المسلحة أو الكوارث الطبيعية.

ووفق البيان “يحتاج 140 مليون شخص إلى المساعدات الإنسانية خلال العام الحالي، منهم نحو 35 مليون امرأة وفتاة في سن الإنجاب…. وكان ينظر للعنف الجنسي والقائم على نوع الجنس في النزاعات باعتبارهما نتاجا ثانويا للحروب، ولكن الآن هناك اعتراف بأنهما يمثلان سلاحا وجريمة”.

ويحدث العنف الجنسي في كل مكان ولا يتم الإبلاغ سوى عن حالات قليلة في جميع أنحاء العالم. ويعود ذلك لعدة أسباب منها الخوف من وصمة العار أو الانتقام، وقلة عدد مقدمي الخدمات الجديرين بالثقة أو محدودية الوصول إليهم وإفلات الجناة من العقاب وعدم الوعي بفوائد التماس المساعدة.

مارك لوكوك منسق الأمم المتحدة للإغاثة الطارئة قال إن العنف الجنسي والقائم على النوع الاجتماعي “لم يعد رعبا خفيا بل ظهر في العلن، ولا يوجد أي عذر للتقاعس عن مواجهة هذه الظاهرة البغيضة في الأزمات الإنسانية”.

وقال إن الناجين والمعرضين للخطر في جميع أنحاء العالم يحتاجون إلى دعم مادي وملموس قرب أماكن معيشتهم. وأبدى أمله في إعلان تعهدات بمزيد من التمويل للمنظمات النسائية ذات القواعد الشعبية وغيرها من الجهات العاملة على خطوط المواجهة.

وزير الخارجية العراقي محمد علي الحكيم قال إن جميع برامج وخطط التنمية تظل غير فعالة ما دامت المرأة تتعرض للعنف الجنسي والقائم على النوع الاجتماعي.  وقال “يمكن تحقيق إنجازات عظيمة عندما يتم تمكين النساء كي يصبحن قائدات في مجتمعاتنا”.

وأكد وزير الدولة الإماراتي زكي نسيبة التزام بلاده بشكل راسخ بالبناء على زخم هذا المؤتمر وتحويل الأفكار التي نوقشت إلى أفعال، للقضاء على العنف الجنسي والقائم على النوع الاجتماعي في الأزمات الإنسانية.

وقال إن التصدي لذلك العنف ضمن السياق الأوسع لتنفيذ أجندة المرأة والسلم والأمن، هو أمر أساسي لبناء السلام على المدى الطويل ومنع نشوب النزاعات وتحقيق التنمية المستدامة.

وذكرت المديرة التنفيذية لصندوق الأمم المتحدة للسكان ناتاليا كانيم أن على المجتمع الدولي القيام بالمزيد لدعم الناجين والمعرضين لخطر العنف الجنسي والقائم على نوع الجنس وإنهاء الإفلات من العقاب.

وذكر المدير العام للجنة الدولية للصليب الأحمر إيف داكور إن التصدي للعنف الجنسي لا يعد قضية إنسانية فحسب وإنما هو قضية اجتماعية تتطلب بذل جهود عاجلة لمعالجة الأسباب الجذرية لذلك العنف. وشدد على ضرورة أن تقود الدول تلك الجهود.

———————————————-

أخبار الأمم المتحدة