لجنة العدالة والمساءلة الدولية تبرز أدلتها لمحاكمة النظام دولياً

تقرير صحفي في غلوب أند ميل:

كشفت صحيفة غلوب أند ميل الكندية في تقرير نشرته قبل أيام عن مجموعة من المحققين تعمل باسم “لجنة العدالة والمساءلة الدولية” برئاسة محقق كندي قدمت مئات الآلاف من الوثائق والأدلة التي يتم استخدامها الآن ضد رأس النظام السوري بشار الأسد وأتباعه، وشخصيات بارزة في تنظيم داعش، قامت بتهريبها من سوريا والعراق خلال سنوات الحرب الدائرة.

لجنة العدالة والمساءلة الدولية، منظمة غير ربحية أنشأها المحقق الكندي “وليام ويلي” في عام 2012، وهي معروفة لدى الحكومات الغربية وخصوصاً كندا التي تقدم تمويلاً سنوياً بقيمة 8 ملايين دولار أمريكي لمحققي المجموعة البالغ عددهم أكثر من 150 محققاً، ويعمل معظمهم بشكل سري في سوريا والعراق.

وجاءت المنحة الأولى للجنة من الحكومة البريطانية، ثم أمسكت كندا زمام المبادرة منذ ذلك الحين، حيث زوّدتCIJA بمبلغ 3 ملايين دولار سنوياً منذ عام 2015.

ويمثل “ويليام ويلي” وفريقه قوة جديدة في مجال العدالة الدولية، وغالب عملهم منع ضياع الأدلة ضد الأسد، وتمثل ذلك بعدة صفقات مع المعارضة المسلحة، وتم الحصول على الكثير من المستندات الورقية بأعوام الحرب من المعارضة.

وتمتلك اللجنة وثائق توضح سلسلة قيادة النظام السوري، ومجلدات بسماكة مئات الصفحات لإثبات “الجرائم ضد الإنسانية” المرتكبة في معتقلات النظام، المتمثلة بالتعذيب والعنف الجنسي الشديد أثناء استجواب عشرات المعتقلين يومياً.

وتحتوي الملفات أدلة تثبت أن الأسد نفسه كان على علم بأعمال ضباطه، وموافق على تصرفاتهم، ما يجعله مسؤولاً جنائياً عن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبتها قواته.

والمجلدات عبارة عن عمليات ترجمة باللغة الإنجليزية لأكثر من 800 ألف صفحة تحتوي على أدلة باللغة العربية، ومن بينها آلاف الصور لجثث المعتقلين التي التقطها مصور النظام المنشق المعروف باسم “قيصر”، والتي تظهر الكثير منهم مشوهون بشدة، ما تعتبرها اللجنة بمثابة الدلائل الجاهزة للمقاضاة النهائية.

واستطاعت اللجنة من خلال أبحاثها حول جرائم الحرب، جمع قاعدة بيانات عن النظام السوري وأخرى عن تنظيم داعش، يمكن للحكومات الأوروبية استخدامها لدراسة خلفية اللاجئين والمهاجرين الذين وصلوا إلى أوروبا منذ عام 2015 والذين يزيد عددهم عن مليون شخص.

وتعتبر اللجنة أن تجاهل قواعد الحرب ساعد الأسد على تحقيق جزء من النصر بالحرب في سوريا، وبدأت قواته بدعم جوي روسي في شن هجوم على آخر منطقة تسيطر عليها فصائل المعارضة، في إشادة منه إلى محافظة إدلب شمال البلاد.

وقال رئيس لجنة العدالة والمساءلة الدولية “ويليام ويلي” في مقابلة مع صحيفة “غلوب اند ميل” الكندية استمرت أكثر من 4 ساعات، إن هذه الوثائق تعتبر أفضل دليل ضد نظام حاكم منذ تاريخ محاكمة المجرمين النازيين في المحكمة العسكرية في نورمبرغ عام 1942، التي تعتبر نموذجاً للعدالة الدولية، مضيفاً أنها أفضل بكثير مما قُدم ضد الزعيم الصربي “ميلوسوفيتش” المتهم بجرائم الحرب والإبادة الجماعية في حروب البلقان في التسعينات.

وكشف المحقق عن مجموعة من المستندات التي تحمل توقيع الأسد، والتي تبين أنه ترأس شخصياً خلية إدارة الأزمات المركزية في البلاد، والتي تم إنشاؤها بعد وقت قصير من اندلاع المظاهرات الأولى ضد حكومة النظام في أوائل عام 2011، وجمعت كبار الضباط بالجيش والمخابرات.

وأضاف المحقق أن الأدلة تُظهر أن رد النظام القاسي على الاحتجاجات المبكرة، والتي شملت الاعتقالات الجماعية والتعذيب، واستخدام الرصاص الحي ضد الحشود غير المسلحة، ساعد احتضان الأسد للعنف في دفع البلاد إلى حرب لم تنتهي أودت بحياة مئات الاف الأشخاص ودفعت الملايين للفرار خارج البلاد.

وقال ويلي أنه أبرم اتفاقاً مع الجيش الحر للحصول على هذه الوثائق، بعد إقناع قيادة الجيش السوري الحر بأن أفضل طريقة للانتقام من النظام هي التأكد من استدعائها للمساءلة عما قامت به لمواطنيها.

وأشار المحقق إلى أن مقاتلي الجيش الحر كانوا لا يرون فائدة تذكر من الوثائق الرسمية الموجودة في المباني الحكومية التي يسيطرون عليها، فيقومون بتصوير أنفسهم وهم يعملون على إحراقها ويضعون المقاطع على اليوتيوب، مضيفاً: “كنت أتعرض لأزمة قلبية وأنا أراقب كل هذه الأدلة الظاهرة تحترق”.

وبحسب ويلي فإن الجيش الحر أصدر قرار يمنح مجموعته في سوريا اقتناء الأدلة التي يمكن استخدامها في إجراءات جنائية، لكن الأمر كان خطيراً للغاية، مشيراً إلى أن اثنين من أعضاء المجموعة قتلا خلال البحث عن الأدلة، أحدهما في عمليات إطلاق نار على قافلة للمعارضة من قبل قوات النظام، والآخر قبض عليه عناصر تنظيم داعش واختفى.

وأكد ويلي أن جميع المجلدات والوثائق الموجودة لدى اللجنة تم مسحها ضوئياً وإعطائها رمزاً ورقماً فردياً، وتم إيداع النسخ الأصلية في صناديق غرفة مغلقة.وعن الأدلة التي تدين روسيا وإيران على دعم نظام الأسد في الحرب ضد السوريين يقول ويلي إنه حتى لو حصل عليها، فلن تكون هناك فائدة في إقامة قضية ضد مسؤولين روس أو إيرانيين، لأن هناك عنصر سياسي في العدالة الدولية لا يمكن إنكاره، مشيراً إلى أن الأدلة ضد زعيم تنظيم داعش “البغدادي” أقل من الأسد مسؤول المجازر الكبرى، ولكن حكومة الولايات المتحدة تضغط لتقديم الأدلة بمقتل صحفيين ومواطنين أميركيين على يد تنظيم الدولة، وتريد القاء القبض على البغدادي حياً.

وأكد المحقق من خلال تجاربه في “رواندا ويوغوسلافيا” السابقة أن البحث عن العدالة في منطقة حرب دائماً ما ينطوي على التعاون مع جانب واحد في الصراع لجمع الأدلة ضد الآخر، وأنه من المعروف أن المعارضة هي التي تكون على حق بغالب الأحيان، لافتاً أن الحكومات الغربية تمول CIJA لأنهم يعتقدون أن نظام الأسد وداعش بحاجة إلى أن يكونوا مسؤولين عن جرائمهم المزعومة، مضيفاً أنه لا يرى أي شيء خطأ في ذلك، ولكن لا يوجد شيء يمنع منظمة غير حكومية أو سلطة عامة أخرى من التحقيق مع المعارضة السورية إذا لزم الأمر.

وختم ويلي

وختم ويلي حديثه بالقول: “لا شك في أن الأسد سيواجه العدالة، لا أعرف ما إذا كان الأمر سيستغرق خمس سنوات أو 10 سنوات لكنه سيواجهها”، مبيناً أن الحكومة البريطانية دربت الكثير من نشطاء حقوق الإنسان ليكونوا محققين في جرائم الحرب.

وقالت الصحيفة إن السلطات الألمانية ألقت القبض على الضابط “أنور رسلان” المقيم في ألمانيا بصفة لاجئ، بعد طلب أدلة من لجنة العدالة والمساءلة الدولية، تثبت توليه إدارة فرعين تابعين لإدارة المخابرات العامة قبل سنوات، وتورطه بتعذيب المعتقلين في معتقلات النظام في سوريا.

وبحسب اللجنة فإن لديها أيضًا “فريق تعقب” يراقب تحركات المشتبه بهم المحتملين في أوروبا، وأنها تلقت 170 طلباً للمساعدة خلال العام الماضي من الحكومات الغربية، معظمهم يطلبون معلومات حول مسؤولي نظام الأسد أو أعضاء داعش الذين يُعتقد أنهم الآن في أوروبا.

————————————————-

المصدر: صحيفة غلوب أند ميل الكندية

مناقشة ملف المعتقلين السوريين في مجلس الأمن

مناقشة ملف المعتقلين السوريين في مجلس الأمن

متابعة مركز “عدل” لحقوق الإنسان

دعت الولايات المتحدة مجلس الأمن الدولي لعقد جلسة من أجل مناقشة ملف المعتقلين في سوريا. وذكرت الأمم المتحدة في بيان لها، يوم أمس الثلاثاء 30 تموز/يوليو، أن البعثة الأمريكية لدى الأمم المتحدة تنوي عقد اجتماع لمجلس الأمن بشأن قضية المعتقلين والمفقودين والمغيبين قسرياً في سوريا، خلال الأسابيع القليلة المقبلة.

وقالت المتحدثة باسم البعثة الأمريكية، شيريث نورمان شاليه، إن إحراز تقدم في ملف المعتقلين السوريين “يمكن أن يكون خطوة نحو بناء الثقة بين الشعب السوري وممثلي المعارضة السورية والنظام السوري”، مشيرة إلى أن حل هذا الملف يمهد للحل السياسي في سوريا.

وتشير التقديرات إلى أن عدد المعتقلين في السجون السورية يفوق (215) ألف معتقل، غالبيتهم موجودون في السجون التابعة للحكومة السورية.

وكانت وزارة الخارجية الأمريكية طالبت الحكومة السورية، في أيار الماضي، بالإفراج عن المعتقلين في سجونه، وقالت “يجب على النظام الإفراج عن عشرات الآلاف الذين ما زالوا محتجزين ظلمًا في سوريا”.

كما وجهت (50) منظمة مدنية سورية، بينها مركز “عدل” لحقوق الإنسان، رسالة مشتركة لمجلس الأمن الدولي تطالبه من خلالها بتحرك فوري تجاه قضية المفقودين والمعتقلين في سوريا.

يذكر أن الرسالة المشتركة التي أطلقتها المنظمات، في 27 من حزيران/يونيو الماضي، تضمنت ترحيبًا بصدور قرار مجلس الأمن رقم (2474)، الذي يؤكد بحث قضية المفقودين نتيجة النزاعات المسلحة، ويطالب بالكشف عن مصيرهم وحماية المدنيين في جميع أماكن الصراع.

المصدر: وكالات

هدايا الأمم المتحدة: دعونا نحول سيوفنا إلى محاريث

هدايا الأمم المتحدة: دعونا نحول سيوفنا إلى محاريث

متابعة مركز “عدل” لحقوق الإنسان

تعريف الهدية:  

013G

تمثال برونز يمثل هيئة رجل يحمل مطرقة بيد، وباليد الأخرى يحمل سيفاً يحوّله إلى محراث، وهو يرمز إلى رغبة الإنسان في إنهاء الحرب وتحويل وسائل التدمير إلى أدوات إبداعية لمنفعة البشرية جمعاء. ويبلغ طول التمثال حوالي (9) بوصات. وولد النحات، فوكيتش، في عام 1908، وحصل على اللقب الفخري فنان الشعب في اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية. وقد تلقى عمله “دعونا نحوّل سيوفنا إلى محاريث” أرفع جائزة – دبلوم الجائزة الكبرى في معرض بروكسل العالمي لعام 1958.

المكان (المبنى):

Exterior Grounds

البلد المانح:

USSR

الفنان أو الصانع:

Vuchetich, Evgeniy

 الحجم:

“Figure: 111 x 76 x 35 in., Pedestal: 44 x 75 x 34 in”

تاريخ منح الهدية:

December 4, 1959

المادّة:

sculpture

الصنف:

Sculpture

المصدر: الصفحة الرسمية للأمم المتحدة

الأمم المتحدة تعتمد يوم (5) نيسان يوما يوماً دولياً للضمير

الأمم المتحدة تعتمد يوم (5) نيسان يوما يوماً دولياً للضمير

متابعة مركز “عدل” لحقوق الإنسان

اعتمدت منظمة الأمم المتحدة، مشروع قرار تقدمت به مملكة البحرين باعتماد يوم الخامس من إبريل من كل عام يوماً دولياً للضمير، بهدف تحفيز المجتمع الدولي على حل النزاعات بطريقة سلمية.

وقالت منظمة الأمم المتحدة في ديباجة القرار الصادر عن الجمعية العامة ضمن أعمال الدورة الثالثة والسبعون التي عقدت في شهر يوليو الحالي، إن اعتماد الخامس من إبريل يوماً دولياً للضمير، يأتي كوسيلة لتعبئة جهود المجتمع الدولي بانتظام لتعزيز السلام والتسامح والإدماج والتفاهم والتضامن من أجل بناء عالم مستدام قوامه السلام والتضامن والوئام.

ودعت المنظمة جميع الدول الأعضاء ومؤسسات منظومة الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الدولية والإقليمية والقطاع الخاص والمجتمع المدني والأفراد، إلى الاحتفال بهذا اليوم على النحو المناسب، بما يدعم بناء ثقافة السلام بمحبة وضمير وفقا للثقافة السائدة في مجتمعاتها المحلية والإقليمية.

وحثت الأمم المتحدة، جميع الدول الأعضاء إلى مواصلة تعزيز ثقافة السلام بمحبة وضمير من أجل المساعدة على ضمان تحقيق السلام والتنمية المستدامة، بطرق تشمل العمل مع المجتمعات المحلية، من خلال تقديم الخدمات للآخرين والتشجيع على العفو والتراحم بين الأفراد.

المصدر: وكالات

خمس تحديات لمواجهة العنف

أليكس ج. بيلامي

١ –   الاتفاق على طبيعة المشكلة

سيكون من الضروري إيجاد فهم مشترك لكيفية قياس العنف، والاعتراف بالعوامل المتصلة بارتفاع معدل مخاطره، واستكشاف سبل للتصدي إلى تلك المخاطر. وسيتعين أيضا على الدول الاتفاق على أداة مرجعية لقياس مدى النجاح المحرز في خفض جميع أشكال العنف. ويشمل هذا أشكالا من العنف لا تحظى بالاهتمام عادة، مثل العنف الجنسي والجنساني، وما يسمى بالعنف ”العائلي“. وتشدد أهداف التنمية المستدامة على ضرورة خفض ”جميع أشكال“ العنف. ولا نستطيع توقع إجراءات تقودها الدول والشراكات العالمية بهدف معالجة مسألتي قياس العنف وفهمه سوى على أساس التوافق في الآراء. وتشكل مبادرة الأمم المتحدة بشأن الإطار التحليلي للجرائم الفظيعة: أداة وقائية (2014)، نقطة انطلاق مفيدة بشأن تحديد المخاطر المرتبطة بالإبادة الجماعية وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، لكن سيكون من الضروري كفالة مشاركة الدول والمجتمع المدني الفاعلة في حوار مفتوح بشأن مصادر الخطورة، وبذل جهود لبناء توافق في الآراء بشأن هذه النقاط.

٢ –   الملكية الوطنية

يمكن القول إن التحدي العملي الرئيسي يكمن في تشجيع الدول والمجتمعات على الاعتراف بالعنف الذي تعانيه وبعوامل الخطورة الناجمة عن أوضاعها الوطنية. فالدول والمجتمعات لن تطلب المساعدة الدولية و”تمتلك“ الوقاية الهيكلية ما لم تعترف بوجود المشكلة. ويتسم بأهمية كبيرة لفعالية الوقاية وجود حس قوي بالالتزامات المتبادلة لدى الدول المضيفة والمجتمعات وشركائهما الدوليين. وهو عمل سياسي دون شك، إذ تنحو الدول إلى الإحجام بقوة عن الاعتراف بوجود العنف وإن كان متواصلا أو وشيك الاندلاع، ناهيك عن عوامل الخطورة المرتقبة. ولذلك قد تنشأ خلافات ومنازعات حادة جراء الوقاية الهيكلية نفسها. ويتعين أن تراعى هذه الحقيقة الماثلة في النُهج العملية للوقاية مع إيجاد طرائق لتشجيع الدول على المشاركة الاستباقية. وقد يكمن الحل البديهي، وهو حل مستقى من ممارسات حماية حقوق الإنسان، في تعميم مرحلة التحليل الأساسي بأن تبلِغ جميع الدول عن أنماط العنف وعوامل الخطورة التي تواجهها في إطار امتثالها لمقتضيات أهداف التنمية المستدامة. وهناك بديل آخر، وهو أن تقدم الأمانة العامة للأمم المتحدة إلى جميع الدول الأعضاء بيانات تفصيلية عن أحداث العنف وعوامل الخطورة المرصودة.

٣ –   الالتزام بتوفير الموارد

اتضحت حتى الآن صعوبة الحصول على قدر كافٍ من الالتزام السياسي لإدماج الوقاية من الجرائم الفظيعة في الممارسات اليومية للأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية والوكالات الإنمائية. ويصحب ذلك عدم تخصيص موارد مناسبة لتنفيذ هذه المهمة. وتنبع مشكلة الالتزام السياسي في بعض جوانبها عن تحديد المسؤوليات، أي تحديد الأدوار ومن تناط بهم المسؤولية عنها؟ ولعل إدراج خفض العنف في الأهداف الإنمائية للألفية يساعد على إنهاء مشكلة الالتزام، لأن مجموعة الدول بأسرها معنية بخفض النزاعات على نطاق العالم.

٤ –   إقامة الشراكات من أجل خفض العنف

على الرغم من حتمية أن تتحمل الأمم المتحدة جزءا كبيرا من عبء خفض العنف، فإن المسؤولية عن تحقيق هذا الهدف أوسع بكثير من نطاق المنظمة. وأكثر من ذلك بداهة، أهمية التأكيد مجددا على أن المسؤولية الرئيسية تقع على عاتق الدول نفسها منفردة. لكن من المهم أيضا أن تشمل المعادلة المجتمعات المدنية والجهات الفاعلة في القطاع الخاص في داخل البلدان، وتمكينها بوصفها عناصر وقاية، وتحديد الجهود الدولية بعناية من أجل دعم المصادر المحلية لقدرة المجابهة. وأخيرا، ينبغي أن نسلم بأن الأفراد هم الذين يحددون، في نهاية المطاف، ما إذا كانت المجتمعات ستنعم بالسلام أو تغرق في العنف.

٥ –   بذل العناية الواجبة

سيكون من الصعوبة بمكان تخمين الآثار السلبية غير المقصودة والحد منها عن طريق بذل العناية الواجبة. ويتطلب هذا نهج ”عناية واجبة“ من النوع الذي سبق أن استخدمته بعض المنظمات العاملة في حالات النزاع، ونادى به المساهمون الآخرون في إعداد هذا المجلَّد. وتوظِف بعض البرامج الحكومية التي تقدم المعونة في سياق النزاعات أطرا محددة لتقييم أثر المعونة التي تقدمها على البيئة الاجتماعية، في ما يعرف باسم ”مراعاة ظروف النزاع“. ومن المهم أن ينفَّذ هذا العمل بشكل منهجي، وأن يشمل التوعية بمخاطر الأنواع المختلفة من العنف.          وسيساعد على دفع هذا الأمر إلى الأمام أن ينظر الأمين العام المرتقب للأمم المتحدة في وضع استراتيجية شاملة للمنظمة من أجل خفض جميع أشكال العنف. وينبغي أن توفر تلك الاستراتيجية: ’1‘ الأساس لوضع نهج أكثر انتظاما وشمولا للإنذار المبكر والتقييم؛ ’2‘ الإرشاد بشأن كيفية تعميم الوقاية من العنف في أنشطة العمل اليومي لمنظومة الأمم المتحدة؛ ’3‘ التوجيه بشأن تحديد التوقيت المناسب لمنح الوقاية من العنف الأولوية على الاعتبارات الأخرى؛ ’4‘ الإرشاد بشأن تحسين توجيه قدرات الأمم المتحدة في مجالات المشاركة الدبلوماسية وبث رسائل التوعية العامة وتنفيذ عمليات الرصد والتقييم وإقامة الشراكات دعما للوقاية من العنف؛ ‘5’ المشورة بشأن أنسب الترتيبات لوجود الأمم المتحدة الميداني في البلدان التي تواجه مخاطر عنف جماعي؛ ’6‘ إمكانية تعزيز الشراكات، لا سيما بين الأمم المتحدة والترتيبات الإقليمية، من أجل الوقاية من العنف وإنهائه؛ ’7‘ التوجيه والدعم للدول وتنظيمات المجتمع المدني كي تتمكن من أداء دورها على أكمل وجه.

وقد واجهت أهداف التنمية المستدامة انتقادات فعلية في بعض الأوساط بوصفها مفرطة في التكلفة والطموح. بيد أن هذا هو الغرض منها على وجه التحديد، أي رسم التطلعات واستنفار العالم من أجل إنجاز ما يرى كثيرون أنه لا يمكن إنجازه. ومن شأن الاتفاق على خفض العنف بجميع أشكاله أن يتقدم خطوة هامة إلى الأمام إذا انتقلت قدرة الأهداف الإنمائية للألفية على حشد الشراكات الدولية إلى أهداف التنمية المستدامة. ولن يساعد ذلك على توجيه منظومة الأمم المتحدة بأسرها نحو تحقيق هدف خفض العنف فحسب، بل سيؤدي أيضا، في ما يبدو، إلى حشد طاقات الدول وخبراتها ومواردها بغية تحقيق أهداف التنمية المستدامة بشكل غير مسبوق. وتتمثل المهمة الراهنة في التخطيط لتحقيق تلك الأهداف ورصد التقدم تجاهها. ثم تأتي بعد ذلك المهمة الصعبة، وهي كفالة توافر ما يتطلبه ذلك من موارد والتزام سياسي. وسنرى ما إذا كانت عزيمة العالم على خفض العنف على مستوى التحديات. وليس الاتفاق على الأهداف سوى خطوة صغيرة فحسب، لكنها هامة. ونتحمل جميعا الآن مسؤولية العمل معا من أجل تحديد الأدوار الهامة التي نستطيع أداءها من أجل خفض العنف على نطاق العالم.

—————————

أليكس ج. بيلامي: هو مدير مركز آسيا ومنطقة المحيط الهادئ للمسؤولية عن الحماية، وأستاذ دراسات السلام والنزاع في جامعة كوينزلاند، أستراليا.

  • العدد 4 من المجلد الثاني والخمسين 2015 2016/05 (الوقائع – الأمم المتحدة)

أكثر من (40) ألف شاب وشابة من الكشافة يتدربون على الدفاع عن حقوق الإنسان

أكثر من (40) ألف شاب وشابة من الكشافة يتدربون على الدفاع عن حقوق الإنسان

متابعة مركز “عدل” لحقوق الإنسان

تجمع أكثر من (40) ألف شاب وشابة تتراوح أعمارهم بين (14 و 17) عاماً من جميع أنحاء العالم للتعلم والمرح والعمل على تحقيق أهداف التنمية المستدامة، خلال المخيم الكشفي العالمي الرابع والعشرين.

ويمثل هذا الملتقى العالمي، الذي يُعقد مرة في كل أربع سنوات، فرصة لأفراد الوحدات الكشفية من جميع أنحاء العالم لعمل على نشر وتعزيز رسالة السلام والتفاهم المتبادل وتطوير مهارات القيادية والحياتية لأفرادها.

مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان كان واحداً من الشركاء العالميين للملتقى، الذي ركز هذه المرة على أهداف التنمية المستدامة. عبر برامج تدريبية للكشفيين وقادة الكشافة المتطوعين، حيث قام مكتب حقوق الإنسان بتوفير مناقشات حيوية للكشافة حول “كيف يمكن لتعزيز حقوق الإنسان أن يساعد في تحقيق أهداف التنمية المستدامة”. ويعتبر المجلس هذه البرامج نوعاً من التذكير للكشافة بأنهم من خلال عملهم في الخدمة الكشفية، إنما يدافعون عن حقوق الإنسان.

المفوضة السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، ميشيل باشيليت أكدت للكشافة أن “الشباب هم في الوقت الحالي في الخطوط الأمامية للدفاع عن حقوق الإنسان”، ودعتهم إلى مواصلة الالتزام بهذا الجهد. وقالت باشيليت عبر رسالة مسجّلة إلى الكشافة الشباب “أود أن أشجعكم جميعاً على مساعدتنا في أن نجعل من هذه الالتزامات سياسات حقيقية”، وتذكروا “ن لدينا جميعا الحق في الكرامة والمساواة والعدالة والحريات الأساسية”.

المصدر وكالات

الأمم المتحدة تدعو لتشكيل محكمة دولية لعناصر “داعش” الإرهابي

الأمم المتحدة تدعو لتشكيل محكمة دولية لعناصر “داعش” الإرهابي

متابعة مركز “عدل” لحقوق الإنسان

أكد كريم خان الذي يقود تحقيقات الأمم المتحدة حول جرائم تنظيم “داعش” الإرهابي، على ضرورة تشكيل محكمة “نورنبيرغ” جديدة، لكن هذه المرة للاستماع إلى ضحايا التنظيم و“تفكيك” عقيدته.
ويقود خان فريق التحقيق التابع للأمم المتحدة لتعزيز المساءلة عن الجرائم المرتكبة من قبل تنظيم “داعش” الإرهابي، ومنذ العام الماضي يجول هذا المحامي البريطاني العراق مع نحو (80) شخصاً من أجل جمع الأدلة والشهادات.
وقال خان لوكالة فرانس برس؛ إن تنظيم “داعش” الإرهابي لم يكن عصابة أو جماعة متمردة متنقلة، كانت جانبا غير معتاد بالنسبة للعدالة الدولية، مضيفاً: “لم يكن لدى التنظيم أي محرمات، من كان يعتقد أنه سيرى في القرن الحادي والعشرين عملية صلب وإحراق رجال أحياء في أقفاص، واستعباد جنسي، وإلقاء رجال من الأسطح وقطع رؤوس؟، وكل ذلك تحت أعين الكاميرات”.
وقال خان؛ رغم ذلك الرعب، تلك الجرائم ليست جديدة، الجديد مع “داعش” الإرهابي، هو الأيديولوجية التي تغذي الجماعة الإجرامية، مثل النازيين من قبلهم.

وستسمح القضايا التي يرفعها فريق تحقيق الأمم المتحدة للدول بالحكم في الجرائم، بغض النظر عن مكان ارتكابها وهوية الجناة والضحايا.
وبالفعل، فقد أجريت محاكمات خصوصاً في فرنسا لهجمات تبناها تنظيم “داعش” الإرهابي، أو في ميونيخ حيث أدينت ألمانية بعدما تركت فتاة أيزيدية “بيعت في سوق النخاسة”، تموت عطشاً.
وقد قامت الأمم المتحدة حتى الآن بتحليل ما يصل إلى (12) ألف جثة استخرجت من أكثر من (200) مقبرة جماعية، و (600) ألف شريط فيديو لجرائم تنظيم “داعش” الإرهابي، إضافة إلى (15) ألف وثيقة لبيروقراطية التنظيم نفسه.

المصدر: وكالات

الأمم المتحدة تتبنى قرارًا حول تعزيز الحوار ومحاربة خطابات الكراهية

الأمم المتحدة تتبنى قرارًا حول تعزيز الحوار ومحاربة خطابات الكراهية

متابعة مركز “عدل” لحقوق الإنسان

تبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة بالإجماع، قرارا قدمه المغرب حول تعزيز الحوار بين الأديان والثقافات ومحاربة خطابات الكراهية.

وأكد الممثل الدائم للمغرب لدى الأمم المتحدة في نيويورك، السفير عمر هلال، خلال تقديم نص القرار أمام الجمعية العامة، أن الهدف منه هو إشعار المنظمة الدولية بمخاطر الخطابات المغذية للكراهية، وفق وكالة المغرب العربي للأنباء. وأبرز أن القرار يشجع المجتمع الدولي على إطلاق مبادرات كفيلة بالإسهام في تعزيز الحوار والتسامح والتفاهم والتعاون بين الأديان والثقافات.

وأكد الدبلوماسي المغربي أن عالم اليوم يمر بفترة مضطربة تتميز بتنامي خطابات الكراهية التي تتعارض مع قيم السلام والتسامح والتعايش، مشيراً إلى أن “التطرف الديني والسياسي ينتهك الحق في حرية التعبير ويقوض قيم التعايش واحترام الآخر والتسامح، ويتبنى الخطابات الداعية إلى الكراهية بجميع أشكالها”، ومبرزا أن هدفه في نهاية المطاف هو “التحريض على الإقصاء وبث الفرقة داخل المجتمعات وتأجيج النزاعات وإذكاء الإرهاب والفوضى”.

المصدر: الوكالة المغربية للأنباء

اليوم العالمي لمكافحة الاتجار بالأشخاص

اليوم العالمي لمكافحة الاتجار بالأشخاص

متابعة مركز “عدل” لحقوق الإنسان

في هذا اليوم العالمي لمكافحة الاتجار بالأشخاص، دعونا نؤكد من جديد التزامنا بالحيلولة دون استغلال المجرمين بلا رحمة الأشخاص لتحقيق الربح ومساعدة الضحايا على إعادة بناء حياتهم”.

                                                                                   الأمين العام للأمم المتحدة

الاتجار بالأشخاص هو جريمة استغلال للنساء والأطفال والرجال لأغراض عدة بما فيها العمل القسري والبغاء. وتقدر منظمة العمل الدولية عدد ضحايا العمل القسري في العالم بـ (21) مليون شخص بمن فيهم من ضحايا الاستغلال الجنسي. وفي حين أن من غير المعلوم عدد الضحايا الذين اُتجر بهم، فإن التقديرات تشير إلى حقيقة أن هناك ملايين البشر في ربقة هذه الممارسات المشينة في العالم. ويتأثر كل بلدان العالم بظاهرة الاتجار بالبشر، سواء أكانت من بلدان المنشأ أو نقاط العبور أو جهات المقصد.

واعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 2010، خطة العمل العالمية لمكافحة الاتجار بالأشخاص، وحثت الحكومات في جميع أنحاء العالم على اتخاذ تدابير منسقة ومتسقة لهزيمة هذه الآفة الاجتماعية. وحثت الخطة على إدراج مكافحة الاتجار بالبشر في برامج الأمم المتحدة بشكل موسع من أجل تعزيز التنمية البشرية ودعم الأمن في أنحاء العالم. وكانت إحدى الأمور المجمع عليها في خطة الأمم المتحدة هي إنشاء صندوق الأمم المتحدة الاستئماني للتبرع لضحايا الاتجار بالبشر، وخاصة النساء منهم والأطفال.

وفي عام 2013، عقدت الجمعية العامة اجتماعا رفيع المستوى لتقييم خطة العمل العالمية لمكافحة الاتجار بالأشخاص. واعتمدت الدول القرار رقم (192/68)، والذي أقرت فيه اعتبار يوم 30 تموز/يوليو من كل عام ، يوما عالميا لمناهضة الاتجار بالأشخاص. ويمثل هذا القرار إعلانا عالميا بضرورة زيادة الوعي بحالات الاتجار بالأشخاص والتوعية بمعاناة ضحايا الاتجار بالأشخاص وتعزيز حقوقهم وحمايتها.

وفي أيلول/سبتمبر 2015، اعتمد العالم جدول أعمال التنمية المستدامة 2030، بما فيها أهداف وغايات بشأن الاتجار بالأشخاص. وتدعو تلك الأهداف إلى وضع حد للاتجار بالأطفال وممارسة العنف ضدهم، فضلا عن دعوتها إلى تدابير ضرورية ضد الاتجار بالبشر، كما أنها (الأهداف) تسعى إلى إنهاء كل أشكال العنف ضد المرأة والفتاة واستغلالهما. ومن مجمل الالتزامات الـ (19) التي اعتمدتها البلدان في الإعلان، هناك التزامات ثلاثة تعنى بالعمل الحاسم ضد جرائم الاتجار بالأشخاص وتهريب المهاجرين.

على الرغم من أن لدى كثير البلدان تشريعات قانونية متساوقة مع بروتوكول منع الاتجار بالبشر، فإن تلك الممارسة مستمرة. ومما يزيد الطين بلة، أن الضحايا يتعرضون للتجريم في كثير من البلدان في حين ينجو ممارسي تلك الجرائم من العقاب.

ولذا، يركز مكتب الأمم المتحدة المعني بالجريمة والمخدرات في احتفالية هذا العام على تسليط الضوء على أهمية العمل الحكومي في ما يتصل بخدمة الضحايا، وحيث أن الدعوة للعمل ليست مسؤولية الحكومات وحسب، فأن الأمم المتحدة يشجع الجميع على العمل لمنع هذه الجريمة الشنعاء.

المصدر: الصفحة الرسمية للأمم المتحدة

 

هل تتدخل أميركا لوقف فظائع إدلب؟

روبرت فورد

كانت صورة أبٍ سوري شاب يحاول الوصول إلى ابنته وابنه الرضيع في أريحا بمحافظة إدلب في 24 يوليو (تموز) الماضي، بعد غارة جوية سورية روسية جديدة فظيعة، وكان لها تأثيرها البالغ عليّ وعلى آلاف الناس حول العالم. وفي 23 يوليو، شاهدت شريط فيديو لمواطنة أميركية في معرة النعمان، كانت تقف تحت الأنقاض بعد غارة جوية، وكانت تتوسل للرئيس ترمب لكي يتدخل لوقف القصف الذي تقوم به الحكومة السورية، وسرعان ما أدانت وزارة الخارجية الأميركية الغارات الجوية.

علمت من كثير من السوريين أنهم يتوقعون تدخل الجيش الأميركي لإيقاف الفظائع التي ترتكبها الحكومة السورية، وحري بنا كأميركيين أن نكون صادقين تماماً مع السوريين الآن، فالولايات المتحدة لن تتدخل لوقف قصف إدلب. ومن العدل أن يتساءل السوريون: لماذا؟

ها أنا قد تقاعدت عن العمل لدى الحكومة، وأستطيع التحدث بصراحة.

أولاً، فيما يخص الشرعية الدولية، كي يتدخل بلد ما عسكرياً ضد دولة أخرى، عادة ما يحتاج ذلك البلد إما إلى الرد على هجوم مباشر أو إلى موافقة مجلس الأمن الدولي. لكن سوريا لم تهاجم الولايات المتحدة، وستستخدم روسيا والصين حق النقض (الفيتو) ضد أي قرار لمجلس الأمن يمنح الأميركيين الإذن باستخدام القوات الأميركية ضد قصف الطائرات السورية لإدلب. وحتى الغارات الجوية الأميركية بعد هجمات الحكومة السورية الكيماوية هي الأخرى تخضع لمسألة الشرعية (بالطبع، يجب عليّ أن أسأل أولئك الذين يطالبون بنظام دولي يعتمد فقط على القانون الدولي والشرعية هذا السؤال: هل الدول التي تقتل مواطنيها تستحق الاحترام الكامل لسيادتها؟).

ثانياً، اقتسمت واشنطن وموسكو المجال الجوي السوري، إذ يسيطر الروس على جميع أجواء غرب نهر الفرات، فيما يسيطر الأميركيون على جميع الأجواء شرق النهر. وحال شرعت القوات الجوية الأميركية في التحليق فوق إدلب، سيكون هناك احتمال حقيقي للقتال بين الطائرات الحربية الروسية والأميركية. والحقيقة هي أنه لا أحد في الولايات المتحدة على استعداد للمخاطرة بحرب عالمية ثالثة بسبب سوريا.

الآن، يجب أن أعترف أنه عندما كنت أعمل بملف سوريا في وزارة الخارجية، قبل التدخل الروسي، لم أمارس ضغوطاً على منطقة حظر طيران أميركية فوق سوريا؛ كنا نعرف أن لدينا سؤالاً حول مسألة الشرعية. وبالإضافة إلى ذلك، تذكرنا تجربة العراق، حيث فرضت القوات الجوية الأميركية مناطق حظر طيران فوق العراق في عهد صدام، بدءاً من عام 1991 حتى عام 2003، ولم تنتهِ تلك المهام الجوية إلا عندما دخل الجيش الأميركي بغداد وأطاح بصدام. وفي عامي 2012 و2013، قال الجيش الأميركي في واشنطن خلال مناقشاتنا إن منطقة حظر الطيران فوق سوريا ستتطلب عدداً كبيراً من الطائرات وكثيراً من المهام القتالية. ولا أحد يستطيع أن يحدد متى سينتهي حظر الطيران. لقد انتهينا من سحب آخر الجنود الأميركيين من العراق في ديسمبر (كانون الأول) 2011، ولم يرغب أي من كبار المسؤولين الأميركيين عن سوريا، بمن فيهم أنا، في بدء عملية عسكرية جديدة غير محدودة في سوريا.

لكن في عام 2015، تغيرت السياسة الأميركية. فمن أجل قتال «داعش»، فرضت الولايات المتحدة منطقة حظر طيران فوق الأراضي السورية شرق نهر الفرات. وكانت هذه العملية أسهل بكثير مما أخبرنا به الجيش الأميركي عام 2012؛ العملية أصغر لكنها ناجحة. فتلك المدن الواقعة في شمال شرقي سوريا لا تخشى الضربات الجوية، وتتمتع بأمن نسبي لا يحلم به سكان إدلب.

ولذلك، يمكننا أن نتساءل ما إذا كان الأميركيون يبالون حقاً بحياة المدنيين السوريين أم لا. عاطفياً، بالتأكيد يبالون، فقد عملوا مع الأمم المتحدة، وأنفقوا أكثر من 9 مليارات دولار لمساعدة النازحين واللاجئين السوريين خارج سوريا. وهناك منطقة حظر طيران في شرق سوريا، لكن الغرض من منطقة حظر الطيران هذه هو مساعدة «قوات سوريا الديمقراطية» التي تقاتل «داعش»، وهناك شعور في الإدارة والكونغرس، وفي كثير من وسائل الإعلام الأميركية، بأنه يتعين على الأميركيين مساعدة تلك القوات لأنهم ساعدونا في مواجهة «داعش». لا أحد يعلم كم من الوقت ستستمر منطقة الحظر الجوي هذه، أو تلك العلاقة الخاصة التي تربطنا بـ«قوات سوريا الديمقراطية»، لكن خبرتنا تقول إنها ستنتهي يوماً ما.

منذ زمن الرئيس باراك أوباما حتى اليوم، حرص الأميركيون على أن تكون مشاركتهم في سوريا محدودة. ومن الجدير بالذكر أن الرئيس دونالد ترمب أصر على ألا تقدم الولايات المتحدة كثيراً من التمويل لإعادة بناء الرقة، بعد أن استعادتها القوات الأميركية والسورية الكردية من سيطرة «داعش». وفي الوقت نفسه، لا يقدم الأميركيون أي مساعدة لتخفيف المعاناة الشديدة للنازحين بمخيم الركبان، بالقرب من قاعدة أميركية في منطقة «تنف»، في جنوب سوريا. فالأميركيون موجودون لمنع إيران من إيجاد طريق هناك، بمعنى أنهم ليسوا هناك لمساعدة منطقة الركبان. ورغم احتلال الجيش الأميركي لمنطقة «التنف»، وبالتالي مسؤوليتها عن منطقة «الركبان»، وفقاً للقانون الدولي، فإن واشنطن تزعم أن «الركبان» تمثل مشكلة بالنسبة لدمشق وموسكو فقط.

ومن الجدير بالذكر أن واشنطن منعت معظم المواطنين السوريين من الحصول على تأشيرات أميركية. واقترحت إدارة ترمب مؤخراً على الكونغرس حظر دخول أي لاجئ جديد، بما في ذلك السوريون. لذلك إذا كنت مواطناً سورياً، أنصحك بأمانة بألا تتوقع الكثير، ولا تنتظر جديداً من الولايات المتحدة.

——————————————————-

– روبرت فورد: السفير الأميركي السابق لدى سوريا والجزائر والباحث في معهد الشرق الأوسط في واشنطن.
* خاص بـ«الشرق الأوسط» 29 يوليو 2019م رقم العدد [14853]