“تحاليل سياسية” ليست سياسية

حازم نهار

ثمة أنماط شائعة من تحليل الواقع السياسي، ومعظمها ضالة ومضلِّلة، واهمة وناشرة للوهم، وبعيدة من حقائق الواقع، ينساها صاحبها بعد فترة وجيزة من الزمن، ولا تترك أثرًا لديه أو لدى المتلقين، ولا تضيف في المآل أي تطور أو تغيير في طرائق التفكير، أو في مستوى معرفة الواقع، والتنبؤ بمساره وحوادثه. أنماط التحليل الشائعة متنوعة، ويمكن أن توجد بعضها مجتمعة لدى الشخص نفسه، بحسب الحدث السياسي المتناول، واللحظة الزمنية التي يمر بها صاحب التحليل.

هذا يعني أن الشخص المحلِّل للسياسات أو القارئ للواقع لا يتوافر، من الأصل، على تماسك منهجي، ترابط المقدمات والنتائج، وثبات وجهات نظره نسبيًا عبر الزمن، لذلك ليس هناك ما هو أصعب من الدخول في نقاش مع هذا النمط من “المحلِّلين”، إذ لا يمكن أن يكون هناك أي معنى أو نتيجة لأي حوار معه طالما لم يعترف بضرورة التعب على الذات، وبذل جهد فكري سياسي مهم بهدف التخلص من أنماط التحليل السياسي الشائعة، والتي أعرضها بحسب رؤيتي في ما يلي:

1- التحليل السياسي الأيديولوجي: أصحاب الأيديولوجيات المغلقة والشمولية في العموم بعيدون جدًا من تقديم تحليل سياسي حقيقي أو قراءة علمية لحوادث الواقع، إذ تستولي على رؤوسهم المسبقات والمسلمات الأيديولوجية التي يسعون لإثبات صحتها في الواقع، ليكون هاجسهم الأساسي إثبات أن الواقع والمتغيرات تسير وفقًا لتعاليم أيديولوجياتهم، وأنهم كانوا على صواب دائمًا. وهناك أمثلة لا حصر لها على هذا النمط من تحليل الواقع، فالمحلِّل الأيديولوجي الشيوعي مثلًا من الصعب غالبًا أن يستوعب فكرة الدور الروسي الذي يقف ضد تطلعات شعوب المنطقة، وسيظل ينتج قراءة سياسية للواقع أساسها القناعة بالسعي الروسي للسلام والمناصرة الروسية. والمحلِّل الأيديولوجي الإسلامي، منطلقه على الأغلب في تحليل الدور الإيراني في سورية هو الخلاف المذهبي بين السنة والشيعة، فيما المحلِّل الأيديولوجي القومي الكردي يحلِّل السياسة التركية في الأغلب استنادًا إلى أيديولوجية قومية متوجسة وعدائية تجاه تركيا جملة وتفصيلًا. أما المحلِّل القومي العربي فمن العبث إقناعه بأن مصر السيسي مختلفة عن مصر عبد الناصر، لذلك يلهث باتجاه، كما يقول ويكرِّر، باتجاه دور مركزي لمصر في حل القضية السورية. جميع هذه القراءات أيديولوجية وذاتية ولا علاقة لها بالسياسة أو الواقع.

2- التحليل السياسي الإعلامي: يعتمد هذا النوع من التحليل على استنباط الحقائق وقراءة الواقع من خلال متابعة التصريحات الإعلامية لأصحاب القرار أو من رصد الأخبار الانتقائية أو الجزئية أو المحوَّرة أو الكاذبة التي تبثها القنوات الفضائية. هنا يفوت هؤلاء مقولة إلياس مرقص “الدبلوماسية هي فن الكذب”، بمعنى أن تصريحات وبيانات الشخصيات والجهات والقوى السياسية تحتوي بطريقة أو أخرى شيئًا من الكذب أو التلفيق بالضرورة. الإعلام فيه ما هو صادق وما هو كاذب، ويحتاج تبيان الحقائق إلى الكثير من المقارنة والتدقيق والبحث والتمحيص لكل ما نراه ونسمعه. من المشكلات المعهودة أيضًا في هذا السياق الركون إلى الصحافة الغربية، وبحكم عقدة النقص لدى أبناء المنطقة تجاه الغرب، تصبح أي مقالة منشورة في الصحافة الغربية ذات صدقية عالية، ويُعتمد عليها في التحليل السياسي.

3- التحليل السياسي الطائفي أو المذهبي: ثمة نوع من التحليل السياسي الذي شاع خلال العامين الماضيين، وهو التحليل الذي يستند إلى خلفية طائفية أو موقف طائفي أصلًا في قراءة الواقع السياسي. هناك مثلًا تحاليل شائعة لوضع وسياسات وممارسات إيران وحزب الله والسعودية وقطر وتركيا وجبهة النصرة وغيرها، تختلط بهذه الدرجة أو تلك بالخلفية الطائفية للمتحدث والطرف الخاضع للتحليل. هذا النمط من التحليل لا يوصلنا بالتأكيد إلى معرفة الواقع وفهم السياسات الفاعلة فيه، فالدول والشخصيات المختلفة يمكن أن تستخدم الخطاب الطائفي للتضليل أو بقصد التعبئة والتجييش، لكنها في الأغلب غير معنية بالطوائف والمذاهب.

4- التحليل السياسي الرغبوي أو الذاتي: وهذا نمط من التحليل يعبر عن استمرار نمط العلاقة الطفولية في التعاطي مع الواقع. فبدلًا من اشتقاق الهدف من الواقع، تجري قراءة الواقع بالانطلاق من الهدف. فقد سمعنا مثلًا كثيرًا من القراءات والتحاليل السياسية الساذجة التي تنبأت بسقوط النظام السوري خلال شهرين أو بضعة أشهر، وهي قراءات تفرض رغبتها وأمنياتها على الواقع، ليصبح الواقع بالتالي في هذا التحليل طوع بنان الأمنيات والأمزجة الشخصية. كذلك، هناك شكل من تحليل الواقع ينطلق أساسًا من تبني موقف سياسي قطعي، وبالاستناد إلى هذا الموقف يجري التعامل مع حوادث الواقع. مثلًا، صاحب الموقف الموالي للنظام سيقرأ الوضع الميداني بطريقة مختلفة عن قراءة صاحب الموقف المعارض، وهي قراءة ذاتية لا ترى الواقع كما هو بمعزل عن الموقف السياسي.

5- التحليل السياسوي: وهذا نمط من التحليل يهتم كثيرًا بالبنية السياسية الفوقية، أي مراكز القرار والحكم، وعلاقات أركانها ببعضهم بعضًا وبالآخرين، فنرى صاحب التحليل مهتمًا بأخبار العلاقات الشخصية للرؤساء والملوك والأمراء، باعتبارها أمرًا حاسمًا في تحريك الواقع والعلاقات بين الدول والقوى المختلفة. لا نزال نتذكر التحاليل السياسية التي فسرت السياسة الأميركية في سورية بالاستناد إلى شائعات أو ادعاءات طالت الرئيس الأميركي أوباما، مثل “الكشف” المبين عن أصوله الشيعية، وكذلك التحاليل التي قرأت أوضاع النظام السوري استنادًا إلى تناول عدد من شخصياته كرستم غزالة وعلي مملوك وغيرهم.

6- التحليل السياسي الإقليدي أو الخطي: هناك نمط من التحليل يقوم على النظر إلى العلاقات السياسية على أنها علاقات بسيطة خطية، تمامًا كالهندسة الإقليدية التي تعتمد العلاقات الخطية في مستوٍ مؤلف من بعدين فحسب. فهذا التحليل يعمل على تقسيم الدول والقوى والفاعلين إلى معسكرات مغلقة، تقوم بينها علاقات تبعية خطية في اتجاه واحد. وبالتالي يجري تفسير حوادث الواقع استنادًا إلى هذا التبسيط المضلِّل. فالعلاقات الدولية أعقد كثيرًا، ولا تسير بشكل خطي بسيط، بل تنبني عبر الزمن في صيغ مركبة ومعقدة بشكل كبير. علاقة أميركا بإسرائيل وبدول الخليج مثلًا في غاية التعقيد، ولا تقوم على أساس خطي ينطلق من أميركا ويصب في هذه الدول، فليس كل ما تقوم به هذه الدول يخضع للضوء الأخضر الأميركي، بل يمكن لهذه الدول، مع اختلاف في الدرجة في ما بينها بالطبع، أن تؤثر نسبيًا في السياسة الأميركية، ومثلها أيضًا علاقة روسيا وإيران بالنظام السوري. بمعنى آخر، نكتشف دائمًا تناقضات أيديولوجية واقتصادية وسياسية معقدة بين الدول المتحالفة في ما بينها.

7- التحليل السياسي القياسي: هنا يقوم المحلِّل ببساطة باستحضار تجربة سياسية من التاريخ أو الواقع الحديث، ويسبغها على واقع آخر، لتصبح مهماتنا مقصورة على التكرار الطفولي، ونقل الممارسات من التجربة المعتمدة وتطبيقها في الواقع الجديد. هذا يحدث بالطبع من دون قراءة معمقة للتجربة وتفاصيلها وأحوالها وشروطها وزمنها والأطراف الفاعلة فيها. فقد قام مثلًا بعض المحلِّلين “العتاة” باستحضار التجربة الليبية وحشروا الواقع السوري فيها، وتنبؤوا بمسار هذا الواقع بالاستناد إلى ما حدث في ليبية من تدخل عسكري، والظواهر التي رافقته مثل تشكيل “مجلس انتقالي ليبي” وغيرها، لكن الواقع كان فظًا معهم، وأظهر طفولية تحليلاتهم بوضوح. في الحقيقة، القياس الميكانيكي هو أبسط طرق التفكير، ويعبر عن سذاجة مؤلمة في قراءة الواقع.

8- التحليل السياسي الرقمي: هناك نمط من تحليل الواقع يستند بشكل رئيسي إلى أرقام إحصائية اعتباطية، أو أرقام منشورة في الإعلام، أو أرقام ملوية الذراع، اختلقها أو حوِّرها “باحث” ذو موقف سياسي أو أيديولوجي أو مذهبي. من الجدير القول إن الأرقام الإحصائية واحدة من عناصر كثيرة في التحليل، ولا يمكن الاعتماد عليها وحدها في كشف الواقع والتنبؤ بمساره، خصوصًا أن معظم الدراسات الإحصائية الشائعة تعتمد بعدًا رقميًا واحدًا في التعاطي مع الواقع، إضافة إلى اختلاف الأرقام باختلاف الباحثين واللحظة الزمنية التي تجرى فيها الدراسة. من الأمثلة على ذلك التحاليل المنتشرة التي تعتمد على أرقام النفط والطافة في تفسير حوادث الواقع وسياسات الدول، إذ لا يمكن أن يكون الحقل السياسي انعكاسًا صرفًا لتلك الأرقام وتأثيراتها، على الرغم من تأثيرها الأكيد.

9- التحليل السياسي الحقوقي: في هذا النمط من التحليل الذي يقوم به بعض ناشطي حقوق الإنسان، تجري مقاربة الواقع من خلال الحقوق وليس المصالح وتوازنات القوى، وتتحدد مواقف المحلِّل الحقوقي تجاه حوادث الواقع بالاستناد إلى الحقوق فحسب. يؤمن هذا المحلِّل ضمنيًا بأن الحقوق هي التي تحرك الواقع وتصنع سياساته، فنراه يدخل في جدالات حقوقية لا نهائية لإثبات صحة مقولاته. في الحقيقة، لو كانت الحقوق هي الأساس لاسترجعنا فلسطين والجولان منذ نصف قرن على الأقل. ويلاحظ كذلك أن الحقوق تعمل لدى الحقوقي المحلِّل في مكان وتغيب في مكان آخر. فالحرب السعودية في اليمن هي عدوان على الإنسانية من وجهة نظر حقوقية، بينما حرب حزب الله في سورية ليست كذلك، مع العلم أنه لا قيمة لمثل هذه الرؤى أصلًا، للأسف، في حقل السياسة.

10- التحليل السياسي القائم على “الجكارة”: وقد شاع مثل هذا التحليل في ظل حالة التوتر والاستقطاب الحادة في الوضع السوري، فليس من النادر أن يقوم محلِّل ما بتقديم تحليله للواقع بالانطلاق من عدائية مفرطة أو بتأثير من هامشيته المزمنة، مقدمًا رؤية مستحيلة التصديق، ولا غاية لها سوى “احتقار” عقل الآخر، كالتحليل الذي قدمته بعض الشخصيات والقوى “المعارضة” لقصف غوطة دمشق بالكيماوي، إذ اعتبرت أن “المعارضة المسلحة” في ريف دمشق هي التي أطلقت الصواريخ الكيماوية، وهو تحليل لا يصب، في الحقيقة، سوى في خانة “المجاكرة”.

أخيرًا، إن القدرة على إنتاج تحليل سياسي صائب وقراءة حوادث الواقع ومساراته وسياساته، تحتاج إلى جملة من الأدوات الضرورية، ومن دونها لا يمكن أن نسمي أي مقاربة للواقع والوضع السياسي إلا شكلًا من أشكال الهذر والتخريف، أو شكلًا من التضليل المقصود أو غير المقصود للذات والآخر، ولهذا الأمر ميدان آخر يطول الحديث فيه.
10/06/2015

من صفحة الكاتب على الفيس

جلسة طارئة لمجلس الأمن حول سوريا

متابعة مركز عدل لحقوق الإنسان:

عقد مجلس الأمن مساء الجمعة جلسة طارئة لبحث الوضع في سوريا، وندد عدد من الدول الأعضاء في المجلس وعلى رأسها المملكة المتحدة، ودول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة بالهجوم الأخير الذي شنته القوات السورية في شمال غرب سوريا والذي أدى إلى مقتل 33 جنديا تركيا على الأقل.

وشارك في الجلسة الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، والذي أعرب في البداية عن قلقه البالغ إزاء ما يرى بأنه تغيير في طبيعة النزاع في إدلب.

وقال الأمين العام: “إن المجلس يعي تماما الوضع الإنساني الدراماتيكي في المنطقة، وتحديدا بعد آخر عملية عسكرية. ولكن أبعد من هذا الوضع الإنساني الدراماتيكي أعتقد أنه من المهم الإقرار بأن النزاع تغيّر بطبيعته وقد شهدنا تصعيدا جديا خلال الأيام الماضية.”

الأمين العام للأمم المتحدة يحضر الجلسة الطارئة لمجلس الأمن حول سوريا

وأضاف الأمين العام أنه يرغب في اغتنام الفرصة للتعبير عن امتنانه للسفيرين الروسي والتركي على جهودهما في إتاحة تواصله مع دولتيهما أثناء متابعته للأحداث، مشيرا إلى اتصال هاتفي جرى صباح الجمعة بين الرئيسين الروسي والتركي، كما أن وفدا روسيا زار أنقرة أمس واليوم. وأضاف: “بحسب المعلومات التي وردتني، فإنه دون إيجاد حل أعتقد أن كل ذلك يخلق بيئة بحيث يخرج خطر التصعيد عن السيطرة، أخذا بالحسبان حجم القوات في إدلب ومحيطها، وهو أمر لا يمكن الاستهانة به.”

وجدد السيد أنطونيو غوتيريش دعوته للحاجة إلى وقف القتال: “أنا آخذ بعين الاعتبار ليس فقط العواقب الإنسانية للقتال، فأي تصعيد بطبيعة الحال سيكون له عواقب إنسانية وخيمة، ولكن الخطر الكبير هو في إمكانية التصعيد نفسه.”

ديكارلو تدعو الدول إلى تحمل مسؤولياتها ووقف العنف

وبدورها قدّمت وكيلة الأمين العام للشؤون السياسية وبناء السلام، روزماري ديكارلو، إحاطة أمام مجلس الأمن، حثّت خلالها كلا من روسيا وتركيا على البناء على الاتفاقات الماضية للتوصل إلى وقف القتال وتجنيب المدنيين المعاناة التي تنتج عن التصعيد. واستعرضت التطور في الأوضاع في إدلب خلال الأيام الماضية قائلة إنه خلال الأيام التسعة الماضية قامت القوات السورية، بغطاء جوي روسي بمواصلة التقدم وسيطرت على عدد كبير من القرى جنوبي إدلب، وتواصلت الغارات الجوية على خطوط التماس والمناطق السكنية البعيدة عن مناطق القتال.

وأضافت السيّدة ديكارلو أن المجموعات المسلحة غير الحكومية شنت هجوما مضادا في شرق إدلب وأعادت السيطرة على سراقب التي استعادتها القوات الحكومية خلال الأسابيع الأخيرة. ما جرى مؤخرا قد دفع بالحكومة السورية من الانسحاب من الطريق السريع M5، وأدت القوات التركية دورا داعما في هذه العملية.

وكيلة الأمين العام للشؤون السياسية وبناء السلام، روزماري ديكارلو، تقدم إحاطة أمام مجلس الأمن حول سوريا

وقالت ديكارلو: “إن مليون شخص نزحوا منذ شهر كانون الأول/ديسمبر، الكثير منهم نزح أكثر من مرة. كما أن نحو 1،950 مدنيا قتلوا منذ نيسان/أبريل. والرقم الحقيقي قد يكون أعلى من ذلك. كما أن معظم الوفيات من المدنيين (94% منها) ومعظمها في المناطق الواقعة تحت سيطرة المعارضة.” وأشارت إلى أن مرتكبي الفظائع لا يخشون المساءلة والحساب. وأضافت: “المدنيون في إدلب يعيشون تحت تهديد يومي ويسعون للهرب من الغارات ونيران المدفعيات والهاون، هم لا يطلبون هدنة إنهم يطلبون وقفا كاملا للقتل. ونحن من مسؤوليتنا بذل الجهود لوضع حد لهذا العنف.”

إدانة للتصعيد

وقبيل الجلسة، أصدرت دول الاتحاد الأوروبي في مجلس الأمن وهي إستونيا وبلجيكا وفرنسا وألمانيا وبولندا (بصفتها عضو سابق غير دائم في مجلس الأمن) بيانا طالبت فيه بوقف التصعيد العسكري في إدلب “فورا” وندد الأعضاء بالهجوم الذي أوقع ضحايا من الجيش التركي وأعربت دول الاتحاد عن تضامنها مع تركيا وقدمت تعازيها لأنقرة.

وجاء في البيان أن هذه الهجمات تبيّن أن النظام السوري، مدعوما من روسيا، يواصل استراتيجيته العسكرية بدون هوادة، ويتجاهل عواقب أفعاله على المدنيين.

بريطانيا تحذر مما وصفته وحشية العملية الروسية والتصرف غير المسؤول وإمكانية التصعيد

بدورها شددت بريطانيا في بيان سبق الجلسة على الحاجة إلى وقف لإطلاق النار ومساعدة المدنيين في الحصول على الغذاء، ودعا البيان من يشن الحملة العسكرية إلى وقفها فورا، محذرا من “وحشية العملية الروسية والتصرف غير المسؤول” وإمكانية التصعيد. ودعت بريطانيا المجلس إلى الاضطلاع بدوره في صون السلم والأمن الدوليين والسعي إلى تجنب أي تصعيد لوضعٍ يتسم بالخطورة أصلا.

كما أدانت مندوبة الولايات المتحدة الدائمة لدى الأمم المتحدة، كيلي كرفت، الهجوم الذي أدّى إلى مقتل الجنود الأتراك، وشددت على تضامن الولايات المتحدة مع تركيا.

وقالت إنه تم استهداف الجنود في نقطة مراقبة مشيرة إلى أن النظام السوري انتهك بذلك اتفاق أستانا ثلاث مرات: درعا، الغوطة الشرقية وإدلب. ودعت إلى تطبيق وقف دائم لإطلاق النار كحل لما يحدث.

من جانبه أشار المندوب التركي إلى استهداف قافلة عسكرية تركية أمس الأربعاء لمدة خمس ساعات من قبل روسيا وسوريا، مما أدّى إلى مقتل 34 جنديا. وأضاف أن سيارات الإسعاف التي هرعت إلى الموقع تعرّضت أيضا للهجوم. وقال إن ذلك يدل على الاستهداف المتعمد للجيش التركي مشيرا إلى أن لتركيا الحق في الدفاع عن النفس والردّ بالمثل.

وقال إن تركيا أظهرت أقسى درجات ضبط النفس لتجنب المواجهة العسكرية المباشرة، ولكن ما يحدث هو معركة بين “الحق والباطل” وتركيا تأخذ هذه الجهود على عاتقها، على حدّ تعبيره، نيابة عن المجتمع الدولي لحماية ملايين المدنيين، معظمهم نساء وأطفال.

روسيا وسوريا ترفضان الاتهامات

الحادثة لم تكن بالقرب من موقع مراقبة، بل بالقرب من بليون، أي بعيدا عن أي موقع مراقبة كما قالت المندوبة الأميركية — المندوب الروسي

رفض المندوب الروسي الدائم لدى الأمم المتحدة، فاسيلي نيبنيزيا، ما قالته المندوبة الأميركية بشأن ضرب الجنود الأتراك في نقطة مراقبة، وقال: “البارحة وقعت حادثة وهذه الحادثة لم تكن بالقرب من موقع مراقبة، بل بالقرب من بليون، أي بعيدا عن أي موقع مراقبة كما ذكرت المندوبة الأميركية.” وأضاف أن وزير الدفاع الروسي أشار إلى أن الإحداثيات التي وصلت إلى الجانب الروسي البارحة لم تشمل المواقع التي أصيب فيها الجنود الأتراك، كما أن الجانب الروسي اتخذ جميع الإجراءات اللازمة لإجلاء المصابين والجرحى. وأضاف أن القوات الجوية الروسية لم تشارك بهجمات بالقرب من بليون في إدلب، معربا عن أسفه لمقتل الجنود الأتراك.

أخبار الأمم المتحدة

الانتخابات الإيرانية الأخيرة وأدنى النتائج سوءاً

أمير طاهري

يتطلب توصيف التجربة الأخيرة من التصويت في انتخابات جمهورية إيران الإسلامية قدراً كبيراً من التبسط والتساهل. فمع كافة المرشحين الموافق عليهم مسبقاً من جانب السلطات، مع عدم الإعلان عن أي فائز من دون الحصول على شعار المرشد الإيراني الأعلى، فإن الحديث عن الانتخابات الإيرانية يوازي «شد الحبل» المعجمي واستطالته حتى الانقطاع، وبرغم ذلك، فإن قواعد المراوغة اللغوية والأدبية المستعان بها تستلزم قدرها الطبيعي من الاهتمام، لأسباب عدة.
بادئ ذي بدء، اختارت أقل نسبة ممكنة من الناخبين الإيرانيين المؤهلين للتصويت الانطلاق إلى صناديق الاقتراع. وقررت السلطات الإيرانية بعد أيام من التردد الشديد الإعلان عن نسبة الإقبال على الانتخابات التي قيل إنها بلغت 42 في المائة، وهي أدنى نسب الإقبال المسجلة في تاريخ الجمهورية الإسلامية حتى اليوم. ولم تتجاوز نسبة الإقبال على صناديق الاقتراع في العاصمة طهران وحدها 24 في المائة. وسجلت أربع محافظات أخرى، هي خوزستان، وجيلان، وقم، والبورز، أدنى نسب الإقبال هي أيضاً؛ إذ لم تتجاوز 30 في المائة إجمالاً.
وفي حين أن الانتخابات الرئيسية كانت لأجل انتخاب البرلمان الإسلامي الجديد، فلقد تزامنت مع انتخابات التجديد النصفي لمجلس الخبراء، الذي يشرف – من الوجهة النظرية فقط – على أعمال وأداء المرشد الإيراني الأعلى. وسجلت تلك الانتخابات نسباً أقل من المشاركة في التصويت، وبلغت النسبة مستوى 20 في المائة فقط في بعض الحالات. ولم يفلح أحد من آيات الله العظمى في جذب عدد معتبر من الأصوات، باستثناء آية الله محمد تقي مصباح يزدي، فقيه المذهب الشيعي البارز، الذي اجتذب نسبة تجاوز 30 في المائة من أصوات الناخبين في مدينة مشهد.
وإجمالاً للقول، تجاوب ثلثا الناخبين الإيرانيين المؤهلين للتصويت إلى دعوة مقاطعة الانتخابات الأخيرة، الصادرة عن مجموعة واسعة من القوى السياسية في الداخل الإيراني.
وبمزيد من الأهمية، ربما تعكس لنا دراسة لأنماط التصويت في الانتخابات الإيرانية أن المقاطعة كانت أعمق تأثيراً بين جموع الناخبين الأكثر فقراً، في حين شهدت الطبقة الوسطى الإيرانية الجديدة التي نشأت في أعقاب الثورة نسبة إقبال معتبرة. وبكلمات أخرى، يمكن للجمهورية الإسلامية أن تعتبر نفسها «منبوذة» على نحو واضح من قبل فئة «المستضعفين»، أو الجماهير الفقيرة التي لا تكف الزمرة الإيرانية الحاكمة عن الادعاء بأنها تمثلها وتعمل لأجلها.
كما يستحق تكوين المجلس الإسلامي الإيراني المقبل نظرة اهتمام واعتبار لجملة من الأسباب.
للمرة الأولى منذ أربعين عاماً، سوف يتخذ المجلس الجديد مظهر القاعدة الصلبة للنزعة الخمينية المتشددة، صارفاً النظر تماماً – أو ربما ضارباً بعرض الحائط – كوميديا «الصقور والحمائم» المستمرة في ابتذال منذ قرابة أربعة عقود، في استهداف واضح لخداع الطبقات الوسطى الإيرانية القديمة، ناهيكم عن العالم الخارجي المراقب عن كثب.
ولقد جرى – بكل عزم وإصرار – تهميش ما يسمى تيار المعتدلين والإصلاحيين الذين كانت رسالتهم الأولى تتمحور حول منح نظام الحكم الإيراني من النسخة الكورية الشمالية المستبدة مظهراً إسكندنافياً لامعاً وبراقاً. وفي واقع الأمر، يمكن لبعضهم اعتبار هذه الخطوة نهاية فعلية غير معلنة لإدارة الرئيس حسن روحاني، حتى برغم أنه من غير المرجح أن يتخذ الرجل الخطوة الكفيلة بحفظ ماء وجهه أمام شعبه، والتنحي عن سدة الحكم والرئاسة.
يحمل 221 عضواً من أعضاء المجلس الإسلامي الجديد – من أصل 290 عضواً – شعار المتشددين أو «الصقور»، في حين يزعم 20 عضواً آخر بأنهم من المعتدلين أو «الحمائم». مع حفنة من 15 عضواً من أعضاء المجلس الجديد تتشدق بالولاء للرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد الذي عاد مروجاً لصورته الذاتية، محاولاً اتخاذ موضعاً وسطاً ما بين المهاتما غاندي الهندي وجنكيز خان المغولي. وتبقى لدينا جوقة من 33 عضواً من المذبذبين، لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء، من الأعضاء الذين يملكون قدراً من الدعم المحلي، ولكن مواقفهم ومبادئهم منفتحة على الدوام لاستقبال أعلى العطاءات. وأخيراً، لدينا 11 مقعداً مخصصاً للمرشحين الذين لم يفوزوا بالأغلبية، والذين تتقرر مصائرهم الانتخابية في الجولة التالية من التصويت.
ويعتبر المجلس الإسلامي الجديد هو أول انعكاس للتوازن القائم بين القوى الحقيقية ضمن المؤسسة الخمينية الحاكمة في البلاد. ويشكل «الحرس الثوري» الإيراني – العمود الفقري الداعم للنظام – الكتلة الأكبر، باحتلاله 123 مقعداً من مقاعد المجلس. أما رجال المذهب الشيعي الموالون للنظام الحاكم، وتربطهم صلات جد وثيقة بـ«الحرس الثوري» فسوف يحصلون على 43 مقعداً من مقاعد المجلس الجديد. وبالتالي، وحتى في ظل غياب الكتلة الموالية لمحمود أحمدي نجاد، يحظى «الحرس الثوري» وأذرعه المساندة بالأغلبية الكاسحة المطلوبة في المجلس. وحقيقة أن المجلس الجديد يعبر عن الطبيعة الحقيقية للنظام الإيراني بصورة غير مسبوقة، ينبغي اعتبارها تطوراً إيجابياً في الأحداث.
وعلى الصعيد المحلي، تفرض الانتخابات الأخيرة حداً لمزاعم علي خامنئي، بأن إخفاقات النظام الإيراني خلال العقود الأربعة الماضية مرجعها إلى التيارات المعتدلة الإصلاحية من «بُناة رفسنجاني» إلى «فتيان نيويورك لروحاني». وعلى صعيد السياسة الخارجية، من شأن المجلس الجديد القضاء على الأوهام التي كثيراً ما دندن حولها الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما، بأن السبيل الوحيد لإعادة إيران إلى الحظيرة الدولية، يكمن في دعم التيار الإيراني المعتدل من خلال منح التنازلات إلى النظام الإيراني الحاكم.
كما يكشف المجلس الجديد عن الطبيعة الحقيقية للنظام الخميني، المتمثلة في أنه من أنظمة الحكم النموذجية في العالم الثالث، بالاستناد الكامل إلى الأجهزة الأمنية والعسكرية في دعم النظام، مع «لمعة» آيديولوجية طفيفة. تماماً كما هو الحال في نظام فيدل كاسترو في كوبا، ونظام روبرت موغابي في زيمبابوي، وقبل كل شيء، نظام الحكم المستبد في كوريا الشمالية، التي تعتبر النموذج المثالي لأنظمة الحكم الرائعة من وجهة نظر حكومة علي خامنئي.
ومن واقع ذلك، لا يتوقع أحد احترام الجمهورية الإسلامية لحقوق الإنسان، أو تشجيع المشاركة الداخلية الفاعلة في صناعة القرارات السياسية، أو رفع أولوية التنمية الاقتصادية على الهوس بالنقاء الآيديولوجي. ويتعين على الطبقة الوسطى الإيرانية الجديدة، بما في ذلك المؤيدون لها في الغرب، قبول ذلك، أو حتى التزلف لنظام حكم الخميني، مع العلم الواضح بالعجز التام عن المسير في سبيل الاعتدال أو الإصلاح.
أما في الخارج، فمن شأن القوى المعنية بالمسألة الإيرانية، سواء لخدمة إيران أو اعتراضاً عليها، أن تدرك تماماً ماهية الوحش الذي يتعاملون معه، من حيث تلمس الحلول المؤقتة حياله، أو محاولة العمل من أجل تغيير النظام الحاكم بأسره في طهران. وبمزيد من الأهمية، سوف يدركون أن الشخصيات الإيرانية البارزة التي يتفاوضون معها ليست مجرد ممثلين يقومون بأدوار باهتة في منصب الرئيس أو وزير الخارجية.
ولقد نجحت استراتيجية «الضغط الكبير» التي اعتمدها الرئيس الأميركي دونالد ترمب في تعامله مع إيران، والتي تهدف في ظاهر الأمر إلى إقناع طهران بالتعديل من سلوكياتها، في إجبار النظام الحاكم على إعادة ترتيب الصفوف، والتأهب لخوض معركة النهاية.
ومن المفارقات، برغم كل شيء، أن نجاح الاستراتيجية الأميركية قد أسفر عن إحياء إمكانية إبرام الصفقات مع النظام الإيراني. فمع إقصاء «فتيان نيويورك» خارج المشهد السياسي، لم يعد «الحرس الثوري» الإيراني والأذرع الموالية له يخشون الانقلاب المدعوم من الولايات المتحدة الذي يمكن أن يفضي إلى تهميش أدوارهم، أو العصف بهم تماماً خارج حظائر السلطة في إيران. هناك كثير من أنظمة الحكم الفاسدة في عالمنا المعاصر التي تتسامح، أو ربما تتعايش معها الولايات المتحدة، ما دام فسادهم ظل قيد السيطرة، أو حبيس الغرف المغلقة.
تمخضت انتخابات الجمعة الماضي في إيران عن أدنى النتائج سوءاً، في ظل الظروف الراهنة. ولقد خلع علي خامنئي وصف «الاستفتاء الجديد» على التجربة الأخيرة لصالح أو في معارضة النظام الخميني. وتعكس النتائج المسجلة أن السواد الأعظم من الشعب الإيراني إما أنه رافض تماماً للنظام الحالي، وإما لم يعد يؤيده بالهمة نفسها والنشاط ذاته.
كما عكست الانتخابات الإيرانية كذلك أن نحو ثلثي الشعب الإيراني، بما في ذلك شريحة الطبقة الوسطى الحضرية الجديدة، لا يزالون يؤيدون الأقلية الصغرى من النخبة الأمنية والعسكرية المحتكرة لأسباب المال والسلطة في البلاد. أما بالنسبة للمعارضة الإيرانية، فإن إماطة اللثام عن حقيقة النظام الحاكم هي من الآلاء العظيمة، إذ إن معرفة حقيقة الطرف الذي تقاتله تعد الخطوة الأولى على طريق صياغة استراتيجية التغيير الموثوقة.
الشرق الأوسط

تأكيد على أهمية إيصال المساعدات عبر الحدود في شمال غرب البلاد

متابعة مركز عدل لحقوق الإنسان:

حذرت مساعدة الأمين العام للشؤون الإنسانية ونائبة منسق الإغاثة في حالات الطوارئ، مجلس الأمن يوم الخميس من أن احتياجات السكان في سوريا لا تزال هائلة وتستمر في الزيادة وسط تكشف كارثة إنسانية في شمال غرب البلاد.

وقالت أورسولا مولر إن “عدد الأشخاص الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي قد ارتفع في عام 2019 بمقدار 1.3 مليون شخص، ليصل إلى 7.9 مليون شخص في عام 2020″، مضيفة أن “الخسائر البشرية الرهيبة للوضع في شمال غرب سوريا تتطلب عناية المجلس”.

وأضافت “أكرر نداء الأمين العام المتجدد الداعي إلى وقف فوري لإطلاق النار لإنهاء الكارثة الإنسانية وتجنب تصعيد لا يمكن السيطرة عليه”.

ووفقا لأحدث البيانات المتاحة للأمم المتحدة، فرّ ما يقرب من 950،000 شخص من القتال في الشمال الغربي منذ 1 كانون الأول/ديسمبر. استقر معظمهم في الشمال الغربي من محافظة إدلب، وهي منطقة صغيرة على طول الحدود السورية مع تركيا والتي تضم أصلا مئات الآلاف من النازحين.

تم إطعام أكثر من مليون شخص في يناير

وتجري عملية إنسانية ضخمة في شمال غرب سوريا. في كانون الثاني/يناير، وزعت المساعدات الغذائية على حوالي 1.4 مليون شخص من خلال الآلية العابرة للحدود، بالإضافة إلى الإمدادات الطبية لنحو نصف مليون شخص والمواد غير الغذائية لأكثر من 230،000 شخص.

وكان الأمين العام للأمم المتحدة قد وصف الأزمة بأنها “كابوس إنساني من صنع الإنسان”.

وفي هذا السياق قالت السيدة مولر: “الآلية عبر الحدود ضرورية للغاية لاستجابتنا الإنسانية في الشمال الغربي”.

استئناف القتال في تل تامر

فيما يتعلق بالحالة في شمال شرق سوريا، ذكّرت مولر مجلس الأمن بأن المدنيين لا يزالون ضعفاء للغاية. في الأسابيع الأخيرة، أدى تجدد الأعمال القتالية في منطقة تل تامر وحولها إلى تشريد 1،600 مدني إضافي في القامشلي، بينما وصل 800 آخرون إلى الرقة. هذا بالإضافة إلى مئات الآلاف النازحين أصلا في شمال شرق سوريا.

في الشمال الشرقي، هناك ما يقدر بنحو 1.9 مليون شخص في حاجة إلى المساعدة الإنسانية. الغالبية – 1.34 مليون شخص – في مناطق خارجة عن سيطرة الحكومة السورية.

حتى 10 كانون الثاني/يناير، قدمت الأمم المتحدة مساعدات عبر الحدود إلى الشمال الشرقي عبر معبر اليعربية في العراق. لكن مجلس الأمن أزال اليعربية كنقطة عبور مرخصة في قرار تم تبنيه في كانون الثاني/يناير وطلب من الأمين العام الإبلاغ عن إمكانية استخدام الطرائق البديلة.

تداعيات عدم إيجاد بديل ناجع لمعبر اليعربية

وقد خلص تقرير الأمين العام إلى أنه “من أجل تلبية جميع الاحتياجات الإنسانية، سيتعين على الحكومة السورية أن تيسر تعزيز إمكانية الوصول على نطاق عبر خطوط النزاع إلى شمال شرق البلد، ولا سيما لتقديم المساعدة الطبية. وسيتعين على الحكومة السورية أن توافق على إيصال المساعدة الإنسانية إلى الشمال الشرقي عن طريق عمليات عبر الحدود في معابر حدودية آمنة ومجدية من الناحية اللوجستية، باستخدام أقصر الطرق”.

ووفقا لمولر، إذا لم يتم العثور على بديل ناجع عن اليعربية لإدخال المواد الطبية، فإن الفجوة بين الاستجابة الإنسانية والاحتياجات الإنسانية سوف تتسع أكثر.

“إذا نفدت الأدوية ولم تتمكن المنشآت الطبية من تنفيذ الإجراءات الحيوية، فستحدث الوفيات. وقد تم تحديد النقص الأول بالفعل في شهر آذار/مارس للمرافق الطبية التي توفر رعاية الصحة الإنجابية، والتي كانت تدعمها في السابق عمليات عبر الحدود، كما قالت نائبة رئيس الشؤون الإنسانية التي اشارت إلى أن “نقصا أكبر في الإمدادات الطبية قد يحدث بحلول شهر أيار/مايو”.

أطفال يموتون بردا

UN Photo/Evan Schneiderهنرييتا فور، المديرة التنفيذية لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف)، تتحدث أمام مجلس الأمن خلال اجتماع بشأن الوضع في سوريا.

وقالت المديرة التنفيذية لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) هنرييتا فور أمام مجلس الأمن: “يزداد الوضع سوءا يوما بعد يوم”. “لقد سمعنا وقرأنا تقارير عن أطفال ماتوا من شدة البرد”.

وأشارت إلى أنه عندما ينفد الخشب، تحرق العائلات أي شيء تجده – بما في ذلك الأكياس البلاستيكية والقمامة وقطع الأثاث – وذلك لمجرد توفير بعض الدفء لمجابهة البرد، أو لإشعال نار صغيرة تمكّنهم من طهي أي طعام يمكنهم العثور عليه.

وأضافت “لا يمكننا أن نبدأ عاما آخر بنفس المذبحة ونفس التجاهل للقانون الإنساني الدولي ونفس اللاإنسانية التي بدأنا بها عام 2020”.

وكانت لجنة التحقيق الدولية المستقلة المعنية بسوريا قد أفادت الأسبوع الماضي باحتجاز أطفال واستخدامهم كورقة للمساومة. وقالت فور إن هناك آلافا محصورين في مخيمات غير مناسبة للأطفال – من سوريين وأجانب على حد سواء. وقد قامت الجماعات المسلحة بتجنيد الفتيان واستخدامهم في القتال على الخطوط الأمامية، واغتُصِبَت فتيات صغيرات لا تتجاوز أعمارهن تسعة أعوام، كما أن واحدا من بين أربعة أطفال معرض لخطر الاضطرابات النفسية الحادة.

الذكرى العاشرة للصراع السوري على الأبواب

وقالت المديرة التنفيذية لليونيسف إن استمرار هذه الحرب، يعني المزيد من الأطفال الضحايا، مشيرة إلى أنه مع مرور كل شهر، “يصبح الأمل في قدرة سوريا والمنطقة على التعافي أكثر استحالة”، فيما لا يزال القتال مستمرا.

ومشيرة إلى أن اقتراب الذكرى العاشرة للنزاع في سوريا في السنة القادمة، أوضحت ألا أحد يريد أن يشهد هذه الذكرى. وقالت: “إن ملايين الأطفال السوريين يبكون في هذه الليلة – يبكون من الجوع ومن البرد … من الجروح ومن الألم … من الخوف ومن الفقد ومن الحزن الذي يحطّم القلب.” وأضافت أنهم وعائلاتهم، يواجهون شتاء قاسيا وعاما يتسم بعدم اليقين.

ودعت إلى الوقوف معهم، إخبارهم بأننا “نختار السلام”،  وإنْ لم نفعل ذلك، على حد قول هنرييتا فور، فسيحاكمنا التاريخ وبقسوة – وسيكون حكمه عادلا…”

أخبار الأمم

ثقافة التخوين والتكفير

د. آمال موسى

ليس هناك اتهامات أكثر قوة من التحريض على تكفير شخص ما أو تخوينه. فهي تهم تبيح الاعتداء على صاحب التهمة وحتى قتله. لذلك فنحن أمام تهمتين مدججتين بالعنف الرمزي والمادي معاً.
طبعاً هذه القوة التحريضية، التي تقوم عليها التهمتان المشار إليهما، هي نتاج مستندات كل تهمة، أي أن قوة التهمة من قوة مستندها والحقل الذي تنتمي إليه إحالة ومدلولاً ومعنى.
فالتكفير يحيل مباشرة على الديني والمقدس. والتخوين في علاقة بالوطن والوطنية نفسها في المخيال العربي والإسلامي من الإيمان أي من المقدس.
هكذا نفهم حالة الهلع الشديدة التي تنتج عند توجيه إحدى هاتين التهمتين إلى شخص ما، وذلك لأن توجيههما يمثل في حد ذاته ترخيصاً رمزياً لاستباحته وتعنيفه.
لقد اخترنا تناول هاتين التهمتين دون غيرهما من التهم ذات الرواج الاجتماعي والإعلامي اليوم في مجتمعاتنا لأنهما صارتا من التهم التي تميز المجتمعات العربية والإسلامية عن غيرها من المجتمعات الراهنة. تقريباً كل المجتمعات عرفت هذه الثقافة وهيمنت هاتان التهمتان على نقاشها العمومي زمناً طويلاً وقاسياً. ولكن هناك مجتمعات كثيرة تمكنت من حل مشكلة تهمة التكفير وبات الحديث عن التخوين لا يكاد يذكر، وذلك لأن الثقافة في هذه المجتمعات تغيرت وتعرضت إلى عملية جراحية عميقة وتم استبدال المرجعيات والمستندات ناهيك أنه تم تحييد الحقول المولدة للعنف.
لم تتخلص مجتمعاتنا بعد من أذى هاتين التهمتين ولم يتسنَ لها أن تعرف حراكاً مهماً في مستوى التغيير القيمي الذي بات ضرورياً، بل إن اللجوء إليهما بات أكثر تواتراً في الخطاب السياسي والإعلامي دون أن نحسب الجماعات المتشددة التي تصنف الناس تنظيماً راديكالياً على أساس الإيمان أو الكفر.
إزاء هذا الواقع الثقافي العام في مجتمعاتنا، وتحديداً في ظل الاستثمار السياسي والديني لتهمتي التكفير والتخوين، يمكننا أن نتوقف عند بعض الاستنتاجات المقلقة والمؤلمة التي تستوجب على المدى القصير انتباهاً ومعالجة.
لقد باتت مجتمعاتنا تمثل نشازاً على مستوى العالم. فكثرة اللجوء في تصفية الحسابات إلى هاتين التهمتين دليل هيمنة التوتر على العلاقات الاجتماعية بين النخب وغيرها في مجتمعاتنا. وهو توتر لا يتغذى من تباين اقتصادي يمكن تجاوزه بمراجعة كيفية توزيع الثروة في المجتمع، بل إنه توتر ينتعش من الاختلافات في التفسير والتأويل وفي مقاربة الأسئلة الأنثروبولوجية الثقافية. أي أن الآيديولوجيا حاضرة بقوة في النقاشات العمومية بالفضاءات العربية الإسلامية.
والظاهر أن الخاص وحتى الحميمي لا يزالان شأناً من شؤون الفضاء العمومي الذي لم يستطع بحكم استمرارية إقحام الشخصي في العمومي فضاء غير مُعقلن كما يجب أن يكون الفضاء العمومي.
من جهة أخرى، فإن استعمال هذه التهم دليل ضعف تجذير قيم المواطنة في مجتمعاتنا ومظهر انفصام ثقافي وتردد وعدم الحسم قيمياً، بما يضمن التعايش والحريّات الفردية والشخصية وما يحفظ مقومات الهوية من التوظيف والمناورات. لذلك فإن المجتمعات المتقدمة حسمت أمرها فغابت عن نقاشاتها وخلافاتها مثل هذه التهم التي لم تعد مقبولة في زمن الدفاع عن قيم المواطنة التي تنتظم وفق الحقوق والقوانين لا وفق الانتماءات الدينية والمذهبية والجنسية.
فالتكفير والتخوين سلاحان يفتكان بأي مجتمع لا يحمي نفسه من هاتين القنبلتين وتخليص الدين وسماحته من تأويلات تراكمت مع الوقت ولا تخدم إلا مشاريع الظلامية.
طبعاً التكفير أشد بأساً من التخوين، ولكن ما يجمع بينهما أن التخوين يحاول أن يلبس لباس التكفير. ولعل ما يؤكد ما ذهبنا إليه هو أنه قبل ظهور الإسلام السياسي وجماعات «السلفية الجهادية» لم تكن تهمة التكفير رائجة في الخطاب العربي، إذ يتم استخدامها للتخويف من جهة ولاستباحة الدم من جهة ثانية، إضافة إلى أن التكفير هو إخراج من الملة وأقصى ما يمكن أن يتهم به مسلم لما تثيره هذه التهمة من خوف ومصير مفتوح على المجهول.
أيضاً التناحر الآيديولوجي بين الأحزاب السياسية المختلفة المرجعيات في مجتمعاتنا يقوم على التخوين الذي عادة ما يقصد به خيانة الوطن. كما يؤدي معنى خيانة الأمة في سياق الصراع العربي الإسرائيلي مسألة التطبيع بوصفها قضية جعلت خطاب التخوين يزدهر ولا تزال تمارس نفس السطوة الرمزية رغم الاختراقات التي قام بها بعض المثقفين وواجهوا حملات تخوين وتشويه ومضايقات هائلة.
وعلى المستوى السياسي وتحديداً في العلاقات بين الأحزاب فإن خطاب التخوين حاضر أيضاً، فنرى من يتبنى برنامجاً يقوم على الاقتراض والتعامل مع البنوك الدولية يتهم بالخيانة وأنه يعرض الوطن للبيع، ومن يتعامل اقتصادياً أو يتبادل ثروات طبيعية مع الكيان الإسرائيلي خائن للقضية الفلسطينية والأحزاب ذات العلاقات مع دول أخرى تعتبر ذات ولاء لغير الوطن ومن ثم فهي خائنة.
وكما نلاحظ، فإن القضية الفلسطينية بشكل خاص كانت أكثر المستندات قوة في توجيه تهمة الخيانة وقد وصل الأمر إلى أن مجرد حضور مهرجان شعر فيه شعراء إسرائيليون يسمى تطبيعاً، ومن ثم خيانة، وهناك من يعتبرها خيانة عظمى.
إن ثقافة التخوين والتكفير لا تثير إلا الخوف والرعب وتمنع أي حوار وتسوّغ اللجوء للعنف بأشكاله المختلفة، لذلك فإننا نحتاج إلى مراجعة هذه الثقافة من دون أن تكون هذه الدعوة في حد ذاتها سبباً للتخوين والتكفير.
الشرق الأوسط

أميركا وإيران: المطلوب أفعال وليس مجرد تهديدات كلامية

صالح القلاب

لو اعتبرنا أن ما دأبت الولايات المتحدة على التلويح به ضد إيران هو مجرد «تحرش سياسي»، فإنه بالتأكيد يكفي لإفهام القيادات الإيرانية بأن عليها أن تعيد النظر في كل حساباتها، وأن تأخذ بعين الاعتبار أن واقع هذه المنطقة لن يبقى على ما هو عليه، وأن تمددها الإقليمي في بعض الدول العربية مصيره الانحسار القريب، وأن أوضاعها الداخلية ستتغير حتماً، وأنه حتى الأكثر تطرفاً من كبار المسؤولين الإيرانيين سيكتشفون بعد هذه الانتخابات الأخيرة أنهم في انتظار متغيرات خطيرة كثيرة.
والمفترض أن هؤلاء وهم منهمكون في هذه الانتخابات «الاستعراضية» الأخيرة قد استمعوا لتصريحات وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو التي قال فيها إن بلاده متمسكة بسياسة الضغط على إيران، وإن حملة الضغوط هذه مستمرة، وإنها لن تقتصر على الأمور الاقتصادية، وإنه ستكون هناك أيضاً عزلة دبلوماسية.
والواضح أن المواقف الأميركية في هذا المجال فيها كثير من الحزم والجدية، وأن هناك متغيرات كثيرة متوقعة، وذلك رغم أن نظام الملالي كان ولا يزال صاحب «تقية»، وأنه يظهر غير ما يضمر، وأنه كان قد مرر على أميركا وعلى غيرها مناورات وألاعيب كثيرة، والمعروف أن واشنطن في عهد جورج بوش كانت قد ارتكبت أكبر حماقة سياسية عندما فتحت حدود العراق الشرقية بعد إسقاط نظام صدام حسين في عام 2003 أمام تدفق إيراني في موجات بشرية متتابعة ومتلاحقة، وكانت النتيجة هذا الواقع الحالي، وهو هذا الخلل «الديموغرافي» والسياسي الذي يعاني منه العراقيون؛ «شِيعتهم» قبل «سُنَّتهم».
إن الدليل على أن إيران اليوم هي غير إيران الأمس هو «مسرحية» هذه الانتخابات الأخيرة التي فاز بنتائجها الأكثر تشدداً و«عنجهية»، وهذا وبالتأكيد ستكون نتائجه المزيد من الصراعات الداخلية، فهناك حتى من بين قيادات الصف الأول من لم يعد يحتمل كل هذا الذي يجري، ومن بات يتوقع انهياراً شاملاً؛ اقتصادياً وسياسياً، وأيضاً على الأصعدة الاجتماعية.
وبالطبع؛ فإن هناك من لا يستبعد أن يلجأ حتى من هم الأكثر تشدداً في طهران إلى «التقية» المعروفة لتمرير مناورة استعراضية بالاستجابة إلى الشروط الأميركية، حيث ثبت في مرات سابقة كثيرة أن الإيرانيين بارعون في هذا المجال، وهذا كان قد حصل مرات عدة؛ إنْ في عهد آية الله الخميني، وإنْ قبل ذلك، وبعد ذلك.
والمشكلة هنا، ورغم كل هذا التشدّد الذي أبداه وزير الخارجية الأميركي في هذا المجال، أنه معروف عن الرئيس دونالد ترمب أنه كثيراً ما يغيّر مواقفه السياسية، وأنه، ورغم تشدده، كان، وأكثر من مرة، قد أعرب عن استعداده لـ«الانفتاح» على إيران، وأن بعض رموز إدارته يرون أن هناك ضرورة لمثل هذا الانفتاح على هذه الدولة التي يعدّون أنها كانت ولا تزال رقماً رئيسياً في المعادلة الشرق أوسطية، وأنه لا يجوز تركها لـ«الاستفراد» الروسي؛ حيث إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد حقق بعض تطلعات قياصرة روسيا السابقين وأيضاً تطلعات كبار قادة الاتحاد السوفياتي الشيوعيين الذين كانوا قد مدّوا نفوذ بلادهم إلى كثير من دول هذه المنطقة… مثل سوريا ومصر واليمن الجنوبي وليبيا وأيضاً الجزائر؛ وإنْ بحدود متواضعة.
والمشكلة في هذا المجال أن حسابات الأميركيين حتى الآن تختلف كثيراً عن حسابات العرب الذين يعدّون أن التمدّد الإيراني في هذه المنطقة العربية يشكل خطراً فعلياً يقترب حتى من الخطر الإسرائيلي، وأن ما فعله ويفعله الإيرانيون في هذه المنطقة يؤكد أن مُعممي قُمّ وطهران ومشهد يسعون لاستعادة ما يعدّونها «أمجاد فارس» القديمة، وأيضاً أمجاد «الصفويين»؛ نسبة إلى صفي الدين الأردبيلي.
سيحاول قادة إيران؛ «المُعممون» منهم والعسكريون، استدراج الولايات المتحدة لاستعادة علاقاتها السابقة معهم؛ حيث كانت قد فتحت حدود العراق لهم في عام 2003 ليكون هناك كل ذلك التدفّق الإيراني إلى بلاد الرافدين وليصبح هذا البلد العربي «محمية» إيرانية محرمة على أهلها من «سُنّة» و«شيعة»، وليكون الحكم فيها لكل هذه «التشكيلات» الطائفية التي، وبالتأكيد، دوافع من يقفون وراءها ويديرونها «فارسية» وليست لها في حقيقة الأمر أي علاقة بـ«المذهب الشيعي».
وهكذا؛ وإذا كانت هذه الإدارة الأميركية، التي على رأسها الرئيس دونالد ترمب، صادقة في تمسكها بسياسة الضغط على إيران، فإن عليها أن تُحلَّ «الأفعالَ» محلَّ «الأقوال»، وإنَّ عليها أن تضع حداً لمحاولات الإيرانيين، عبر «حوثيي» اليمن، الوصول إلى البحر الأحمر وتجاوزه في اتجاه الشمال، وأيضاً استكمال ما سُمّي «الهلال الشيعي» الذي يبدأ طرفه الأول بالحُديدة اليمنية، وينتهي طرفه الثاني باللاذقية على شواطئ البحر الأبيض المتوسط، مروراً ببعض الدول الخليجية وبالطبع بالعراق وسوريا.
إنّه على الأميركيين حتى يكونوا صادقين في تهديدهم ووعيدهم ضد إيران أن يَحولوا دون وصولها إلى باب المندب، وأن ينهوا وجودها في اليمن، وأن يضعوا حداً لأن تكون إمارة قطر وعلى هذا النحو قاعدة متقدمة ليس للأتراك فقط؛ بل وأيضاً للإيرانيين الذين يواصلون تهديدهم ووعيدهم لكثير من الدول العربية الخليجية، وهذا معلنٌ ومعروفٌ وهو يقال ويتردّد في كل لحظة وعلى رؤوس الأشهاد.
ثم كيف من الممكن، يا ترى، تصديق أن الولايات المتحدة متمسّكة بسياسة الضغط على إيران في حين أن الإيرانيين يحتلون جزءاً من اليمن وحوّلوه إلى قاعدة عسكرية إيرانية تهدّد يومياً؛ لا بل وفي كل لحظة مضيق باب المندب والبحر الأحمر كله وكل دول الخليج العربي البعيدة والقريبة، وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية؟!
ثم كيف من الممكن يا ترى تصديق أن الولايات المتحدة متمسكة بسياسة الضغط على إيران بينما الإيرانيون يسيطرون عسكرياً وسياسياً وأمنياً… واقتصادياً على العراق كله وعلى سوريا بمعظمها وعلى معظم لبنان؛ وهذا إنْ ليس كله… وأنهم بالتحالف مع حركة «حماس» ومع «الإخوان المسلمين» وتنظيمهم العالمي، باتوا يسيطرون أيضاً على قطاع غزة، وذلك في حين أن المعروف أيضاً أنهم يقفون خلف مجموعة فائز السراج (الإخوانية) التي تسيطر على مدينة طرابلس الليبية.
والواضح أن الأميركيين يكتفون بالإرغاء والإزباد عن بعد والحديث عن أن واشنطن متمسكة بسياسة الضغط على إيران، وذلك بينما الإيرانيون يسرحون ويمرحون في هذه المنطقة «الاستراتيجية» كما يشاءون، ويسيطرون فعلياً على العراق كله، وعلى سوريا بمعظمها، وأيضاً على لبنان؛ وصولاً إلى ليبيا وإلى تونس من خلال «الإخوان المسلمين»، بقيادة راشد الغنوشي، الذين باتوا يضعون كل هذه العراقيل أمام الرئيس التونسي قيس سعيِّد وأمام المسيرة السياسية التونسية.
وعليه؛ فإنه يجب وضع هذا كله أمام «الأصدقاء» و«الحلفاء» الأميركيين الذين عليهم أن يدركوا أن الضغط على إيران يتطلب إخراجها بكل وجودها من العراق ومن سوريا ومن لبنان ومن اليمن وقطاع غزة… وأيضاً؛ من «الشقيقة» قطر التي عليها أن تتذكر ذلك المثل القائل: «أُكلتُ يوم أُكل الثور الأبيض»، وأيضاً ذلك المثل القائل: «عدوُّ جدّك لا يودّك»!! وأنها هي أيضاً مستهدفة و«الدور» قادم إليها لا محالة…
وهكذا، وفي النهاية، فإنه لا بد من التأكيد على أنه «لا يفلّ الحديد إلا الحديد»، وأن كل هذه «العقوبات» التي تواصل الولايات المتحدة فرضها على إيران الـ«خامنئية» لن تردعها عن مواصلة تغلغلها في هذه المنطقة، فالمطلوب على الأقل أن يكون هناك دعم حقيقي لقوى المعارضة الإيرانية التي اتفقت تشكيلاتها على صيغة وحدوية واعدة في الفترة الأخيرة.

الشرق الأوسط

سوريا صارت أهم لروسيا من إيران!

هدى الحسيني

على هامش مؤتمر ميونيخ الأمني الذي انعقد مؤخراً، اجتمع وزيرا الخارجية الروسي سيرغي لافروف والأميركي مايك بومبيو، ثم غادر لافروف الاجتماع قائلاً إنه شعر «بنهج أكثر إيجابية» فيما يتعلق بالحوار الأميركي – الروسي الذي قيل إنه يركز على الحوار الاستراتيجي وتحديد الأسلحة.
لكن هناك قائمة طويلة من القضايا الأخرى التي تعاني منها العلاقة بين الولايات المتحدة وروسيا. من المحتمل أن يكون فلاديمير بوتين غير سعيد. وعلى الرغم من أحلامه باستعادة دور موسكو العالمي البارز، فإن الرئيس الروسي يجد نفسه يلعب دوراً ثانوياً أمام القادة في بكين في «محور الاستبداد» المحدد بمصالح مشتركة أقل من المصالح المتخاصمة. الاقتصاد الروسي – الذي يعاني من العقوبات – في حالة ركود. تلك العقوبات، الناجمة عن عدوان بوتين على جيرانه، لا تزال سارية.
لكن رغم ذلك، ظلت روسيا على ما يبدو دون رادع في سعيها لاستغلال حوادث مثل اغتيال الولايات المتحدة لقائد «فيلق القدس» اللواء قاسم سليماني في غارة جوية بطائرة من دون طيار في بغداد الشهر الماضي. دفع الاغتيال زعماء العالم إلى العمل على تخفيف حدة التوتر المتزايد. لكن التوترات والفوضى توفران فرصة هائلة لروسيا، التي تتخطى بثقلها باستمرار عن طريق استغلال تلك الحوادث التي تؤدي إلى الفوضى. اغتيال سليماني، بطريقة ما، أتاح لروسيا فرصة لإعادة ضبط رقعة الشطرنج في الشرق الأوسط.
مثلاً إلى جانب الصين، كانت روسيا داعماً ثابتاً لإيران داخل الأمم المتحدة.
ولدى روسيا تاريخ في تحركات السياسة الخارجية المصممة لمواجهة النفوذ الأميركي، أو سد الثغرات التي أوجدتها الولايات المتحدة، أو ببساطة لتوسيع نفوذها الإقليمي (نشرت موسكو مؤخراً قوات ومستشارين عسكريين في فنزويلا وسوريا وأرسلت وكلاء إلى ليبيا).
من المعروف أن إيران هي واحدة من أكثر الدول وحدة من الناحية الاستراتيجية في العالم، وصديقها الوحيد الموثوق به هو نظام الأسد في سوريا، وروسيا تستفيد من إيران المنعزلة والمناهضة للولايات المتحدة التي لا يمكنها استغلال موارد الطاقة لديها. من هنا أهمية تفهم العلاقة بين بوتين وسليماني. كان لدى بوتين وسليماني علاقة عمل جدية. لقد سافر مراراً وتكراراً إلى موسكو، حتى قبل التدخل الروسي في سوريا – وتم تنسيق الإجراءات مع «الحرس الثوري» الإيراني (في سوريا) أثناء وجوده في موسكو. يدرك بوتين أن تدخل روسيا في سوريا الذي أنقذ الأسد، أعطى سليماني نوعاً من التعزيز الإضافي في المكانة والنفوذ في طهران.
قبل التدخل الروسي، كانت إيران قد استسلمت إلى حد كبير بأن ذهاب الأسد حتمي. كان سليماني أحد كبار المسؤولين الإيرانيين القلائل الذين جادلوا بدعم الأسد. من المحتمل أنه من دون التدخل الروسي، لم يكن الأسد سيصمد، لكن مع قرار بوتين تم إنقاذ نظام الأسد، وهذا ما عزز نفوذ سليماني. في الوقت نفسه، احتاج الروس إلى شبكة ميليشيات سليماني في سوريا وأبرزها «حزب الله». ليس هناك شك في أن الجيش الروسي رأى سليماني كحليف مهم وساعده والميليشيات المرتبطة بإيران في سوريا، أولاً وقبل كل شيء عبر «سلاح الجو» بحكم الواقع الثابت.
لكن على ماذا تركز روسيا في الشرق الأوسط؟
يهتم الروس ببيع معداتهم للدول في المنطقة، لكن بوتين ذكي بما فيه الكفاية لتجنب خطر المواجهة المباشرة بين القوات العسكرية الأميركية والقوات العسكرية الروسية. وهذا غير محتمل ويثبت التدبير الدقيق للنشاط العسكري الروسي في المجال الجوي السوري هذا الأمر.
لكن التفكير بتنامي القوة الأميركية في منطقة الخليج العربي قد وصل الآن إلى مستويات غير عادية حقاً، ويقول متابع أميركي إن الروس سعداء تماماً بالسماح للآخرين بالقتال من أجلهم. والاستثناء الوحيد هو عندما حاولت مرتزقة مجموعة فاغنر، في فبراير (شباط) 2018 الاعتداء على قوات العمليات الخاصة الأميركية التي احتلت مركزاً في سوريا. وقد أدى ذلك إلى عملية أميركية نتج عنها سقوط نحو 300 ضحية روسية، لذلك فإن الروس ليسوا في عجلة من أمرهم لمخاطرة المواجهة العسكرية مع الولايات المتحدة. سيبقون على الهامش، باستثناء الخطابة، لأن أحد أهدافهم الرئيسية في هذه المرحلة هو تشجيع انسحاب و- أو طرد القوات الأميركية من المنطقة.
السؤال المطروح هو هل روسيا حليف إيران الأهم الآن؟ قبل سوريا، ربما كانت إيران واحدة من أهم الحلفاء الروس في الشرق الأوسط، إن لم تكن كذلك. لكن قد تكون سوريا هي الأقوى الآن.
يتوق بوتين إلى اعتباره قائداً عالمياً، وقد حقق ذلك إلى حد كبير بنجاح من خلال إعادة إدخال روسيا في سياسات الشرق الأوسط على مدار العامين الماضيين، حيث كانت سوريا مثالاً جيداً بقدر ما كانت إيران والعراق وليبيا وليس لبنان. وهذا هدف استراتيجي رئيسي للسياسة الخارجية لبوتين الذي يظن أنه بقدر ما تضعف الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، بقدر ما يتطلع الناس إلى الروس وضرورة مشاركتهم «لأنه يمكنهم التحدث إلى الإيرانيين». وهذا يصب في تفكير بوتين الذي يعتقد أن الآخرين بحاجة إلى مساعدته في حل هذه المشكلات.
يقول محدثي: «لنضع جانبا حقيقة أن بوتين نفسه كان مسؤولاً إلى حد كبير عن خلق الكثير من المشاكل، سواء كانت في سوريا أو علاقته مع إيران وبيع الأسلحة والانتشار النووي. بوتين جيد جداً في خلق المشاكل، فهو يعتقد أنه وحده فقط يستطيع حلها، ويأمل أن يلجأ الغرب وغيره في العالم إليه لحلها. وهذا يعيدنا إلى هدف القوة العظمى الذي لا يزال لديه لروسيا». يضيف محدثي: صحيح أن روسيا ربما تفضل أن ترى إيران معزولة بعض الشيء، لكنها لا تريد صراعاً كبيراً بين الولايات المتحدة وإيران، لأنه إذا تعرضت إيران للإعاقة، فإنه يؤثر بشكل خاص على قدرتها على دعم نظام الأسد في سوريا. ومن الواضح أن سوريا ركيزة مهمة لموطئ قدم بوتين الجديد في الشرق الأوسط. إذا بدا الأمر وكأننا نتحرك صوب حرب شاملة، فإن بوتين، كما فعل في سوريا، سيتقدم بعرض وساطة.
بالتأكيد هناك بعض الجوانب الإيجابية لفعل ذلك بالنسبة إليه، إذ يمكنه منع المزيد من الدمار للنظام الإيراني من الهجمات الأميركية، ويمكنه الحفاظ على العلاقات التي طورها جيداً في السنوات القليلة الماضية مع الدول المعادية لإيران، وحتى تحسينها.
يأمل البعض في وجود قنوات خلفية الآن مع حلفاء أميركا ومع روسيا؛ إذ قد تكون إيران لا تزال عازمة على الانتقام، لأنها تحتاج إلى وسيلة لحفظ ماء الوجه.
من المرجح أن ترد إيران على مقتل سليماني في الفضاء الإلكتروني، ومن المرجح أن يساعدهم الروس في هذا المجال. من المحتمل أن يستخدم الإيرانيون الوكلاء. وفر الروس غطاء جوياً فعلياً لعمليات «فيلق القدس» التابع لـ«الحرس الثوري» الإيراني في سوريا، وسيواصلون القيام بذلك. سيكون هناك الكثير من المواقف والكثير من الضجيج من موسكو والكثير من النشاط الاستخباراتي الروسي يشجع تلك العناصر في العراق التي تريد رؤية الولايات المتحدة تُجبر على الرحيل.
إنه فلاديمير بوتين الذي يستطيع في فطور واحد تناول الرئيس الأميركي دونالد ترمب ومنافسيه حتى الآن بيرني ساندرز وجو بايدن!

الشرق الأوسط

زيادة عدد الشاحنات المحملة بالمساعدات إلى سوريا

متابعة مركز عدل لحقوق الإنسان:

تبحث الأمم المتحدة مع تركيا إمكانية زيادة عدد الشاحنات المحملة بالمساعدات للمدنيين في شمال غرب سوريا من 50 إلى 100 شاحنة يوميا لتلبية احتياجات المواطنين النازحين ومن تقطعت بهم السبل على خطوط المواجهة السابقة.

وقال المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، في المؤتمر الصحفي اليومي من نيويورك: ” نواصل البحث عن طرق للوصول إلى المدنيين المحتاجين للمساعدة، بما فيها في المناطق المتضررة من النزاع، كما أن الأمم المتحدة تنظم بعثات تقييم من داخل سوريا لتحديد احتياجات المدنيين.”

التطورات الميدانية في سوريا

نواصل البحث عن طرق للوصول إلى المدنيين المحتاجين للمساعدة — ستيفان دوجاريك

وشدد دوجاريك مجددا على قلق الأمم المتحدة المتواصل على مصير ثلاثة ملايين مدني في إدلب والمناطق المحيطة بها في سوريا. وقال: “تفيد التقارير بأن القصف المدفعي والضربات الجوية تواصل التأثير على حياة المدنيين، كما تشير التقارير إلى استمرار المعارك في العديد من المناطق في شمال غرب سوريا.”

وبحسب التقارير فإن الغارات الجوية استهدفت على الأقل 24 من التجمعات السكنية، كما استهدف القصف المدفعي 20 من التجمعات السكنية في الساعات الأربع والعشرين الماضية. وقال دوجاريك: “أفادت التقارير بمقتل مدنييْن اثنين، وإصابة ستة آخرين بجراح في القتال خلال ساعات الليل.”

وفيما يتعلق بحركة نزوح المواطنين، قال دوجاريك إن أحدث التقديرات تشير إلى نزوح 948 ألف شخص في شمال غرب سوريا منذ الأول من كانون الأول/ديسمبر. “وهو ارتفاع بـ 73 ألف شخص عن الأسبوع الماضي.”

مناشدة إنسانية لمساعدة شمال غرب سوريا

وكان مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) قد أطلق خطة الاستعداد والاستجابة الإنسانية المعدلة لأزمة سوريا بقيمة 500 مليون دولار على مدار الأشهر الستة القادمة.

وقال نائب المنسق الإقليمي للشؤون الإنسانية المعني بأزمة سوريا، مارك كتس، في مؤتمر صحفي من جنيف مستهل هذا الأسبوع، إن المطلوب هو 500 مليون دولار ولكن ثمّة فجوة بقيمة 371 مليون دولار ينبغي أن يتم سدّها كي تتمكن المنظمات الإنسانية من القيام بواجبها وتقديم المساعدة لنحو 1.1 مليون شخص.

وأضاف كتس أن الاحتياج الأكبر هو وقف إطلاق النار الفوري وحماية جميع المدنيين. وقال: “لا يطالب المواطنون فقط في هذه اللحظة بتزويدهم بالخيام والأغطية والطعام، بل يطالبون بوقف قتل المدنيين.”

أخبار الأمم

نصف قرن على توقيع معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية

متابعة مركز عدل لحقوق الإنسان

عقد مجلس الأمن الدولي اجتماعا مساء الأربعاء لبحث دعم المعاهدة الخاصة بعدم انتشار الأسلحة النووية قبل المؤتمر الاستعراضي لعام 2020 حيث تجتمع الدول الأعضاء هذا العام في نيويورك لمراجعة عملياتها وبحث التحديات الراهنة.

وفي إحاطتها أمام مجلس الأمن، تطرقت إيزومي ناكاميتسو، الممثلة السامية لشؤون نزع السلاح، إلى أهمية التمسك بالالتزامات بموجب معاهدة عدم انتشار الأسلحة لما فيها من منفعة للعالم بأسره. وقالت: “إن معاهدة عدم الانتشار النووي هي من أعمدة السلام الدولي والأمن، ولمدة 50 عاما الآن، استفادت الدول الأعضاء من إحلال الأمن على الجميع.”

وقد شدد أعضاء مجلس الأمن على أن معاهدة عدم الانتشار تظل حجر الزاوية لنظام عدم الانتشار النووي، والأساس للسعي إلى نزع السلاح النووي والاستخدام السلمي للطاقة النووية ودعوا في بيان صحفي صادر عصر اليوم، جميع الدول الأعضاء، وعددها 190، إلى التعاون في تسهيل إحراز تقدم في مجال عدم الانتشار ونزع السلاح النووي.

معاهدة عدم الانتشار

وتقيّد المعاهدة انتشار الأسلحة النووية عبر نظام وقائي يمكن التحقق منه، ويُعدّ مشتركا على نطاق عالمي تقريبا. وهي من أبرز المعاهدات الدولية التي تهدف إلى منع انتشار الأسلحة النووية وتكنولوجيا الأسلحة، وتحفز على تعزيز التعاون حول الاستخدامات السلمية للطاقة النووية وتهدف إلى نزع السلاح النووي.

محطة توليد نووية بالقرب من مونرو في ميشيغان، الولايات المتحدة

وأضافت الممثلة السامية المعنية بشؤون نزع السلاح أن التقديرات كانت تشير في البداية إلى أنه مع حلول عام 1975 قد يصل عدد الدول التي تحوز على أسلحة نووية إلى 20 دولة، وقالت: “لا يمكن أن نعتبر هذا النجاح من المسلمات، لأنه بالإضافة إلى الالتزام القانوني الخاص بنزع السلاح ضمن المادة السادسة من المعاهدة، فإن معاهدة عدم الانتشار النووي عملت كمنتدى للتفاوض بحكم الأمر الواقع بشأن نزع الأسلحة النووية.”

وتُعتبر هذه المعاهدة الوثيقة الوحيدة الملزِمة للدول الحائزة على سلاح نووي في معاهدة متعددة الأطراف تهدف إلى نزع السلاح. ومن أهم ما تمخضت عنه وأنتجته المعاهدة تدابير تفيد في بناء الثقة والشفافية، من ضمنها تعهد بإزالة الترسانة النووية التي من شأنها أن تقود إلى نزع السلاح النووي.

المؤتمر الاستعراضي لعام 2020

وبموجب معاهدة عدم الانتشار، تجتمع الأطراف كل خمسة أعوام لمراجعة عملياتها، وسيُعقد المؤتمر الاستعراضي لعام 2020 هذا العام في مقرّ الأمم المتحدة الدائم بنيويورك بين 27 نيسان/أبريل و22 أيار/مايو.

معاهدة عدم الانتشار النووي هي من أعمدة السلام الدولي والأمن — الممثلة السامية لنزع السلاح

وقالت السيّدة ناكاميتسو: “إن المؤتمر الاستعراضي لعام 2020 يشكل مناسبة للاحتفاء بإنجازات معاهدة عدم الانتشار النووي والدور الذي اضطلعت به في جعل العالم أكثر أمنا. كما أنه يمثل فرصة لضمان بقاء المعاهدة في محور نظام نزع السلاح وعدم الانتشار وتعزيز أمن جميع الدول الأعضاء.”

هذا قد يرسخ الفجوات داخل المعاهدة ويؤدي إلى تداعيات تمتد لآجال طويلة، على حدّ تعبيرها.

وحثت ناكاميتسو جميع الدول المشاركة في مؤتمر الاستعراض على التمتع بروح المرونة والرغبة في الانخراط بحوار حقيقي لخلق جو مواتٍ للنجاح.

التحديات المحيطة بالمؤتمر

وفيما يتعلق بالتحديات التي تواجه المؤتمر، قالت الممثلة السامية لنزع السلاح، إن أبرز هذه التحديات يتمثل في التفاوت في تعريف ما يترتب عليه نجاح المؤتمر، وفي السياق الجيو-سياسي الراهن.

وقالت: “لا يمكن أن ندفن رؤوسنا في التراب إزاء حقيقة أن العالم اليوم يختلف كثيرا عما كان عليه في 2015، وفي 2010. لقد تحطمت العلاقات بين الدول، خاصة الدول التي تمتلك أسلحة نووية، وأصبح ما يسمى بمنافسة القوى الكبرى هو ما يتسم به العصر. كما أن الانقسام، وعدم الثقة، وندرة الحوار، كل ذلك أصبح القاعدة. وشبح المنافسة النووية غير المقيّدة يلوح في الأفق للمرة الأولى منذ سبعينيات القرن الماضي.”

وأضافت ناكاميتسو أن ما يحدث اليوم يمكن أن يُسمى بـ “النوع النووي” في سباق التسلح. وهو سباق لا يعتمد على الكم ولكن على الأسلحة الأكثر سرعة وثباتا ودقة.

وقالت إن الصراعات الإقليمية ذات البعد النووي تزداد سوءا وتحديات الانتشار لا تتراجع، معربة عن أملها في أن تتم مناقشة هذه القضايا في مؤتمر الاستعراض بشكل بنّاء وبطرق يمكن من خلالها المضي قدما كجزء من التنفيذ الكامل للمعاهدة.

التوصيات

وأشارت الممثلة السامية المعنية بشؤون نزع السلاح إلى إمكانية اتخاذ بعض الإجراءات التي من شأنها أن تتصدى للتحديات، من بينها:

  • إعادة التأكيد على الالتزام بالمعاهدة وجميع التعهدات التي قُطعت.
  • إعادة الالتزام بقاعدة عدم استخدام الأسلحة النووية، لأن الازدياد في التهديد اللفظي باستخدام الأسلحة النووية خطير ويزعزع الاستقرار.
  • تطوير حزمة من التدابير الهادفة إلى تقليص المخاطر التي يمكن أن تبعد العالم عن خطر استخدام الأسلحة النووية لإعادة بناء الثقة.
  • يجب أن تدرك الدول أن التحديات التي تواجه عدم الانتشار ليست ثابتة.
  • يجب إدراك أن العالم قد تغيّر، وهذه البيئة تتطلب تغييرا في الرؤية بشأن نزع السلاح.

أخبار الأمم المتحدة: مجلس الأمن

استشهاد أفراد عائلة نتيجة القصف التركي

متابعة: مركز عدل لحقوق الإنسان

المدفعية التركية لاتتوانى عن قصف القرى والبلدات المحيطة بعفرين، ومسلحو الفصائل المرتزقة المرتبطة بها نشطة على الأرض، وتمارس انتهاكات مستمرة بحق السكان المحليين.

والقصف التركي قبل يوم أمس أدى إلى تدمير منزل على أهله، الذين فقدوا أرواحهم تحت الأنقاط، فقد استشهدت عائلة المواطن حسن حج عزت (ثلاثة أشخاص) من قرية بريمجة – ناحية معبطلي وهم: حسن حج عزت وزوجته فاطمة وابنتهما سروشت قرية عقيبة- ناحية شيراوا- التابعة لعفرين.