دعوة أممية إلى تقديم المزيد من خدمات الحماية وتعزيز الوقاية ضد الاتجار بالبشر
متابعة مركز عدل لحقوق الإنسان
حذرت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين، يوم الجمعة ٢٩ تموز/يوليو ٢٠٢٢، من نقص شديد في خدمات الحماية للاجئين والمهاجرين الذين يقومون برحلات محفوفة بالمخاطر من منطقة الساحل والقرن الأفريقي نحو شمال أفريقيا وأوروبا، بمن فيهم الناجون من الاتجار بالبشر.
وأصدرت المفوضية، تقريرا عشية إحياء اليوم العالمي لمكافحة الاتجار بالأشخاص، حددت فيه خدمات الحماية المتاحة لطالبي اللجوء واللاجئين والمهاجرين أثناء سفرهم على طول هذه الطرق.
وفقا للتقرير، يُترك بعض الضحايا ليموتوا في الصحراء، ويعاني آخرون من العنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي المتكرر، والاختطاف من أجل الحصول على الفدية، والتعذيب، والعديد من أشكال الإيذاء الجسدي والنفسي.
التقرير هو الثاني من نوعه ويسلط الضوء على الثغرات في خدمات الحماية المتاحة، ولا سيما في المأوى، والوصول إلى العدالة، وتحديد الناجين وتوفير الاستجابات للعنف القائم على النوع الاجتماعي، والاتجار، والأطفال غير المصحوبين.
ويغطي التقرير ١٢ دولة هي: بوركينا فاسو، الكاميرون، تشاد، كوت ديفوار، جيبوتي، إثيوبيا، مالي، موريتانيا، المغرب، النيجر، الصومال، والسودان.
وأعرب مبعوث المفوضية الخاص للوضع في وسط وغرب البحر الأبيض المتوسط، فنسنت كوشتيل، عن صدمته إزاء الانتهاكات التي يواجهها اللاجئون والمهاجرون أثناء سفرهم عبر منطقة الساحل والشرق والقرن الأفريقي نحو شمال أفريقيا، وأحيانا إلى أوروبا. “فقدت العديد من الأرواح أو تحطمت على هذه الطرق.”
وشدد كوشتيل على الحاجة الملحة لمزيد من التمويل لتنفيذ خدمات أفضل لمنع الإتجار بالبشر، والتعرف على الناجين ودعمهم، وضمان حصول الضحايا والمعرضين لخطر الاتجار بالبشر والذين يحتاجون إلى الحماية الدولية، فضلا عن تقديم الجناة إلى العدالة.
كما أشار إلى ضرورة قيام الدول وهيئات الأمم المتحدة والمجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية بمضاعفة الجهود لتنفيذ الأطر الدولية القائمة- مثل بروتوكولات باليرمو بشأن الإتجار بالبشر والتهريب- باعتبارها أفضل وسيلة جماعية لإنقاذ الأرواح ومكافحة هذه الجرائم.
وأضاف المسؤول الأممي أنه نظرا للتوسع العالمي في استخدام التكنولوجيا والمنصات الإلكترونية التي تمكن المتاجرين والمهربين من الإعلان عن خدماتهم وجذب الضحايا، فإن جزءا من الجهد الجديد يجب أن يشمل أيضا التعاون بين الدول والقطاع الخاص لوقف استخدام الإنترنت من قبل المتاجرين للتعرف على الضحايا وتجنيدهم، بما في ذلك الأطفال.
ويمكن أيضا الاستفادة من التقنيات الرقمية لتزويد المجتمعات بمعلومات موثوقة حول مخاطر الرحلات غير النظامية وتمكينها من خلال النصائح والمعلومات حول الخيارات الآمنة.
وشدد التقرير على أهمية أن تكون جميع التدابير المتخذة للتصدي للإتجار بالبشر والتهريب، بما في ذلك عبر الإنترنت، متوافقة مع القانون الدولي ومعايير حقوق الإنسان.
يوفر التقرير معلومات مخصصة للاجئين والمهاجرين حول الخدمات المتوفرة حاليا على الطرق المختلفة. كما أنه يعمل كمرجع للمانحين لاستهداف الاستثمارات في الموارد حيث تشتد الحاجة إليها، وكمرجع للجهات الفاعلة لتقديم هذه الخدمات الأساسية.
لدعم ومساعدة الناجين، يحث التقرير على بناء ملاجئ مجتمعية ومساحات آمنة، وتحسين الوصول إلى الخدمات القانونية؛ والخدمات المتميزة للأطفال والنساء الناجين من الإتجار والعنف القائم على النوع الاجتماعي.
كما أنه يحدد المواقع الهامة على الطرق التي تعتبر بمثابة “محطات أخيرة” قبل أن يشرع اللاجئون والمهاجرون في رحلات أخرى عبر الصحراء.
وحذر التقرير الأممي من أن الفشل في سد فجوات الخدمة في مثل هذه المواقع يفوت الفرصة لمساعدة الأشخاص في الوصول إلى الحماية والأمان بدلا من المضي قدما في السفر الذي يهدد حياتهم.
وعلى صعيد ذي صلة، أثارت مجموعة من خبراء الأمم المتحدة وخبراء إقليميين في مجال حقوق الإنسان* مخاوف جدية بشأن مخاطر الاتجار بالأشخاص النازحين بسبب النزاع، بمن فيهم الأطفال.
وأشار الخبراء الأمميون، في بيان إلى أن حالات الصراع تزيد بشكل كبير من مخاطر الاتجار بالأشخاص.
وحثوا المجتمع الدولي على بذل المزيد من الجهد لمنع الإتجار خلال النزاعات وحماية الضحايا.
“تتأثر النساء والفتيات، ولا سيما النازحات منهن، بشكل غير متناسب بالاتجار بغرض الاستغلال الجنسي، الذي يقترن في كثير من الأحيان بأشكال أخرى من الاستغلال، مثل الزواج القسري وزواج الأطفال، والعمل القسري والسخرة المنزلية. وغالبا ما يكون الإتجار بالأشخاص من جميع الأعمار أسلوبا تستخدمه الجماعات المسلحة، مما يساهم في استمرار عدم الاستقرار والصراع والنزوح، وعرقلة عمليات بناء السلام، وإيجاد حلول دائمة للنزوح، والانتقال إلى السلم والأمن”.
وحذر الخبراء من أن اللاجئين والنازحين داخليا وعديمي الجنسية يتعرضون بشكل خاص لخطر الاستغلال، وغالبا ما يكونون أهدافا للهجمات والاختطاف مما اؤدي إلى الاتجار، وأشاروا إلى أن استمرار القيود على الوصول إلى الحماية، ومحدودية برامج إعادة التوطين ولم شمل الأسر، وسياسات الهجرة التقييدية، تزيد من هذه المخاطر.
وفقا للخبراء، فإن مخاطر الاستغلال التي تحدث في أوقات النزاع ليست جديدة. وهي مرتبطة وتنشأ عن عدم المساواة الهيكلية القائمة والتمييز القائم على نوع الجنس والتمييز العنصري والفقر ومواطن الضعف في أنظمة حماية الطفل.
تتفاقم هذه التفاوتات الهيكلية في فترات النزاعات وما بعدها، وتؤثر بشكل غير متناسب على الأطفال.
يستمر الإتجار بالأشخاص في حالات النزاع- بما في ذلك بواسطة الجهات الفاعلة الخاصة- مصحوبا بالإفلات من العقاب ومحدودية المراقبة، أو الإبلاغ، أو التحقيقات ومساءلة الجهات المعنية أو الوصول إلى سبل الانتصاف.
وبرغم الاعتراف المتزايد من مجلس الأمن بالصلة بين أنشطة الجماعات المسلحة والاتجار الذي يستهدف الأطفال بشكل خاص، والاتجار بالأشخاص المرتبط بالعنف الجنسي في النزاعات، إلا أن المساءلة لا تزال محدودة، مع عدم فعالية تدابير الوقاية، وفقا للخبراءز
يرتبط الإتجار بالأطفال ارتباطا وثيقا بالانتهاكات الجسيمة ضد الأطفال في النزاعات المسلحة، بما في ذلك تجنيد الأطفال واختطافهم، والهجمات على المدارس والمستشفيات، والعنف الجنسي.
ومع ذلك، نادرا ما يتلقى الأطفال ضحايا اإاتجار في حالات النزاع المساعدة والحماية والرعاية التأهيلية التي هي حق لهم.
ويرى الخبراء أنه بدون التعرف المبكر على ضحايا الاتجار والإحالة لالتماس المساعدة والحماية، يظل الضحايا بدون دعم ويتعرضون لمخاطر إضافية تتمثل في التعرض للاختفاء القسري والاستغلال المستمر.
من بين المقررين الذين أصدروا البيان: سوبيان مولالي، المقررة الخاصة المعنية بالاتجار بالأشخاص وخاصة النساء والأطفال؛ السيد موريس تيدبال – بينز، المقرر الخاص المعني بحالات الإعدام بإجراءات موجزة أو الإعدام التعسفي خارج نطاق القضاء؛ المقرر الخاص المعني بحالة حقوق الإنسان في إيران، جافيد رحمن؛ السيدة ريم السالم، المقررة الخاصة المعنية بمسألة العنف ضد المرأة وأسبابه وعواقبه.
المصدر: مركز أنباء الأمم المتحدة
* يشار إلى أن المقررين الخاصين والخبراء المستقلين، يعينون من قبل مجلس حقوق الإنسان في جنيف وهو جهة حكومية دولية مسؤولة عن تعزيز وحماية حقوق الإنسان حول العالم.
ويكلف المقررون والخبراء بدراسة أوضاع حقوق الإنسان وتقديم تقارير عنها إلى مجلس حقوق الإنسان. وتجدر الإشارة إلى أن هذا المنصب شرفي، فلا يعد أولئك الخبراء موظفين لدى الأمم المتحدة ولا يتقاضون أجرا عن عملهم.