مؤتمر دولي حول اللاجئين في دمشق لتعويم الأسد

السبت،24 تشرين الأول(أكتوبر)،2020

مؤتمر دولي حول اللاجئين في دمشق لتعويم الأسد

متابعة مركز عدل لحقوق الإنسان

يعود ملف عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم، إلى الواجهة من جديد، في محاولةٍ لإعادة تعويم نظام بشار الأسد، وتمهيد الطريق أمام فتح ملف الإعمار. وتبرز في هذا السياق مساعي عقد مؤتمر دولي حول اللاجئين، لم تصدر أي مواقف علنية مرحبة به حتى اليوم، مع حديث وسائل إعلام روسية عن توافق بين الدول الضامنة في مسار أستانة (روسيا وتركيا وإيران) على عقده الشهر المقبل، وكشف مصادر من النظام أنه بدأ بتوجيه الدعوات له، والتشديد على أن الدعوة له سورية وليست روسية.
وقالت المتحدثة الرسمية باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا أمس الجمعة ٢٣ تشرين الأول/أكتوبر، إن “السلطات السورية ستعقد مؤتمراً دولياً للترويج لعودة اللاجئين، تشارك في تنظيمه روسيا، في دمشق في ١١ و١٢ تشرين الثاني/نوفمبر المقبل”، آملة “أن يساهم المجتمع الدولي في حل هذه القضية الإنسانية”.
من جهتها، نقلت وكالة “فان” الروسية عن أحد المشاركين في تنظيم المؤتمر حول عودة اللاجئين السوريين والمزمع تنظيمه في ١١ و١٢  تشرين الثاني/نوفمبر المقبل أن هناك توافقاً بين الدول الضامنة في أستانة (روسيا وتركيا وإيران) على أهمية عقده في الموعد المحدد، لافتاً إلى أن عقد المؤتمر جاء بمبادرة روسية حظيت بموافقة أنقرة وطهران منذ منتصف أيلول/سبتمبر الماضي، وأن الأطراف الثلاثة تواصل بحث الموضوع بشكل مكثف للخروج بأفضل النتائج.
ومن المنتظر، بحسب المصادر الروسية، أن يكون التحضير للمؤتمر على أجندة اللقاءات المقبلة للمبعوث الدولي غير بيدرسن مع مسؤولي النظام السوري نهاية الأسبوع الحالي في دمشق، إضافة إلى الدفع بمسار اللجنة الدستورية.
وبحسب أكثر من مصدر، من الممكن عقد المؤتمر في قصر المؤتمرات في دمشق، نظراً لأهمية المكان ولبعث رسالة بأن الحياة عادت لطبيعتها في سورية والأمور مؤهلة لعودة اللاجئين، وإضافة إلى محاولة التأكيد أن الملف إنساني ودبلوماسي بمشاركة النظام وليس عبر الروس.
واللافت أنه منذ منتصف أيلولسبتمبر الماضي، عاودت وزارة الدفاع الروسية نشر بيانات يومية عن عودة اللاجئين والنازحين إلى قراهم وبلداتهم بعد انقطاع لأشهر، مع التركيز على الجهود الإنسانية الروسية. والخميس الماضي ذكرت وزارة الدفاع أن ٥٢٠ سورياً عادوا من لبنان في ٢٤ ساعة. ومع توقفها عن نشر أخبار “المصالحات”، ذكرت الوزارة في تقريرها الإخباري أنها أوصلت ١٣٢٠ سلة غذائية في مناطق في ريف دمشق وحمص وتدمر، كما ذكرت أن الخبراء الروس قاموا بتطهير بعض الأراضي من الألغام في مدينة دوما بريف دمشق ومدينتي جاسم والحارة بريف درعا على مساحة ١،٧ هكتار وأن الخبراء اكتشفوا ودمروا ١٨ عبوة ناسفة.
وكانت وزارة الدفاع الروسية قد أعلنت في بداية أيار/مايو ٢٠١٨ عن دعوة لعقد مؤتمر دولي وصفته بالتاريخي للاجئين السوريين، بمشاركة الأمم المتحدة ودول معنية بالأزمة السورية، مشيرةً حينها إلى أن رئيس النظام بشار الأسد تعاطى بإيجابية مع تلك الدعوة، التي لم تنجح في النهاية بعقد المؤتمر.
وتحاول روسيا جاهدةً سحب النظام من عنق الزجاجة، بفعل الأزمات التي يمر بها حالياً نتيجة الأوضاع الاقتصادية المتردية بعد توالي حزم العقوبات بموجب “قانون قيصر” الأميركي، إذ إن الحزمة الأولى من عقوبات “قيصر” أشارت صراحة إلى تعمّد النظام إحداث عمليات تغيير ديمغرافي وتهجير المدنيين لتحقيق هذا الهدف. وأوضحت وزارة الخزانة الأميركية حينها أنها استهدفت بالعقوبات شخصيات وكيانات تضطلع بعمليات التغيير الديمغرافي وتهجير المدنيين.
وتدرك روسياً جيداً هذه الناحية، لهذا تحاول سدّ الذرائع الأميركية، على الرغم من أن النظام لا يزال يبدي تحفظات على مسألة عودة النازحين واللاجئين إلى كثير من المناطق، كون الغالبية العظمى منهم من المعارضين له. ويخشى الأسد من تجدد الاحتجاجات عليه في حال عودة اللاجئين، بعدما ارتاح نسبياً من بعض نقاط المواجهة والاحتجاجات، بعد إنجاز الكثير مما عرف باتفاقات المصالحة والتسويات والتي حملت في نهايتها عمليات تهجير كبيرة، سواء في حمص أو حلب أو ريف دمشق أو درعا. ويعتقد الأسد أن لديه الكثير من أوراق الضغط على الغرب والولايات المتحدة بالتحديد، لتحقيق وجهة نظره وتأخير الملفات المطلوب منه إنجازها، لا سيما مع تجدد الحديث عن المفاوضات بشأن الرهائن الأميركيين، الذين يتخذهم الأسد ورقة ضغط على واشنطن.
وحتى عصر أمس، لم تصدر مواقف رسمية من الفاعلين الدوليين حول الحديث عن الدعوة، مع معارضة الكثير من الدول إرسال مندوبيها وممثليها إلى دمشق. كذلك فإن جزءاً واسعاً من أطياف “المعارضة السورية” لا يزال يرفض عقد أي لقاء أو اجتماع ضمن أي مسار سياسي في دمشق من دون تحقيق انتقال سياسي، وهذا ما كان واضحاً عند رفض فكرة عقد اجتماعات للجنة الدستورية في دمشق بمقترح من موسكو.

المصدر: وكالات