رئيس الآلية الدولية: العدالة في سوريا لم تعد هدفا بعيد المنال
متابعة مركز عدل لحقوق الإنسان
قال رئيس الآلية الدولية المحايدة والمستقلة للتحقيق في الجرائم الخطيرة في سوريا، روبرت بيتي إن العدالة في سوريا لم تعد طموحا نظريا وهدفا سياسيا بعيد المنال، بل فرصة ملموسة.
جاء هذا في كلمته أمام الجمعية العامة لتقديم تقرير الآلية الذي يتضمن تحديثا شاملا حول التقدم الذي أحرزته في دعم التحقيقات والملاحقات القضائية المتعلقة بالجرائم الجسيمة المرتكبة في سوريا منذ آذار/مارس ٢٠١١.
وصف بيتي الأحداث التي وقعت في سوريا في ٨ كانون الأول/ديسمبر ٢٠٢٤ بأنها “لحظة مفصلية في تاريخ البلاد” أنهت أكثر من ١٣ عاما من الصراع و٥٠ عاما من الحكم الاستبدادي. واستشهد بما قاله الأمين العام للأمم المتحدة بأن ما حدث يعد “شعلة أمل” يجب ألا تنطفئ.
يذكر أن الجمعية العامة للأمم المتحدة قد اعتمدت قرارا في ٢١ كانون الأول/ديسمبر ٢٠١٦، ينص على إنشاء آلية دولية محايدة مستقلة للمساعدة في التحقيق والملاحقة القضائية للأشخاص المسؤولين عن الجرائم الأشد خطورة وفق تصنيف القانون الدولي المرتكبة في سوريا منذ آذار/مارس ٢٠١١.
وأشار بيتي إلى أنه تمكن وفريقه بعد ثماني سنوات من تأسيس الآلية من إجراء أول زيارة رسمية إلى سوريا في كانون الأول/ديسمبر الماضي والتي بدأت “حوارا بناء” مع السلطات السورية.
وقال: “نرحب بالتدابير التي اتخذتها السلطات لحماية البيانات وتقييد وتنظيم الوصول إلى المواقع التي تحتوي على معلومات وأدلة قيّمة، مما قد يساعد في إثبات المسؤولية الجنائية للأفراد الأكثر مسؤولية”.
ولفت رئيس الآلية الدولية إلى أنه رغم قيود الموارد، استطاعت الآلية تحقيق تقدم ملموس على جبهات عدة.
وأضاف أنه في عام ٢٠٢٤ وحده، “أجرينا ١٥٤ نشاطا لجمع البيانات، مما وسع مستودعنا المركزي إلى ٢٨٠ تيرابايت من البيانات. وقد دعمت هذه الأدلة بشكل مباشر نجاح الملاحقات القضائية في ولايات قضائية متعددة، وأدت إلى إصدار مذكرات توقيف بحق الجناة”.
وأوضح أنه حتى الآن، تلقت الآلية ٤٦٦ طلب مساعدة من ١٦ ولاية قضائية، تتعلق بـ ٣٢١ تحقيقا منفصلا في جرائم ارتكبتها مجموعة واسعة من الجناة في سوريا.
وقال بيتي: “من الجدير بالذكر أننا دعمنا التحقيقات الفرنسية التي أدت إلى إصدار مذكرات توقيف بحق بشار الأسد وشقيقه ماهر، إلى جانب ثمانية مسؤولين كبار آخرين، بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية”.
وأكد رئيس الآلية الدولية على نهجها الذي يركز على الضحايا والناجين قائلا “في قلب كل وثيقة، وكل شهادة، وكل تحليل، أشخاص – كثيرون منهم من فُقِد، وكثيرون منهم نجوا، ولكل منهم الحق في العدالة”.
وعلى الرغم من التقدم المُحرز، حذر بيتي من اتساع فجوة التمويل البالغة ٧،٥ مليون دولار أمريكي لعام ٢٠٢٥، والتي قد تتسع أكثر.
وأشار إلى أن “التحقيقات تباطأت، وتأخرت المساعدات، ولم يتسن إعطاء الأولوية لبعض فرص العدالة”، داعيا الدول الأعضاء إلى تقديم دعم مالي متعدد السنوات.
وقال بيتي: “يجب أن تكون عملية العدالة الانتقالية شاملة، يقودها ويملكها السوريون. وعليهم أن يُحددوا معنى العدالة بالنسبة لهم، على المستوى الوطني والإقليمي والدولي”، مشددا على أن هذه الجهود يجب أن تكون مدعومة من قبل المجتمع الدولي.
وشدد على أن المساءلة لا يمكن أن تتحقق إلا إذا كانت جزءا من استجابة شاملة للتحديات التي تواجهها سوريا.
المصدر: الأمم المتحدة