تنمية الأمان وديمقراطية الاطمئنان
نجم الشمري
حسم المفكر الياباني سوكيهيرو هاسيغاوا الجدل بشأن علاقة التنمية والديمقراطية وأيهما أولا بقوله انه “لا سبيل إلى تحقيق التنمية المستدامة دون استقرار وسلام، ولا إلى إرساء السلام دون تنمية مستدامة”، معتبرا اهداف التنمية المستدامة تكمن في تحول البلدان المعرضة للنزاعات إلى دول مسالمة ومن ثم مشاركتها في تحقيق التنمية المستدامة، لاسيما أن عمليات الإنعاش والتنمية بعد انتهاء النزاع مرتهنة بالقيادات الوطنية أكثر منها بالمؤسسات، التي قد لا تكون لدى الشعوب معرفة وثيقة بها، حيث أصبحت الديمقراطية الليبرالية وسيادة القانون، إضافة إلى حماية حقوق الإنسان، من مرتكزات نظم الحكم فيما كتِبت الدساتير وأنشئت مؤسسات الحكم الرسمية بهدف تحقيق العدالة في المجتمع ولا شك في أن بناء القدرات المؤسسية للحكم الديمقراطي شيء مستحب لأغراض صون السلم والاستقرار في الأجل الطويل، لكن تنشأ ضرورة أكثر إلحاحا في أعقاب النزاعات مباشرة، وهي التأثير على القيادات الوطنية وتغيير مفاهيمها بحيث تلتزم بضمان الوحدة وتحقيق المصالح على الصعيد الوطني.
وتتمثل المهمة الحيوية للقيادات الوطنية في المرحلة التي تعقب النزاع مباشرة في تحقيق التوازن بين الحاجة إلى ترسيخ الاستقرار السياسي، حسب الواقع وبين متطلبات حكم بلدانهم، من خلال التأثير على فكر وسلوك خصومهم وأتباعهم على حد سواء، ويتطلب ذلك التحلي بصفات القيادة الحازمة والاستعداد لتقبل واقع تباين المصالح وتقاسم التطلعات.
ولعل الطريق المضمون لبناء مجتمع قائم على سيادة القانون هو اتباع القادة الطريق القويم ومراعاة الانضباط في سلوكهم وتصرفاتهم الشخصية، عوضا عن استخدام السلطة والقوة للتشبث بالكراسي.
وفعل ما يتطلب الواقع تعزيزه من قيم العدل والاعتدال، عوضا عن المعرفة بالقوانين من اجل الصالح العام للمجتمع بأسره ولا يمكن إقامة دولة مثالية، إلا إذا اتسم قادتها بالاستقامة وموظفوها بالمهارة العالية، الذين يستطيعون إعادة الإحساس بالكرامة إلى السكان المحليين عن طريق التقيد بالمعايير العالمية لأنماط الحكم بعد تكييفها لتتسق مع المعايير المحلية.
وأعتقد أن هذا النهج أكثر فاعلية من التركيز المفرط للجهود على بناء الهياكل ووضع الإجراءات المؤسسية مع قِلّة الاهتمام بالقيم والتقاليد والعادات المحلية.