“تعازي الرئيس غير كافية”.. أكبر رجل دين مسيحي في سوريا ينتقد الشرع بعد هجوم الكنيسة في دمشق
متابعة مركز عدل لحقوق الإنسان
قال بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس يوحنا العاشر يازجي، وهو أكبر رجل دين مسيحي في سوريا، يوم أمس الثلاثاء ٢٤ حزيران/يونيو ٢٠٢٤، خلال تشييع قتلى تفجير دام استهدف كنيسة في دمشق إن حكومة الرئيس أحمد الشرع تتحمل مسؤولية عدم حماية الأقليات وإن تعازي الرئيس ليست كافية.
وقُتل ما لا يقل عن ٢٥ مسيحيا يوم الأحد عندما فجر انتحاري نفسه داخل كنيسة مار إلياس في حي الدويلعة بالعاصمة دمشق، وهو أولهجوم من نوعه منذ سيطرة حكومة الشرع التي يقودها إسلاميون على السلطة في كانون الأول/ديسمبر بعد الإطاحة بحكم عائلة الأسد.
وحمّلت الحكومة السورية تنظيم “داعش” مسؤولية هذا الهجوم الذي زاد من الشكوك بين الأقليات حول ما إذا كان بوسعهم الاعتماد على ضمانات الحكومة بالحماية.
وخلال مراسم الجنازة، قال يازجي “وبكل محبة، وبكل احترام وتقدير سيادة الرئيس، تكلمتم البارحة هاتفيا… لتنقلوا لنا عزاءكم. لا يكفينا هذا”، وسط تصفيق من الحضور.
وأضاف أن المسيحيين ممتنون لاتصال الرئيس الهاتفي لكن الجريمة التي وقعت أكبر من ذلك.
ونددت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية تامي بروس بما وصفته بأنه “هجوم وحشي وجبان” ودعت الحكومة السورية إلى محاسبة جميع مرتكبي العنف وضمان أمن جميع السوريين، بمن فيهم أفراد الأقليات الدينية والعرقية.
وأضافت أن واشنطن تواصل دعمها للحكومة السورية “في محاربتها للقوى التي تسعى إلى بث عدم الاستقرار والخوف في بلادهم وفي المنطقة”.
كان المسيحيون يشكلون نحو ١٠ بالمئة من سكان سوريا الذين كان يبلغ عددهم ٢٢ مليون نسمة قبل الحرب، لكن أعدادهم تقلصت بشكل كبير خلال الصراع الذي استمر ١٤ عاما، وذلك لأسباب أهمها الهجرة. ويقدر عدد المسيحيين الذين يعيشون حاليا في سوريا ببضع مئات الآلاف فقط.
وقال يازجي إن الحكومة يجب أن تعطي الأولوية لحماية الجميع. وفي إشارة إلى الهجوم على الكنيسة، أضاف “ما يهمني، وسأقوله، هو أن الحكومة تتحمل كامل المسؤولية”.
شارك المئات في المراسم الجنائزية التي أقيمت داخل كنيسة الصليب المقدس القريبة قبل دفن تسعة من القتلى الذين سقطوا في الهجوم، ووضعت الجثامين في توابيت بيضاء بسيطة مزينة بالورود البيضاء.
وشاركت في المراسم وزيرة الشؤون الاجتماعية هند قبوات، وهي المسيحية الوحيدة والمرأة الوحيدة في الحكومة السورية الجديدة.
وقال الشرع يوم أول أمس الاثنين إن الهجوم أصاب جميع الشعب السوري دون أن يستخدم كلمة “مسيحيين” أو “كنيسة”.
وقالت الحكومة إن قوات الأمن داهمت مخابئ لتنظيم الدولة الإسلامية وقتلت اثنين من عناصره أحدهما قام بتسهيل دخول الانتحاري إلى كنيسة مار إلياس.
ولم يصدر بيان عن تنظيم “داعش” يعلن فيه مسؤوليته عن الهجوم.
وتبنّت مجموعة جهادية غير معروفة يوم أمس الثلاثاء الهجوم الانتحاري على كنيسة مار الياس في دمشق، في وقت أفادت السلطات أن الفصيل يتبع لتنظيم “داعش” ومنفذ الاعتداء ليس سوريا.
وأوردت “سرايا أنصار السنّة” في بيان على تطبيق تلغرام، “أقدم الأخ الاستشهادي محمّد زين العابدين أبو عثمان.. على تفجير كنيسة مار إلياس”. وقالت إن العملية جاءت “بعد استفزاز” من مسيحيي دمشق “في حق الدعوة وأهل الملَّة”.
واعتبرت المجموعة التي تأسست بعيد إطاحة الحكم السابق في كانون الأول/ديسمبر، أن “ما نشر في إعلام حكومة الجولاني عار عن الصحة”.
وكانت الداخلية نسبت الهجوم الى خلية تابعة لتنظيم “داعش”. وأعلنت أول أمس الإثنين توقيف “عدد من المجرمين المتورطين في الهجوم” في ريف دمشق.
إلا أن التنظيم لم يتبن الهجوم.
وقال المتحدث باسم الداخلية نور الدين البابا خلال مؤتمر صحافي الثلاثاء إن الخلية المنفذة “تتبع رسميا لتنظيم داعش.. ولا علاقة لها بأي جهة دعوية”، مؤكدا أن تنظيم أنصار السنة “ليس مستقلا بحد ذاته.. ويتبع لتنظيم داعش”.
وقال البابا إن منفذ الهجوم ليس سوريا، من دون أن يحدد جنسيته، موضحا أنه جاء مع انتحاري ثان من مخيم الهول في شمال شرق سوريا، والذي يؤوي نازحين وعائلات مقاتلي تنظيم الدولة الاسلامية.
ويشكل بسط الأمن أبرز التحديات التي تواجه سلطة الرئيس الانتقالي أحمد الشرع، مع بقاء مناطق خارج سيطرته أمنيا وانضواء مجموعات ذات خلفيات عدة بينها جهادية في إطار الجيش الجديد.
ولا يُعرف الكثير عن “سرايا أنصار السنة”، لكن منشوراتها تتضمن انتقادات للشرع بعد توليه السلطة وتحريضا ضد الأقليات خصوصا العلويين. وسبق للمجموعة، وفق المرصد السوري لحقوق الانسان، أن شاركت في أعمال عنف في الساحل السوري.
ووفق الباحث أيمن التميمي، قد تكون المجموعة “فصيلا منشقا مؤيدا لتنظيم الدولة الإسلامية، تشكّل أساسا من عناصر انشقت عن هيئة تحرير الشام وفصائل أخرى، لكنها تعمل حاليا بشكل مستقل”.
ولا يستبعد أن تكون كذلك “مجرد واجهة” للتنظيم المتطرف.
ويقود المجموعة قيادي سابق في هيئة تحرير الشام، الفصيل الذي ترأسه الشرع وقاد الهجوم الذي أطاح الأسد. وتضم في قيادتها كذلك عضوا سابقا من تنظيم حراس الدين المرتبط بتنظيم القاعدة، والذي أعلن مطلع العام حل نفسه.
المصدر: موقع مونت كارلو الدولية