بيان بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان

الجمعة،9 كانون الأول(ديسمبر)،2022

بيان بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان

في العاشر من شهر كانون الأول/ديسمبر من كل عام، يحتفل العالم، باليوم العالمي لحقوق الإنسان، ففي مثل هذا اليوم من عام ١٩٤٨ أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة بموجب القرار رقم ٢١٧ ألف (د – ٣)، الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، حيث حظي ذلك، بترحيب واهتمام شعوب العالم ودوله، التي سارعت إلى التوقيع عليه وإلزام نفسها بتنفيذه وإدخال مواده وبنوده في صلب قوانينها ودساتيرها الوطنية، ليكتسب الإعلان أهمية خاصة، ويغدو أهم وثيقة دولية في مجال حقوق الإنسان والركيزة الأساسية لكل الوثائق والصكوك الدولية اللاحقة، وهو يحتوي على ديباجة وثلاثين مادة قانونية، توضح الحقوق والحريات التي يجب أن يتمتع بها الإنسان في أي مكان من العالم بغض النظر عن لغته، أو دينه، أو جنسه، أولونه، أو رأيه السياسي، أو أصله الاجتماعي، أو ثروته، أو ميلاده، أو أي وضع آخر.
ومع عدم تجاهل الانجازات التي حققتها الأمم المتحدة ومكاتبها ووكالاتها المتخصصة وآلياتها، في سياق احترام حقوق الإنسان وتعزيز حرياته الأساسية، منذ صدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وما تلاه من الوثائق القانونية ذات الصلة، وعقد العديد من الاتفاقيات والمعاهدات تبعاً لذلك، إلا أن أبرز سمات الحالة العامة لحقوق الإنسان في مختلف بقاع العالم، هو التراجع المخيف، وخاصة في منطقة الشرق الأوسط، بحجج وذرائع شتى، والشيء الأكثر حزناً ومأساوية، هو تضاؤل دور المنظمة الدولية في استعادة الأمن والسلم أولاً، والحفاظ على حقوق الإنسان وتنميتها تالياً، وهو ما يضع العالم أمام حقيقة اخفاقات العقود الماضية وكيفية إيجاد الحلول للواقع المروع لحقوق الإنسان في مناطق عديدة من العالم.
ففي سوريا، لا يزال شعبها عموماً يعيش في ظل غياب الحريات الديمقراطية وممارسة عمليات القمع ضد المواطنين، من: منع الحياة السياسية والمدنية، وغياب حرية الرأي والتعبير والنشر والتجمع، وسيادة القوانين والمحاكم الاستثنائية، والاعتقال التعسفي والاختفاء القسري، وممارسة عمليات التعذيب الممنهج في السجون ومعتقلات الأجهزة الأمنية المختلفة، واتهام الناشطين السياسيين والمدنيين بتهم باطلة، وتحويلهم وفقاُ لذلك للمحاكم الاستثنائية التي لا تتوفر فيها الضمانات والمعايير المطلوبة للمحاكمة العادلة، ومع بداية الحراك الشعبي المطالب بالحرية والديمقراطية، في أواسط آذار/مارس وحتى الآن تشهد أوضاع حقوق الإنسان في سوريا تدهوراً مريعاً على كل المستويات نتيجة استخدام الدولة للقوة المسلحة والعنف المفرط وانتشار المجموعات الإرهابية المسلحة في طول البلاد وعرضها.
أما الشعب الشعب الكردي في سوريا – القومية الثانية في البلاد ‘ فهو يعاني إضافة إلى ما يعانيه الشعب السوري عموماً، من: سياسة الاضطهاد القومي وأرازاتها السلبية في مختلف مجالات الحياة، ومن الحرمان من حقوقه القومية، ومن السياسة العنصرية والتمييز، وحظر التعلم والتعليم بلغته الأم، والشطب على تاريخه ووجوده القومي والإنساني..، وذلك في سياق ممارسة عرقية تتناقض مع أبسط المبادىء والمواثيق الدولية الخاصة بحقوق الإنسان. وقد تعرضت العديد من مناطقه ( سري كانيي، كوباني، كري سبي، عفرين ) خلال سنوات الأزمة التي تمر بها سوريا منذ عام ٢٠١١ لهجمات أقل ما يمكن أن يقال عنها، بأنها وحشية وبربرية، من قبل جهات عدة: ( الحكومة السورية، المعارضة المسلحة المرتبطة بتركيا، الجماعات الإسلامية الإرهابية، الحكومة التركية ).
إننا في مركز عدل لحقوق الإنسان، وفي الوقت الذي نحيي فيه الذكرى السنوية الـ (٧٤) للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، فإننا نناشد هيئات المجتمع المدني ومنظمات حقوق الإنسان في العالم، وكافة القوى والفعاليات المحبة للحرية والديمقراطية والسلام والمساواة، إلى تحمل مسؤولياتها والتضامن مع الشعب السوري عموماً والشعب الكردي بوجه خاص، في محنته الإنسانية الممتدة طويلاً، والعمل من أجل أحقاق حقوقه ورفع الظلم والاضطهاد عنه، وفق نصوص وبنود الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وغيره من القوانين والمواثيق والعهود الدولية ذات الصلة، وإذ ننظر إلى المستقبل، فأننا نرى من الضروري أن يبذل المجتمع الدولي جهوداً حقيقية لإيجاد الحلول الممكنة لتدهور حقوق الإنسان عالمياً، والنهوض الفعلي من جديد بمبادىء حقوق الإنسان، ومنها: الدراسة الدقيقة لجذر الانتهاكات واسعة النطاق للقانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان على جميع المستويات، وعدم تجاهل قضايا العنصرية والتمييز والتهميش، وإيلاء اهتمام خاص لتأثيرات التدخلات العسكرية والاحتلال غير الشرعي، وضرورة التعامل مع جميع الدول على قدم المساواة من حيث منع حدوث الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، ومكافحة الإفلات من العقاب، وضرورة وضع آلية قضائية لقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، ومتابعة فعالة للتنفيذ، وأن لا تستبعد أي دولة من ذلك، وضرورة أن تعمل كافة الأجهزة والهيئات والمنظمات غير الحكومية على تحسين التعاون والتنسيق مع آليات الأمم المتحدة.

٩ كانون الأول/ديسمبر ٢٠٢٢
مركز عدل لحقوق الإنسان