الطفولة كمصطلح يُعرف بالفترة الحياتيّة الممتدّة ما بين فترة الرضاعة وسن الرشد, فيختلف هذه الفترة حسب كل بلد فتراه في بلدٍ يمتدّ لسن الثالثة عشر وفي بلدٍ آخر إلى سن الواحد والعشرين, لكنّه وبشكل عام ووفق أغلب بلدان العالم يكون حتى إتمام الثامنة عشر من العمر .
ترتبط الطفولة بالبراءة والسلام, حيثُ يكون المرء في هذه المرحلة بعيّداً عن الخبث ولا يكون حاملاً في قلبه سوى الأحلام الجميّلة, فيكون الإنسان وقتها أشبه بالزهرة التي تجعل من الطبيعة أجمل .
كُلّنا عشنا هذه الفترة الحساسة من العمر وندرك جيّداً المستلزمات الكثيرة التي ينبغي توافرها لأجل طفولة سعيدة ينعم بها ملائكة الأرض هؤلاء, فأولى الواجبات الإنسانيّة التي نحملها هي خلق حياة سليمة طبيعيّة للأطفال الذين يعتبرون مستقبل الإنسانيّة كلها.
ولأجل هذه البراءة فإن الطفل شُرّع له الكثير من القوانين وعُقِدَ لأجله الكثير من الاتفاقيات والمواثيّق العالميّة بغية حمايته من مختلف أشكال الاستغلال .
في عام 1989، أقرّ زعماء العالم بحاجة أطفال العالم إلى اتفاقية خاصة بهم، لأنه غالبا ما يحتاج الأشخاص دون الثامنة عشر إلى رعاية خاصة وحماية لا يحتاجها الكبار.
وتعتبر اتفاقية حقوق الطفل الصك القانوني الدولي الأول الذي يلزم الدول الأطراف من ناحية قانونية بدمج السلسلة الكاملة لحقوق الإنسان، أي الحقوق المدنية والسياسية، إضافة إلى الحقوق الثقافية والاجتماعية والاقتصادية،وقد حققت الاتفاقية القبول العالمي تقريباً، وقد تم التصديق عليها حتى الآن من قبل 193 طرف.وتتمثل مهمة اليونيسيف في حماية حقوق الأطفال ومناصرتها لمساعدتهم في تلبية احتياجاتهم الأساسية وتوسيع الفرص المتاحة لهم لبلوغ الحد الأقصى من طاقاتهم وقدراتهم.
وتسترشد اليونيسيف بتنفيذها لهذه المهمة بنصوص ومبادئ اتفاقية حقوق الطفل,وتتضمن الاتفاقية( 54 ) مادة، وبروتوكولين اختياريين. وهي توضّح بطريقة لا لَبْسَ فيها حقوق الإنسان الأساسية التي يجب أن يتمتع بها الأطفال في أي مكان – ودون تمييز، وهذه الحقوق هي: حق الطفل في البقاء، والتطور والنمو إلى أقصى حد، والحماية من التأثيرات المضرة، وسوء المعاملة والاستغلال، والمشاركة الكاملة في الأسرة، وفي الحياة الثقافية والاجتماعية.
وتتلخص مبادئ الاتفاقية الأساسية الأربعة في: عدم التمييز؛ تضافر الجهود من أجل المصلحة الفضلى للطفل؛ والحق في الحياة، والحق في البقاء، والحق في النماء؛ وحق احترام رأى الطفل,وتحمي الاتفاقية حقوق الأطفال عن طريق وضع المعايير الخاصة بالرعاية الصحية والتعليم والخدمات الاجتماعية والمدنية والقانونية المتعلقة بالطفل.
ويمكن أن نلخّص الاتفاقية في تسع بنود هي :
1- يجب أن يتمتع الطفل بجميع الحقوق المقررة في هذا الإعلان. ولكل طفل بلا استثناء الحق في أن يتمتع بهذه الحقوق دون أي تفريق أو تمييز بسبب اللون أو الجنس أو الدين، أو الأصل القومي أو الاجتماعي، أو الثروة، أو النسب أو أي وضع آخر يكون له أو لأسرته .
2- يجب أن يتمتع الطفل بحماية خاصة وأن تمنح له الفرص والتسهيلات اللازمة لنموه الجسمي والعقلي والخلقي والروحي والاجتماعي نموا طبيعيا سليما في جو من الحرية والكرامة .
3- للطفل منذ مولده حق في أن يكون له اسم وجنسيّة .
4- يجب أن يتمتع الطفل بفوائد الضمان الاجتماعي وأن يكون مؤهلا للنمو الصحي السليم. وعلى هذه الغاية، يجب أن يحاط هو وأمه بالعناية والحماية الخاصتين اللازمتين قبل الوضع وبعده وللطفل حق في قدر كاف من الغذاء والمأوى واللهو والخدمات الطبية .
5- يجب أن يحاط الطفل المعاق جسميا أو عقليا أو المقصي اجتماعيا بالمعالجة والتربية والعناية الخاصة التي تقتضيها حالته .
6- يحتاج الطفل لكي ينعم بشخصية سليمة إلى الحب والتفهم. ولذلك يجب أن تتم نشأته برعاية والديه وفي ظل مسؤوليتهما، في جو يسوده الحنان والأمن المعنوي والمادي فلا يجوز إلا في بعض الظروف، فصل الطفل الصغير عن أمه. ويجب على المجتمع والسلطات العامة تقديم عناية خاصة للأطفال المحرومين من الأسرة وأولئك المفتقرين إلي كفاف العيش .
7- للطفل الحق ّ في تلقّي التعليّم الذي يجب ان يكون مجاناً وإلزاميّاً في مراحله الابتدائية على الأقل وتقع هذه المسؤوليّة بالدرجة الأولى على أبويه , ويجب أن يكون الطفل من أوائل المتّمتعين بالحماية والإغاثة .
.
8- يجب أن يتمتع الطفل بالحماية من جميع صور الإهمال والقسوة والاستغلال.ولا يجوز استخدام الطفل قبل بلوغه سن الرشد. ويحظر في جميع الأحوال حمله على العمل أو تركه يعمل في أية مهنة أو صنعة تؤذي صحته أو تعليمه أو تعرقل نموه الجسمي أو العقلي أو الخلقي .
9- يجب أن يحاط الطفل بالحماية من جميع الممارسات التي قد تضر به كالتمييز العنصري أو الديني أو أي شكل آخر من أشكال التمييز، وأن يربى على روح التفهم والتسامح، والصداقة بين الشعوب، والسلم والأخوة العالمية .
من حيث المبدأ غالبيّة الدول تدعي قيامها بكل الإجراءات للحد من الخروقات بحق هذه الاتفاقيّة والتي تمسّ حياة الطفل الذي يعيش في ظل حكوماتها, لكن الإحصائيات تدلّ على وجود الكثير من الحالات التي تعرّض ويتعرّض لها الطفل من ممارسات تحول دون قدرته على عيش هذه المرحلة الحياتيّة بشكل مناسب, ناهيكم عن الظروف الاستثنائيّة في زمن الحرب فحاليّاً وفي منطقة الشرق الأوسط بشكل عام لا تتوفّر للطفل البيئة المناسبة ليعيش لحظاته بشكل لائق .
وفي سوريا تحديداً هنالك أرقام للجرائم رُصِدت بهذه الشأن يفوق كل تصوّر , فقد وصل عدد الأطفال الموثّقين بالاسم الذين استشهدوا جراء عمليات العنف إلى 13326 طفلاً , أما عددهم التقديري فيفوق 16000 ألف طفل , وإن قسمنا العدد على المدّة الزمنيّة التي بدأ فيها أحداث العنف فأننا سنصطدم برقم قاسي جداً فكل يوم يقتلُ النظام السوري 8 أطفال على الأقل .
كما أن عدد العائلات التي بقيت من دون معيّل يتجاوز ( 128000 ) عائلة , وهذا يعني بان هنالك أرقام ضخمة لأطفال يتعرّضون للاستغلال في هذا الوقت كون بقائهم في ظروف صعبة وقاسية تحتّم عليهم العمل في سن صغيرة مما يوفّر البيئة الملائمة لاستغلالهم والنيل منهم .
وكذلك فإن مخيّمات اللجوء أيضاً تعدّ بيئة ملائمة لعمالة الأطفال, فهنالك عدد ضخم جداً من السوريين الذين هم مهجّرون قسراً من وطنهم ويعيشون في المخيمات ويعانون حتماً من الكثير من النواقص , فالأسرة التي لا تملك المعيل لا يكون أمامها سوى خيار عمالة أطفالها القُصّر الذين يعيشون بذلك حياة بعيّدة كل البعد من الحياة المقررة للطفل وفق اتفاقية حقوق الطفل .
في ظل تواجد هذا الكم الهائل من الخروقات التي يتعرض لها الطفل سواء تلك التي تنال من حياته او تعليمه أو طريقة عيشه فأنه يتوجّب توافر جهود مضاعفة لأجل الحد من هذه الممارسات, ولأجل توفير بيئة أكثر ملائمة لطبيعة الطفل الرقيقة, فنحن أمام كارثة مستقبليّة في حال لم يتم تدارك هذه المشكلة المعقّدة , فتوحيّد الجهود ضروريٌّ في هذه المرحلة لأجل الحد من هذه الأعداد الضخمة من الخروقات, فقسم كبيّر من منها تكون على المنظمات الأممية واجب العمل لمعالجتها وهنالك قسمٌ تكون الدول الراعية لمخيمات اللجوء حاملة لواجب معالجتها كالعمالة التي يمكن رؤيتها لأطفال يعيشون في المخيمات الواقعة في أراضيها , ولا يمكن أن نستثني أنفسنا من حمل جزء من هذا العبء الكبير فيما يتعلق برصد حالات العنف ضد الطفل وكذلك فضح الممارسات التي تهدف للنيل من الطفل وبراءته.
لنعمل لأجل ملائكة الأرض فكلنا يمكنه تقديم شيء خدمة لإنسانيتنا التي تتعرض للهلاك في كل لحظة, لأننا مدانون حتماً في حال لم نساهم بواجبنا الإنساني تجاه أي خرق يتعرّض له الطفل بغضّ النظر عن مدى جسامة الفعل الذي يتعرّض له . . .
:::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::
المصادر :
1- اتفاقية حقوق الطفل الصدارة سنة 1989
2- موقع اليونيسيف http://www.unicef.org/
3- الموسوّعة الحرّة ( ويكيبيديا )
4- صفحة إحصائيات الثورة السوريّة .