فلسفة حقوق الإنسان

الأحد،13 تشرين الثاني(نوفمبر)،2022

فلسفة حقوق الإنسان

عمرو وجدي

مما لا شك فيه أن حقوق الإنسان ليست منحة من أحد، وهي حقوق متأصلة في جميع البشر، مهما كان نوع جنسهم، أو لونهم، أو دينهم، أو لغتهم، أو جنسيتهم، أو أصلهم الوطني أو العرقي، أو مكان إقامتهم أو أي وضع آخر، والتمتع بها غير مشروط بأي شيء.
إن للبشر جميعاً الحق في الحصول على الحقوق الإنسانية على قدم المساواة وبدون تمييز. وجميع هذه الحقوق مترابطة ومتآزرة وغير قابلة للتجزئة. وكثيراً ما يتم التعبير عن حقوق الإنسان العالمية بواسطة القانون، وفي شكل معاهدات أو اتفاقيات، أو القانون الدولي العرفي، أومبادئ عامة، أو بمصادر القانون الدولي الأخرى.
ويرسي القانون الدولي لحقوق الإنسان التزامات على الحكومات بالعمل بطرق معينة أو الامتناع عن أعمال معينة، من أجل تعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية الخاصة بالأفراد أو الجماعات.
ويعتبر مبدأ عالمية حقوق الإنسان حجر الأساس في القانون الدولي لحقوق الإنسان، حيث يُقصد به أن كل الحقوق الواردة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ومختلف وثائق القانون الدولي لحقوق الإنسان، تتجاوز وتفوق الحدود السياسية، والجغرافية اللغوية وحتى الدينية والثقافية؛ فيصبح المجتمع الدولي ساحة لتطبيق تلك الحقوق. وقد تم تكرار الإعراب عن هذا المبدأ الذي أبرز للمرة الأولى في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في عام ١٩٤٨، وفي العديد من الاتفاقيات والإعلانات والقرارات الدولية لحقوق الإنسان، فقد أكد المؤتمر الدولي لحقوق الإنسان الذي انعقد بإيران في ١٩٦٨، عالمية حقوق الإنسان وأنها مكرسة للبشر أجمعين، وأُشير في المؤتمر العالمي لحقوق الإنسان الذي انعقد بفيينا في عام ١٩٩٣، إلى أن من واجب الدول أن تعزز وتحمي جميع حقوق الإنسان والحريات الأساسية، بصرف النظر عن أنظمتها السياسية والاقتصادية والثقافية.
وقد صادقت جميع الدول على واحدة على الأقل من الاتفاقيات الأساسية لحقوق الإنسان، وصادق ٨٠% منها على أربع اتفاقيات أو أكثر، بما يعكس موافقة الدول بشكل ينشئ التزامات قانونية عليها ويعطي تعبيراً محدداً عن عالمية الحقوق. وتتمتع بعض أعراف حقوق الإنسان الأساسية بحماية عالمية بواسطة القانون الدولي العرفي.
وحقوق الإنسان غير قابلة للتصرف، بما يعني أنه لا يمكن سلبها كونها مرتبطة بحقيقة الوجود البشري، فهي ملازمة لجميع البشر، ولا يجب أبدًا حرمان أي شخص منها، إلا في حالات محددة ووفقًا للإجراءات القانونية الواجبة. فعلى سبيل المثال، إذا أدين شخص ما بارتكاب جريمة فيمكن أن تسلب حريته أو في حالات الطوارئ الوطنية قد تقوم الحكومة بالحد من بعض الحقوق كفرض حظر التجول وتقييد حرية الحركة.
وجميع حقوق الإنسان غير قابلة للتجزئة، سواء كانت حقوقاً مدنية وسياسية، مثل الحق في الحياة، وفي المساواة أمام القانون وفي حرية التعبير؛ أو اقتصادية واجتماعية وثقافية، مثل الحق في العمل والضمان الاجتماعي والتعليم؛ أو حقوقاً جماعية مثل الحق في التنمية وفي تقرير المصير، فهي حقوق غير قابلة للتجزئة ومترابطة ومتآزرة، بما يعني أنه لا يمكن أن نتمتّع بمجموعة واحدة من الحقوق بشكل كامل من دون المجموعة الأخرى. فعلى سبيل المثال، يسهّل التقدم المحرّز في مجال الحقوق المدنية والسياسية ممارسة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وفي مقابل ذلك، قد ينعكس انتهاك الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية سلباً على العديد من الحقوق الأخرى.
وحقوق الانسان هي حقوق عامة أو مطلقة. وهذا المبدأ مفاده أنه يجب الاعتراف بهذه الحقوق لكل إنسان على وجه الإطلاق وفي جميع الأحوال. لا يجب تقييد هذه الحقوق إلا في إطار حالة الضرورة التي تسوغه وبشرط أن لا يؤدي ذلك إلى انتهاك كبير للحقوق. في بعض الحالات، يمكن لحقوق الإنسان أن تتضارب مع بعضها أو مع قيم ومصالح أخرى. عند وجود مثل هذا التضارب يجب البحث عن التوازن الذي يضمن بأن يكون تقييد هذه الحقوق بمقدار وزمان مقبولين .
وحقوق الإنسان في حالة تطور مستمر، فبما أن حقوق الإنسان مرتبطة بالإنسان بصفته إنساناً، فإن حاجة الإنسان وارتفاع مستواه المادي والروحي في حالة تطور مستمر يستوجب معه تطوير الحقوق وأنواعها، إضافة لتوسيع محتواها لتتضمن دوائر جديدة.
وعدم التمييز مبدأ شامل في القانون الدولي لحقوق الإنسان. والمبدأ موجود في جميع الاتفاقيات الأساسية لحقوق الإنسان، ويوفر الموضوع الرئيسي لها مثل الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، والاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة.
وينطبق المبدأ على كل شخص فيما يتعلق بجميع حقوق الإنسان والحريات، ويحظر التمييز على أساس قائمة من الفئات غير الحصرية مثل الجنس والعرق واللون وما إلى ذلك. ويُستكمل مبدأ عدم التمييز بمبدأ المساواة، على النحو المذكور في المادة ١ من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان: يولد جميع الناس أحراراً متساوين في الكرامة والحقوق.
وتنطوي حقوق الإنسان على حقوق والتزامات على حد سواء. وتتحمل الدول بالتزامات وواجبات بموجب القانون الدولي باحترام حقوق الإنسان وحمايتها والوفاء بها. ويعني الالتزام بالاحترام أنه يتوجب على الدول أن تمتنع عن التدخل في التمتع بحقوق الإنسان أو تقليص هذا التمتع. والالتزام بحماية حقوق الإنسان يتطلب من الدول أن تحمي الأفراد والجماعات من انتهاكات حقوق الإنسان. والالتزام بالوفاء بحقوق الإنسان يعني أنه يتوجب على الدول أن تتخذ إجراءات إيجابية لتيسير التمتع بحقوق الإنسان الأساسية. وفيما يحق لنا الحصول على حقوقنا الإنسانية، فإنه ينبغي لنا أيضاً، على المستوى الفردي، أن نحترم حقوق الإنسان الخاصة بالآخرين.

المصدر: الجزيرة